تغير المشهد السياسي بالانتخابات يثير مخاوف خبراء هولندا

سحر رمزي

رؤية – سحر رمزي

أمستردام – اعترف رجال السياسة الهولندية أن هناك تغيرا في المشهد السياسي في البلاد يثير المخاوف، وأن انتخابات المجالس المحلية أوضحت ذلك تماما، حيث أوصلت صناديق الاقتراع أحزاب إلى القمة وأخرى أنزلتها إلى ما يقرب من القاع، ومنها حزب العمل، الذي خسر مقاعد في مختلف المدن الهولندية وصلت نسبة التصويت له إلى 7.3%، وقد كانت النسبة في الانتخابات الماضية 10.3% والبعض أكد أنه فقد المصداقية، عندما تلاعب بمصالح  المهاجرين والطبقة المتوسطة بشكل عام.. ولم يحقق وعوده، ولم يتصد للتصريحات المعادية من قبل اليميني المتطرف.

وبذلك فقد الورقة الرابحة له على مدار سنوات، وقد استغل ذلك حزب دينك المعروف بالحزب التركي الهولندي، وحاول التسويق لنفسه جيدا مع الجماعات الإسلامية وبين المغاربة والأتراك عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي والنزول للمساجد والمدارس الإسلامية، وبالفعل استطاع أن يفوز في الانتخابات البرلمانية الماضية بــ3 مقاعد في أول جولة انتخابية له، و طوق ذلك بالمحليات حيث نجح في الوصول إلى 13 مجلسا محليا بالبلديات الرئيسية للمدن الهولندية الكبيرة، وحقق بين مقعد و مقعدين إلى 4 وذلك لأن دينك لعب على مشاعر أبناء الجاليات الإسلامية والعربية من الذين يشعرون بأنهم  مهمشين وراح يكيل لهم الوعود ويظهر بالمدافع عن الإسلام والمسلمين وحقوقهم في هولندا، وذلك لا ينفي أن هناك أحزابا صعدت في الانتخابات المحلية وأخري تقهقرت للخلف وكل هذا أربك رجال السياسة باعتبار أن النتائج مؤشر يظهر التغيرات في الشارع الهولندي ونظرته للأحزاب بشكل عام وفي هذا التقرير نوضح بعض الآراء حول صعود حزب دينك التركي شبيه حزب فيلدرز، ولما أطلق عليه الإعلام الغربي هذا الاسم.

الإعلام الهولندي يشرح وصول دينك للحركة السياسية 

شارك دينك كوافد جديد في أربع عشرة بلدية وحصل على مقاعد في 13 بلدية ماعدا مدينة الكمار، حيث حصل (4) قاعد في روتردام وشيدام (4)، وأمستردام (3)، وأرنم (2)، وإنشيده (1)، وغيرهم. كيف يمكن تفسير نجاح هذه الحركة السياسية، كما يطلق الحزب نفسه؟ 

يرى البعض أن الحزب يعالج مشاكل مجموعة معينة من سكان هولندا لم تعد تعترف بهم أحزاب أخرى وهم المهمشين من الأجانب في هولندا.

ويرى فلوريس فيرميولين، خبير سياسي، أن دينك أثبت بفوزه بهذه المقاعد أن هناك مجموعات من الناس في جميع أنحاء هولندا، لا تجد من يتحدث باسمها، وتحتاج مكانا في المجتمع. البعض يعتقد أن الناخبين من الأحزاب الأخرى يرون هذا أيضًا. ولكنه غير صحيح واستند إلى قول امرأة من شيدام في راديو نيوز آند كو.

أن هذا الحزب يدافع عن مجموعة لم تسمع بها حتى الآن. ويعبر شعار دينك عن هذا الشعور، كما تقول: “هولندا ملك لنا جميعًا”.

يقول فلوريس فيرميولين، المحاضر الأقدم في العلوم السياسية بجامعة أمستردام: “أعتقد أنه يملأ فجوة”. “يتناول الحزب مجموعة محددة لم تعد تجد نفسها في أحزاب أخرى”.

من الأحزاب التقليدية، وأن ناخبي دينك هم في الغالب أناس من أصول تركية ومن أصل مغربي غالبًا ما صوتوا لصالح حزب آخر في الانتخابات السابقة.

فيرميولين: يرى اختيار دينك لمدن محددة بانه فكر بعناية عن أي أحزاب أخرى.

 ومن الذكاء أنه قد اختار على أساس النتائج في الانتخابات البرلمانية الماضية، حيث البلديات التي لدى الحزب دائرة انتخابية كبيرة بها.

كما أكد فيرميولين، “تشمل القائمة أيضا المرشحين الذين لديهم خلفية تركية، وهذا هو السبب في أن الحضور في هذه المجموعة مرتفع للغاية”. في أمستردام، كانت نسبة المشاركة في المجموعة أعلى بحوالي 10 بالمائة مما كانت عليه في انتخابات المجالس السابقة، وفقاً لبحث أجره فيرميولين.

يقول جوسيه دي فوغد، أستاذ في جامعة تيلبورغ: ” تحول العديد من حزب العمل الي حزب دينك “.

وأكد جوسيه دي فوغد أن حزب دي 66 وحزب العمل لم يتخذ أي منهما موقف ضد تصريحات وافعال حزب فيلدرز الذي يمارس عنصريه ضد المسلمين بشكل مستمر وبتصريحات تثير الغضب، “الشعبوية  في تزايد، لكن الأحزاب لا تزال تصم الآذان للديمقراطيين الاجتماعيين”.

وأوضح دي فوغد، أنه أصبح من الواضح أن الناخبين الذين اعتادوا اختيار حزب تقليدي من وقت لآخر، توجهوا الآن إلى صندوق دينك أو حزب بديل آخر.

وعن اختيار بلديات محددة يقول دي فوغد: “يبدو أن هذا كان خيارًا استراتيجيًا جيدًا”. في البلديات حيث فاز الحزب بالعديد من الأصوات، حيث يعيش مجتمع تركي كبير. لقد حققوا أكبر مساهمة في نجاح دينك،

كيف يكسب دينك قلوب المسلمين؟

قدم حزب “دينك” الهولندي (أسسه مواطنون من أصول تركية في هولندا)، سؤالًا خطيًا إلى وزارة العدل والأمن بخصوص تعرض سيدة مسلمة محجبة من أصول مغربية وأبنائها إلى اعتداء عنصري

وقال بيان صادر عن الحزب: إنه تم تقديم سؤال خطي إلى الوزارة، على خلفية وقوع اعتداء عنصري بمدينة “الكمار” ضد سيدة مسلمة (43 عامًا)، دون تفاصيل.

فيما قال النائب في البرلمان الهولندي عن حزب دينك “فريد أزاركان” -لوكالة “الأناضول”- إنه ينبغي أن يتمكن كل من يعيش في هولندا من الخروج إلى الأزقة والشوارع بشكل آمن، وعلى البرلمان الهولندي أن يشدد محاربته للعنصرية والتمييز.

وأضاف: من المؤسف أن أحداث الكراهية ضد المسلمين تتزايد بمرور الوقت، وهذا يُظهر زيادة المواقف العدوانية ضد المسلمين في المجتمع.

 ونُشر تسجيل مصور، يُظهر إلقاء أشخاص مجهولين القاذورات على سيدة مسلمة محجبة من أصول مغربية وأطفالها، وهم يرددون “اللعنة على المسلمين”، في اعتداء عنصري جديد ضد المسلمين في هولندا.

الإعلام الألماني شبهات شعبوية تحيط بحزب المهاجرين “دينك” الهولندي تحت هذا العنوان كتبت الألمانية في حديث سابق DW، ضمن حزب “دينك” -الذي يقوده أتراك هولنديون-  أول نجاح انتخابي له بالحصول على ثلاثة مقاعد في البرلمان الجديد. ويسود جدل حول هوية هذا الحزب الجديد وموقعه في المشهد السياسي الهولندي في ظل تنامي المد الشعبوي المعادي للأجانب.

 غير أن فريد أزرقان القيادي في “دينك” نفى جملة وتفصيلا هذا الأمر في حوار معه بقوله “حزب “دِينْك” ليس حزباً إسلامياً بل حزبا لكل الشعب الهولندي، إنه ليس حزباً إسلامياً بالتأكيد”.

حزب أقليات لمحاربة العنصرية؟

وفي حوار مع وكالات انباء المانية يرى المحلل السياسي الهولندي بيرتوس هيندريكس أن “حزب دينك لا يعتبر نفسه إسلاميا ولكن حزبا لأقليات ترى أن مصالحها لم تعد ممثلة من قبل الأحزاب التقليدية. إن الحزب ليس إسلاميا والدليل أن من بين أعضائه سيدة غير مسلمة من سورينام (المستعمرة الهولندية السابقة)”. ويسعى الحزب لمحاربة ما يسميه بـ”العنصرية المؤسساتية” بإنشاء سجل وطني للتصريحات العنصرية، في إشارة واضحة إلى الزعيم الشعبوي خِيرت فيلدرز. وأوضح الحزب أن هدفه هو “التسامح والرد على الكراهية بالقبول المتبادل.

ويضع الحزب الاندماج في مقدمة أولوياته، وبهذا الصدد أوضح  فريد أزرقان قائلا: “توجد نقاشات عديدة عن الاندماج. وقد قام معهد التخطيط الاجتماعي الهولندي بنشر نتائج تحليلاته مشيراً إلى نتائج جيدة فيما يتعلق بالاندماج. لكن نقاشات الاندماج يتم إساءة استخدامها من قبل سياسيي اليمين المتطرف للتأثير بشكل غير عادل على الناس”. ويسعى الحزب كذلك لتعويض مفهوم “الاندماج” بمفهوم أوسع وهو “القبول المتبادل”.

خبراء السياسة الهولندية حزبي “دينك” و”الحرية” متشابهان في العنصرية!!

يرى بعض المراقبين من السياسيين في هولندا تشابها في نشأة وآليات عمل حزب “الحرية” الذي يتزعمه خيرت فيلدرز وحزب “دينك”، حيث يتهم الإعلام الهولندي الحزبين بالعمل على خلق استقطابات في المجتمع الهولندي. وكما “الحرية” فإن “دينك” يهاجم وسائل الإعلام ولا يتردد في استعمال عبارات استفزازية أحيانا لإثارة انتباه الرأي العام. كما أن الحزب لا يتردد في مواجهة خصومه وبعث رسائل قوية، كما فعل أحد مؤسسي الحزب حينما رفض أمام الكاميرات السلام على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

غير أن استعمال “دينك لبعض الأساليب الشعبوية لا يعني بالضرورة أنه أصبح شعبويا. وبهذا الصدد يوضح هيندريكس قائلا: “لاحظت في أول تصريح لزعيم حزب دينك (أمام مناصريه بعد الانتخابات)، أنه ركز كثيرا على موضوعات هولندية وطنية محضة تتعلق بالاندماج. وقال ما معناه: نحن هنا لضمان أن تكون هولندا لنا جميعا”. ويرى الخبير الهولندي أن تصريحات الحزب الرسمية لحد الآن معقولة ومقبولة من الناحية السياسية ولكن يجب انتظار ما سيقوم به عمليا في المستقبل.

مخاوف من تأثير أر دوغان!

من بين أهم الانتقادات التي توجهها الصحافة الهولندية لـ”دينك” تلك التي تتهمه بكونه أداة في يد الرئيس التركي طيب رجب أر دوغان، خصوصا بعدما صوت ضد توصية في البرلمان الهولندي حول الإبادة الجماعية في حق الأرمن.

ومثلاً هنا يصف أحد مستخدمي توتير باللغة الألمانية حزب “دينك” الذي حاز على 7.5% من الأصوات الانتخابية بأنه حزب أر دوغان ويعارض إعطاء حق الانتخاب للأجانب في الولايات الألماني.

لكن الحزب يرى أن تلك المأساة يحزن لها الأتراك كما الأرمن على حد سواء. ودعا الحزب إلى تحقيق دولي مستقل في تلك المأساة، مؤكدا أنه ليس هناك إجماع حول ما إذا كان الأمر يتعلق بإبادة جماعية.

وبهذا الصدد يوضح هيندريكس أن “الأزمة التي اندلعت بين الحكومة الهولندية وأردوغان ساهمت في ترسيخ فكرة لدى الكثير من الناس، وهي أن هناك ولاءً مزدوجاً لدى الهولنديين من أصول أجنبية”. غير فريد أزرقان نفى بقوة أي تأثير خارجي على الحزب “أنا عضو في هذا الحزب منذ عام كامل تقريباً. ولم أرَ أي مؤشر على أي تأثير من غير أعضائنا في هولندا. وقد أكدنا كحزب في البرلمان لبقية الأحزاب الهولندية بأننا لا نقبل أي دعم مالي أجنبي وقد تفاجأنا للغاية أن كل الأحزاب الهولندية الأخرى صوتت ضد ذلك، ولا أعرف سبب ذلك”.

الأزمة بين الحكومة الهولندية وأردوغان أججت الشكوك حول ولاء الهولنديين من أصل تركي

من جهته أكد الخبير الهولندي بيرتوس هيندريكس أن “أردوغان سيحاول التأثير على هذا النوع من الأحزاب، وهو الذي دعا، بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة، الأتراك المقيمين في هولندا للوشاية بالمنتمين لحركة غولِن (…) ولكن لا يمكن التنبؤ بما إذا كان سينجح في ذلك”. ثم إن هناك اختلافات كبيرة في انتماءات الأتراك المقيمين في هولندا، يضيف هيندريكس، هناك منهم من يرفض الاعتماد على الأساس العرقي (..) وهناك أتراك من العلويين ومن الأكراد مثلا لا يناصرون أردوغان، لأن رفاقهم في تركيا يتعرضون للاضطهاد، وبالتالي لا يجب تصور أن كل الأتراك في هولندا يناصرون أردوغان”.

الأناضول: يصف دينك بالحزب السياسي التركي الهولندي

عقب الخلاف الدبلوماسي بين أنقرة وأمستردام، كتبت وكالة الاناضول التركية أنباءً جيدة لحزب سياسي تركي هولندي جديد، حيث فاز بثلاث مقاعد في البرلمان الهولندي في أول انتخابات يخوضها.

وفي حديث لوكالة الأناضول بعد الانتخابات، قال زعيم الحزب كوزو: إن الهمّ الرئيسي للحزب هو مواجهة السياسيين على شاكلة رئيس الوزراء مارك روتا والزعيم اليميني المتطرف خيرت فيلدرز وأتباعهم، مضيفًا أن هؤلاء يدعمون صعود العنصرية و الإسلاموفوبيا.

من جهته، صرح كوزو بأنه كان عاقد العزم على فتح أرضية سياسية جديدة، مضيفًا أن الأقليات من خلفيات عرقية مختلفة أظهروا عدم تسامحهم مع الوضع في هولندا من خلال التصويت لحزبنا.

وأضاف: “لقد أرسلوا رسائل إلى السلطات الهولندية مفادها: فكّروا من أين نحن وأين نحن ذاهبون”. وقال إنّه عمل بجد خلال الحملات الانتخابية، مضيفًا: “لقد زرنا حوالي 150 مدينة في هولندا، وأبلغنا رسالتنا للناس”.

ودعا كوزو إلى الموازنة في محبة هولندا وتركيا بالنسبة للهولنديين الأتراك بقوله: “علينا أن نحب هولندا بقدر محبتنا لوطننا الأم تركيا. لقد أبلغنا الجميع كيف يجب أن نحارب العنصرية سوية. ونتيجة لذلك، حصل الناخبون على الرسالة وفضلوا التصويت لحزب “دينك”.

حزب دينك التركي ضد مصر

أظهر الحزب عداء للدولة المصرية منذ وصوله للبرلمان الهولندي، وذلك بتناوله الحديث عن الشأن الداخلي المصري بالأكاذيب محاولة لتشويه صورة مصر، وذلك لأنه يمثل الرئيس التركي أردوغان داخل البرلمان ويدافع عن حقوقه من جهة، ومن جهة أخرى ليثبت الولاء لجماعة الاخوان المسلمين التي تقف خلفه وتسانده.  

ربما يعجبك أيضا