انتفاضة الأحواز.. الشوكة الأكبر في حلق النظام الإيراني

دعاء عبدالنبي

كتبت – دعاء عبد النبي

رغم القمع والتعتيم لانتهاكات النظام الإيراني بحق معارضيه طيلة عقود، لم يأبه الأحوازيون وخرجوا بالآلاف مُنددين بممارسات النظام ومحاولاته لطمس هوياتهم العربية، مُعلنين حراكًا ثوريًا لن يتوقف إلا برحيله، وسط مناشدات للمجتمع الدولي لحمايتهم والوقوف معهم ضد ألة القمع الإيرانية.

انتفاضة الأحواز

شهدت مدينة الأحواز -العاصمة مركز إقليم عربستان جنوبي غرب إيران- مظاهرات حاشدة تراوحت ما بين 20 إلى 30 ألف مُحتج للمطالبة برحيل النظام الإيراني، احتجاجًا على ارتكاب النظام الإيراني العديد من الجرائم بحق الأحوازيين من قتل، واعتقالات، وسرقة ثروات الوطن، ومحاولات التهجير القسري، لإحلال مستوطنين فرس، وطمس هويتهم العربية.

وتضامنًا مع الاحتجاجات، أرسلت حركة النضال العربي لتحرير الأحواز، مقاطع فيديو تردد أغاني وطنية وهتافات للعرب الأحوازيين، الذين خرجوا بالآلاف ضد قمع وانتهاكات النظام الإيراني بحقهم، مُطالبين برحيله.

تأتي الاحتجاجات الأحوازية، بعد الإساءة التي ارتكبتها السلطات الإيرانية ضد أبناء الأحواز، والتي تمثلت في قيام محطتين رسميتين تابعتين للتليفزيون الإيراني، ببث مواد تنال من الهوية العربية الأحوازية وتعمل على طمسها، إلى جانب قيامها بقتل المواطن الأحوازي “علي قاسم الساري”، داخل محبسه بسجن شيبان، وهدم بيوت الأحوازيين على رؤوسهم في منطقة “الزوية”، وانتهاك خصوصية المواطنين الأحواز عبر مئات المستوطنين بذريعة الاحتفال بعيد “النيروز” في مدينة معشور وعبادان، بحسب بيان الحركة.

وتعد احتجاجات الأحواز التي بدأت منذ أيام من أضخم الحركات الاحتجاجية التي قام بها الأحوازيون منذ انتفاضة عام 2005، والتي امتدت لمدن جنوبي إيران.

مطالب حقوقية

وفي سياق احتجاجهم، طالب المتظاهرون بحقهم في تعليم أطفالهم اللغة العربية، والعمل في المؤسسات البترولية الضخمة في مدنهم، التي تحرم السلطات عليهم العمل فيها، كما رفعوا شعارات تطالب بوقف حملات القمع الأمني والتعذيب للمعتقلين الذين يعدون بالمئات في سجون نظام ولاية الفقيه.

هذه التظاهرات ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، ولكنها تشكل نقلة نوعية في حجم وأسلوب الاحتجاجات، بعدما تصاعدت بقوة حركة الشارع، فضلًا عن استغلال المتظاهرين الليل لتكثيف نشاطاتهم في محاولة لإخفاء وجوه المشاركين تحاشيًا لمزيد من الاعتقالات، ما يدل على كسر حاجز الخوف الذي كان يسيطر على الأحوازيين على مدى السنوات الماضية بسبب القمع والاعتقالات والإعدامات العلنية.

واللافت أيضًا، المشاركة النسائية الكثيفة خلال مظاهرة الأحواز ضد العنصرية، وكن يهتفن بهتافات قومية إنسانية تستنكر تصرفات الإعلام: “أنا أحوازي ما أقبل إهانة”.

ومع محاولات التعتيم الإعلامي والقمع الوحشي الذي يمارسه النظام الإيراني، طالب الدكتور عارف الكعبي اللجنة التنفيذية لمشروع إعادة الشرعية لدولة الأحواز العربية، الدول الخليجية والعربية والمؤسسات العربية الدولية من جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي ومنظمة الدول الإسلامية وجميع المؤسسات الدولية بالوقوف مع الشعب الأحوازي في الأحداث الجارية التي وصفها بـ”الحراك الثوري”، واتخاذ كافة الأجراءات لتوفير الحماية الدولية له والسماح للمنظمات الحقوقية والإنسانية والإعلامية لنقل ورصد كل ما يحدث للشعب الأحوازي.

تأتي احتجاجات الأحواز، بعد شهور قليلة من الاحتجاجات التي شهدها الشارع الإيراني منذ ديسمبر الماضي من مختلف فئات الشعب الإيراني، وذلك بسبب تدهور الظروف المعيشية وارتفاع معدلات البطالة والتضخم، وكذلك الممارسات القمعية والتضييق على الحريات.

قمع إيراني

وكعادة الألة القمعية الإيرانية، ردًّا على خروج التظاهرات قامت قوات الأمن بإطلاق عشرات الأعيرة النارية، والقنابل المسيلة للدموع في محاولة لتفريق المحتجين الذين ظلوا صامدين.

ومع اتساع رقعة الاحتجاجات عجزت قوات الأمن الإيرانية عن السيطرة عليها، وسط عمليات حشد للقوى الأمنية ضد المتظاهرين بالعصي والهراوات والقنابل المسيلة للدموع والذخيرة الحية.

ورغم خروج المظاهرات من مناطق مختلفة، قامت قوات الأمن باعتقال العشرات من الأحوازيين بينهم نساء، ممن خرجوا مُطالبين بالحقوق القومية لعرب الأحواز ووقف حملات القمع الأمني والتعذيب، بحسب منظمة حقوق الإنسان الأحوازية.

ومع استمرار المظاهرات والاحتجاجات، قرر النظام الإيراني بوقف استخدام تطبيق “تلجرام” للتراسل الفوري لدواع أمنية، كما دفعت الشرطة والحرس الثوري بمئات العربات العسكرية والدراجات النارية لمُسلحيها لمناطق الاحتجاجات لترهيب المواطنين وتخويفهم.

ورغم تأجُج الاحتجاجات، لم يصدر تعليق رسمي من قبل السلطات الإيرانية حيال ما تبثه البرامج التليفزيونية من ممارسات عنصرية ضد الأحواز، لتؤكد سياسات التغيير الديموجرافي التي تتخدها الحكومة المركزية الإيرانية ضمن محاولتها تغيير التركيبة السكانية لصالح القوميات المُهاجرة وترحيل السكان الأصليين عرب الأحواز من موطنهم وأراضيهم عن طريق سياسات الفقر والتهميش والإقصاء والبطالة والحرمان.

احتجاجات الأحواز التي تعود من وقت لآخر، تبرز إرباك السياسة الإيرانية في التعامل أزمة التمييز التي اختلقتها ضد الأحواز، فضلًا عن تجاهلها المُستمر ليجعل من حراك الأحواز الشوكة الأكبر في حلق النظام الإيراني إذا لم يتمكن من معالجتها.
 

ربما يعجبك أيضا