وسط تحفز إيراني وأمريكي.. صراع الإرادات يشعل الانتخابات العراقية

محمد عبدالله

رؤية – محمد عبدالله

مع اقتراب الانتخابات التشريعية العراقية، ارتفعت حدة التنافس بين جميع الفرقاء السياسيين في الداخل، وخصوصًا بين رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي وسلفه نوري المالكي.

خارجياً لا يقل الصراع حدة بين أطراف إقليمية ودولية لأخذ نصيبها من ” كعكعة ” الانتخابات العراقية وترجيح كفة حلفائها بالداخل والحصول على حصة أكبر في الحكومة المقبلة، وهو ما يقلق حكومة العبادي التي تسعى للنأي بنفسها عنه لما يشكله من توتير للعراق والمنطقة لا سيما وأن واشنطن خيّرت بغداد بينها وبين إيران.

العبادي والمالكي.. صراع الأغلبية

الانقسامات المتفاقمة باتت تسود المشهد الانتخابي العراقي، لا سيما بين قطبيه الرئيسيين العبادي والمالكي.

 أما ورقة التراشق الأساسية، فهي ملف الخدمات. أهمية هذا الملف تلقفها ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي، للضغط على حكومة العبادي واتهامها بالتقصير، وخصوصاً بعد خروج التظاهرات الشعبية “المنظمة” لمطالبة بتأمين الخدمات الأساسية.

إذا كانت تصريحات الساسة والمسؤوليين العراقيين “استعراضًا للعضلات”، يؤكد مراقبون عراقيون أنّ الخلاف بين المالكي والعبادي، لا يتعلق بطبيعة المشروع الذي يحملانه، بقدر ما هو قضية شخصية، بعد أن أكره المالكي على ترك منصبه قبل أربع سنوات.

صراع إقليمي ودولي

صراع إقليمي ودولي بات العراق هو إحدى ساحاته بحكم موقعه الاستراتيجي، إذ أن الانتخابات ستجري في بيئة تبرز فيها التجاذبات الإقليمية والدولية أبرز هذه الصراعات هو الصراع الأمريكي الإيراني.

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كان واضحاً عندما قال أنه يريد النفط العراقي، إلى الحد الذي انتقد فيه الانسحاب الأمريكي من العراق من دون جني الثمار الهائلة التي دفعتها واشنطن.

بالمقابل إيران ترى في العراق جاراً أساسياً تجمعهما الكثير من العناوين السياسية والحضارية والدينية والأمنية، وأي خلل سياسي أو أمني ستتأثر به طهران سريعاً وهو ما حدث مع سيطرة داعش على مساحات كبيرة من العراق وبالتالي كان الحضور الإيراني واضحاً في دعم العراق عسكرياً لمواجهة التنظيم.

الصراع الأمريكي الإيراني يتلخص في خشية واشنطن من تنامي النفوذ الإيراني في العراق على المصالح الأمريكية وخاصة بعد فشل استفتاء انفصال إقليم كردستان العراق وخشيتها أيضاً من فوز حلفاء إيران في الانتخابات المقبلة.

الاستحقاق الانتخابي العراقي يتزامن أيضاً مع تصاعد الأزمة بين تركيا والمسلحين الكرد في كل من العراق وسوريا وتهديد تركي بالدخول إلى سنجار شمال العراق.

قلق إيراني

انتخابات العراق التشريعية 2018 ربما ستكون ولأول مرة مصدر قلق لإيران وفق سياسيين عراقيين رغم تصريحات مسؤولين في طهران وفي مقدمتهم على ولايتي مستشار المرشد الإيراني للشؤون السياسية بأن سطوتهم في العراق نافذة.

وتراقب إيران بحذر شديد عودة فاعلة لواشنطن في العراق منذ تولي ترامب الرئاسة.

التقارب العراقي مع الدول العربية وخاصة الممكلة العربية السعودي أثار امتعاض طهران وقلقها خشية نفوذها الذي حققته منذ 2003 كما يقول سياسيون إيرانيون.

مرجع القلق الإيراني هو تراجع قدرتها على أن تكون لها الكلمة الفصل في تشكيل الحكومة المقبلة في ظل تململ بعض الأطراف السياسية الشيعية من محاولة إيران في فرض خياراتها عليها، ووعي الشارع العراقي بشأن التدخل الايراني في شؤونهم.

مخاوف التدخل في الانتخابات

أجهزة إلكترونية تدخل الخدمة الانتخابية لأول مرة في تاريخ العراق تثير الذعر والرعب عند سياسيين عراقيين خشية الاختراق الإلكتروني يوم الانتخابات على يد دول مجاورة في إشارة إلى إيران متخوفة من نتائج الانتخابات.

مفوضية الانتخابات ورغم محاولات طمأنة الشارع السياسي العراقي، إلا أنها  أعلنت وضع خطط بديلة للحفاظ على النتائج داخل المراكز الانتخابية حتى تكون هذه الهجمات غير مؤثرة على حد قولها.

السفير العراقي السابق لدى واشنطن “لقمان فيلي” قال إن الولايات المتحدة تراقب بحذر احتمال تدخل إيران في الانتخابات البرلمانية العراقية المقبلة، مشيرًا إلى أنه لا نية لواشنطن أو طهران لإضعاف بغداد.

وأضاف السفير فيلي في مقابلة مع “الحدث” أن استقرار العراق يشكل مقدمة لاستقرار المنطقة، مؤكدًا في الوقت ذاته أنها من الدول المؤهلة للتنافس الإيراني الأمريكي.

تتحسب إيران جيداً للانتخابات التشريعية المقبلة في العراق، ورغم هيمنتها الكبيرة على المشهد السياسي العراقي، إلا أن ثمّة مخاوف من حدوث مفاجآت قد تخرجها من الساحة السياسية أو على الأقل تقيّد يدها في البلاد.

ربما يعجبك أيضا