“الأحواز” تنتفض من جديد ضد القمع الإيراني

سحر رمزي

رؤية – سحر رمزي

أمستردام – تشهد “الأحواز” العربية في إيران انتفاضة شعبية قوية ومن جديد، ضد القمع والحرق، والقتل الوحشي والتعذيب والتمييز العنصري الذي تمارسه السلطات الإيرانية بحقهم، وتجاهل أدنى حقوقهم المعيشية والخدمية.

أفادت مصادر موقع المقاومة الوطنية الأحوازية “أحوازنا” أن الانتفاضة الشعبية قد عمّت العديد من المدن الأحوازية في شمال القطر المحتل أبرزها مدينة عبادان، تُستَر، الحميدية، رامز، مشعور، شيبان، الكورة، كوت عبد الله.

وخرج الآلاف من المواطنين الأحوازيين في إنتفاضة شعبية إحتجاجاً على سياسات التهجير القسري والإستيطان وسلب الأراضي وتجفيف الأنهر الأحوازية والسياسات العنصرية التي يمارسها الاحتلال بحق الشعب الأحوازي الأعزل. كما رفع المتظاهرون هتافات وطنية مثل “بالروح بالدم نفديك يا أحواز” و”الأحواز حرة حرة والعجمي يطلع برة” استنكاراً لعملية جلب المستوطنين الفرس لتغيير التركيبة السكانية في الأحواز لصالح القادمين الجدُد.

وانطلقت الانتفاضة الشعبية يوم الثلاثاء الماضي احتجاجاً على إساءة التلفزيون الرسمي لدولة الاحتلال الفارسي للشعب العربي الأحوازي العريق.

وقوبلت الانتفاضة الشعبية بالحديد والنار إذ أطلقت قوات مكافحة الشغب الرصاص الحي على المتظاهرين العُزل، كما شنّت سلطات الاحتلال حملة اعتقالات عشوائية طالت العديد من المواطنين الأحوازيين أبرزهم عائشة (نضال) حسن البالغة من العمر 19 عاماً، الناشطة خديجة صدام، الناشط خالد المهاوي ومحمود بيت صياح على خلفية مشاركتهم في مظاهرة شعبية في مركز العاصمة الأحوازية.

وكثّفت قوات الاحتلال الفارسي من انتشار قواتها في معظم أرجاء القطر المحتل ووضعت العديد من السيطرة الأمنية الثابتة والمتحركة في محاولة لبسط سيطرتها على الحراك الشعبي المستمر والحيلولة دون تحوله إلى اشتباكات مسجلة مع مجموعات المقاومة الوطنية الأحوازية.

وفقًا لمقاطع بثها ناشطون “أحوازيون” على مواقع التواصل، فقد انطلقت – على مدار الأيام الماضية مظاهرات عديدة واحتجاجات واسعة في الأحواز ضد السلطات الإيرانية، والتي بدورها قابلت الاحتجاجات بقمع شديد، أدى لاعتقال وإصابة عشرات المتظاهرين.

وبين فترة وأخرى، يطلق عرب الأحواز احتجاجات ضد النظام الإيراني، الذي يتهمونه بقمعهم، وبالتضييق الشديد على حقوقهم وحرياتهم الفردية والثقافية، وبالتعامل معهم بعنف

وتتراوح احتجاجات الأحوازيين بين تظاهرات خاصة يطالبون فيها بوقف أنواع من التمييز التي تستهدفهم بشكل خاص، وبين مسيرات تواكب تحركات الإيرانيين من قوميات ومناطق مختلفة، وبين اعتراضات على ما يعتبرونه “عنصرية رسمية ضد العرب”، مثل إساءات القنوات الرسمية لهم، أو إنكارها لتاريخهم وحضورهم.

وجاءت الاحتجاجات الأحوازية الأخيرة، تنديدًا ببرنامج تليفزيوني مهين لعرب الأحواز، حيث تجمع الآلاف أمام مبنى هيئة الإذاعة والتليفزيون الإيرانية في الأحواز، وطالبوا بتقديم اعتذار للشعب العربي الأحوازي.

وتحديدًا، فقد اندلعت الاحتجاجات بسبب برنامج تليفزيوني خاص للأطفال تحت عنوان “كلاه قرمزي”، بثته القناة التليفزيونية الثانية الرسمية، بمناسبة أعياد رأس السنة الإيرانية �النوروز�، تضمن فقرة استعراضية دعائية تتجاهل الوجود العربي بشكل كامل في منطقة الأحواز، ذات الأغلبية السكانية العربية.

ثم تطورت المظاهرات لتشمل رفع شعارات تستنكر الاضطهاد القومي والتمييز العنصري وسياسات التغيير الديمغرافي في الإقليم، ومحاولة السلطات إسكان المهاجرين وإعطاءهم كافة المناصب والسلطات على حساب تهميش العرب، وتحويلهم من أكثرية إلى أقلية في موطنهم حسب مواقع عربية.

وفي السياق، ذكرت منظمة حقوق الإنسان الأحوازية، أن دعوات أطلقها ناشطون أحوازيون للاحتجاج في كل من الأحواز والمحمرة وعبادان والفلاحية والخفاجية ومعشور وباقي المدن العربية.

قضية الأحواز

وارتبط مصير الأحواز ارتباطًا وثيقًا باكتشاف النفط، وكان بئر النفط الذي حفر في مدينة “مسجد سليمان” عام 1908، أول آبار النفط في منطقة الشرق الأوسط، وتأسست للنفط أول وأضخم مصفاة له في الشرق الأوسط في “عبدان” عام 1913.

ويمثل نفط الأحواز شريان الحياة الأساسي والأهم لإيران؛ إذ يصدر الإقليم قرابة 80% من نفط إيران وغازها الطبيعي.

وبالإضافة لأنهار باطن الأرض، يعد الإقليم أكبر مسطح سهلي خصب في إيران؛ إذ تجري خلاله أنهار كبيرة كنهر كارون، الذي يستخدم أيضًا لعبور السفن القادمة من الموانئ الواقعة على شواطئ الإقليم، وتعد هذه الموانئ أهم موانئ إيران وأكبرها إذا ما قورنت ببقية الموانئ الإيرانية.

ورقة الأقليات العرقية

وتقوم إيران على عدد من الأقليات العرقية التي تشكل نصف سكانها فيما يمثل العنصر الفارسي النصف الآخر، غير أن الأخير يسيطر على القرار السياسي والثروات الاقتصادية في البلاد، الأمر الذي يخلق لدى أغلب هذه القوميات حالة من الحنق والاستياء تدفعهم للتظاهر.

ولا توجد إحصاءات دقيقة حول العرقيات في إيران، غير أن جميع العرقيات باستثناء الفرس الموجودين في قلب إيران، تمثل قوميات لها امتداد خارجي وتنتشر في المناطق الحدودية.

فينتشر الأكراد، ومعظمهم سنّة في الشمال الغربي من إيران ولهم امتداد في تركيا والعراق وسوريا وما زال يراودهم حلم الاستقلال، وهم يشكون من إجبارهم على تعليم الفارسية والتخلي عن لغتهم القومية وعدم تعيينهم في المناصب الحكومية.

وينتشر البلوش في المناطق الحدودية مع باكستان وأفغانستان وهم سنّة ونسب التعليم في أوساطهم متدنية للغاية ويشعرون بالاضطهاد، بسبب ما يرون أنه محاولة لتذويب هويتهم وحرمانهم من ثقافتهم واستخدام لغتهم الخاصة.

هذا الواقع دفع بكثيرين منهم إلى تبني المقاومة المسلحة التي يقودها حاليًا جيش العدل، ومطالبهم تتلخص في إقامة فيدرالية، ودخلوا في صراع شديد مع النظام الإيراني، وتعرض كثيرون من قادتهم للإعدام والاعتقال.
 

ربما يعجبك أيضا