قمة أنقرة.. تحالف قوى الظلام لتأمين المصالح في سوريا

كتب – حسام عيد

في وقت تسعى فيه القوى الخارجية المسيطرة على سوريا، روسيا وتركيا وإيران، لتأمين مصالحها هناك، احتضنت العاصمة التركية أنقرة قمة ثلاثية، اليوم الأربعاء، الموافق 4 أبريل الجاري، بين فلاديمير بوتين ورجب طيب أردوغان وحسن روحاني.

وتتطلع أنقرة وموسكو وطهران إلى الاستفادة من ضعف النفوذ الغربي في سوريا والتردد في الالتزام عسكريًا. فقبل ساعات من القمة الثلاثية في أنقرة، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رغبته في سحب قوات بلاده من سوريا، مؤكدا أنه سيتم اتخاذ قرار “في وقت قريب جدا”.

تسوية الخلافات

عقدت القمة الثلاثية في أنقرة من أجل مواصلة البحث عن تسوية الخلافات بين الأطراف المتصارعة في سوريا بعد عدة مفاوضات ومباحثات لم تنهِ أي منها الحرب بسبب عدم التزام الأطراف بالبنود المتفق عليها.

ففي مفاوضات أستانة، خرجت تركيا وروسيا باتفاق حول مناطق خفض التصعيد في سوريا، تشمل إدلب وأجزاء من حلب واللاذقية وحمص والغوطة في ريف دمشق.

لكن على أرض الواقع، لم يكن هناك وقفاً لإطلاق النار. فكانت محادثات سوتشي التي عقدت في نوفمبر 2017. والتي ظهرت بعض نتائجها في مارس 2018 من خلال الاجتياح التركي لمدينة عفرين والسيطرة عليها.

وتهدف قمة أنقرة إلى إعادة تنظيم مناطق النفوذ في سوريا وإعادة التفاوض حولها والتفكير في مستقبل شمال سوريا بعد الانسحاب الأمريكي.

مطامع أردوغان

قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خلال القمة الثلاثية، إن الشعب السوري هو الطرف الخاسر من الأزمة والاشتباكات الدائرة في بلاده، مشيرًا إلى أن الطرف الرابح معروف من قبل الجميع.

ورغم مطامعه الاستعمارية في المنطقة وحلمه بإحياء الإمبراطورية العثمانية، والتي تكشفت في الفترة الأخيرة بشن هجوم عدواني على مدينة عفرين شمالي سوريا بذريعة محاربة الإرهاب والقضاء على وحدات حماية الشعب الكردية والتي يعتبرها ذراع حزب العمال الكردستاني، زعم أن الهدف من القمة الثلاثية، هو إعادة إنشاء وإحياء سوريا يسودها السلام في أقرب وقت، وإنارة درب المرحلة القادمة، قائلا: “لن نسمح بأن يخيّم الظلام والسوداوية على مستقبل سوريا والمنطقة، نتيجة تسلّط عدد من التنظيمات الإرهابية”.

وأضاف أردوغان أنه سيعمل مع روسيا وإيران على جعل تل رفعت، منطقة مؤهلة كي يعيش فيها السوريين، في إشارة منه إلى موافقة ضمنية بدخول القوات التركية للمدينة السورية التي يسيطر عليها الأكراد، ومواصلة الحملات العسكرية.

وفي غطرسة فجة، تناسى أردوغان ما فعلته قواته في عفرين، وشدد على ضرورة الإسراع في التوصل إلى تسوية للأزمة السورية، مشيرا إلى وجوب عدم إضاعة الوقت “لأن الناس يموتون هناك”.

روحاني “معول الإرهاب” يدعو للحل السياسي

وفي مفارقة غريبة، شدد الرئيس الإيراني حسن روحاني على أن النزاع في سوريا لن يحل عسكريا قائلا: “هذه الأزمة يجب حلها بطرق سياسية فقط. وعلينا أن نبذل جهودا من أجل إنهاء الحرب في سوريا، ومواصلة عملية السلام والقيام بكل ما في وسعنا من أجل عودة اللاجئين إلى منازلهم”، على الرغم من أن العالم أجمع يعلم أن إيران السبب الرئيسي وراء استمرار الصراع في سوريا وتغذية الحرب هناك عبر ميليشياتها الإرهابية.

وتابع روحاني، “الوضع الإنساني في سوريا مأساوي، ولذلك علينا أن نساعد الشعب السوري كي يعيش في الأمان”.

فيما طالب الرئيس الإيراني رئيسي روسيا وتركيا، بضرورة تسليم السيطرة على منطقة عفرين التي سيطرت عليها القوات التركية وحلفاؤها من السوريين إلى الجيش السوري.

إعادة الإعمار ذريعة للبقاء

من جانبه، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن القمة الثلاثية الروسية التركية الإيرانية حول سوريا في أنقرة اتفقت على توحيد الجهود لإعادة إعمار سوريا بعد انتهاء النزاع.

وقال بوتين خلال المؤتمر الصحفي المشترك مع نظيريه التركي رجب طيب أردوغان والإيراني حسن روحاني، في ختام القمة: “اتفقنا على توحيد الجهود لإعادة الإعمار في المرحلة ما بعد النزاع في سوريا. ويدور الحديث قبل كل شيء عن بناء منشآت البنية التحتية والمؤسسات العامة”، مشيرا إلى أن الشركات الروسية قد بدأت تشارك في هذا العمل، بما في ذلك في المناطق التي كانت تحت سيطرة المسلحين قبل فترة.

ودعا بوتين جميع الدول إلى المساهمة في إعادة إعمار سوريا، مشيرا إلى أنه “بالإضافة إلى التسوية السياسية من الضروري أن يعيش السكان في ظروف طبيعية، ولن يتسنى ذلك دون مساهمة كبيرة من الخارج”.

وأشار إلى أنه لا يشارك أحد غير روسيا وتركيا وإيران في تقديم المساعدات الإنسانية لسوريا، مشيرا إلى أن هناك فقط مساعدات من قبل الأمم المتحدة، لكنها غير كافية، سيكون من الضروري “الانخراط في العمل المشترك لإعادة إعمار الاقتصاد السوري، وإعادة إعمار البنية التحتية”.

ربما يعجبك أيضا