بعد أزمة المهاجرين الأفغان.. “يلدريم” نحو أفغانستان

يوسف بنده

رؤية

وصل رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، اليوم الأحد، إلى العاصمة الأفغانية كابل، في زيارة رسمية، يلتقي خلالها عددا من مسؤولي هذا البلد.

وكان في استقبال يلدريم لدى وصوله مطار حامد كرزاي الدولي، من الجانب التركي وزيري الدفاع نور الدين جانكلي، والداخلية سليمان صويلو وسفير تركيا لدى كابل أوغوزخان أرتوغرول، فيما مثّل الجانب الأفغاني في الاستقبال، وزير الداخلية أويس أحمد برمق.

ويرافق يلدريم في زيارته إلى أفغانستان، نائبه خاقان جاويش أوغلو ووزيرا المواصلات أحمد أرسلان والثقافة والسياحة نعمان قورتولموش، إضافة إلى نواب من البرلمان التركي.

ومن المقرر أن يلتقي رئيس الوزراء التركي خلال زيارته الرسمية، الرئيس الأفغاني أشرف غني، ورئيس السلطة التنفيذية للبلاد عبد الله عبد الله؛ للتباحث حول علاقات البلدين، وعملية السلام، ومكافحة الإرهاب والتعاون المشترك بين البلدين في كافة المجالات.

ومن المنتظر أيضًا، أن يعقد عبد الله ويلدريم مؤتمرا صحفيا مشتركا بعد لقائهما الثنائي، ليجري بعدها الأخير زيارة إلى مقر القوات التركية العاملة في أفغانستان.

كما سيشارك يلدريم في حفل افتتاح مسجد الشهيد بولنت آيدن، الذي أنشأته وكالة التعاون والتنسيق التركية (تيكا).

المهاجرون الأفغان

تأتي زيارة يلديريم إلى أفغانستان بعدما أعلنت وزارة الداخلية التركية أنها سترحل نحو 600 أفغانيًا دخلوا البلاد بطرق غير شرعية هربا من الأعمال الإرهابية والأوضاع الاقتصادية المتدهورة، إلى تركيا ودول الاتحاد الأوروبي عبر الأراضي الإيرانية.

وقد أثير الحديث مرة أخرى عن تدفق المهاجرين في الأناضول الشرقية عقب واقعة وفاة 17 مهاجرًا غير شرعي على طريق مدينة إغدير.

وشهد الأسبوع الماضي وفاة 17 مهاجر وإصابة 36 آخرين خلال حادث انقلاب حافلة كانت تقل مهاجرين غير شرعيين في مدينة إغدير التركية.

في المرتبة الثانية

ويتدفق مئات المهاجرين غير الشرعيين وأغلبهم من الأفغان إلى تركيا جوعى وعطشى عقب رحلتهم التي تستغرق أيام، حيث تشير بيانات الأجهزة الأمنية في الوقت الحالي إلى وجود مليون ونصف مليون مهاجر غالبيتهم من الأفغان ينتظرون على الحدود التركية الإيرانية.

وتوضح المعلومات الصادرة عن الأجهزة الأمنية التركية أنه على الرغم من كل الحملات الأمنية فإن نحو 500 مهاجر أفغاني يدخلون تركيا يوميا بطريقة غير شرعية عبر حدودها مع إيران، كما يحصل المهرّبون على حوالي 500 دولار من كل مهاجر أفغاني على كل مرة يعبر فيها الحدود.

وعلى الصعيد الآخر تشهد أعداد المهاجرين غير الشرعيين إلى تركيا زيادة كبيرة، فخلال الأشهر الثلاثة الأخيرة دخل 20 ألف مهاجر أفغاني إلى تركيا بطرق غير قانونية.

وتشير البيانات الأمنية أيضا إلى إلقاء القبض على حوالي 2713 مهاجرًا غير شرعي في المناطق القريبة من الحدود الشرقية خلال الفترة ما بين السادس والعشرين من مارس/ آذار الماضي والأول من أبريل/ نيسان الجاري.

ومن بين المقبوض عليهم 2530 مهاجرًا أفغاني و146 مهاجرا باكستاني و34 مهاجر بنجلاديشي و3 أفارقة.

وبحسب معطيات وبيانات المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة، فإن عدد المهاجرين الأفغان الذين سجلوا أنفسهم لدى المفوضية حتى نهاية شهر مارس/ أذار المنصرم بلغ 169.919 مهاجر، بينما يبلغ عدد اللاجئين السوريين 3.5 مليون لاجئ، و365 ألف لاجئ من الدول الأخرى.

ويعتبر اللاجئون الأفغان في المرتبة الثانية من حيث العدد داخل تركيا بعد اللاجئين السوريين. ويبلغ عدد اللاجئين الأفغان حول العالم 2.5 مليون لاجئ.

القوات التركية

تشارك تركيا بقوات عسكرية على الأراضي الأفغانية في إطار قوات حلف شمال الأطلسي. وقد زار وزيرا الدفاع نورالدين جانيكلي والداخلية سليمان صويلو التركيان، اليوم الأحد، قوات الدرك (الجندرمة) العاملة ضمن القوات التركية المرابطة في أفغانستان.

وتفقد الوزيران القوات التركية، واطلعا من القادة على معلومات حول وضع الجنود الأتراك في أفغانستان.

إدارة ملف طالبان

وقد أجري مسئولون بالحكومة الأفغانية محادثات غير رسمية مع أعضاء من حركة طالبان في تركيا 14 يناير الماضي. وكانت هذه المحادثات لبحث الآليات لتمهيد الطريق لإجراء محادثات رسمية بين الطرفين.

وكانت جولتان من المفاوضات بين طالبان والحكومة قد عقدتا في تركيا العام الماضي.

وتأتي زيارة يلديرم، بعد أن أعلن أمس السبت، رئيس الوزراء الباكستاني شهيد خاقان عباسي،  إن أفغانستان قبلت عرضا تقدم به لإحياء محادثات السلام المتوقفة بين كابل وحركة طالبان.

تتجه أنقرة نحو إحياء علاقاتها بالجماعات المتشددة في أفغانستان، بعد أن جمدتها في وقت سابق لفائدة قطر، من أجل استثمارها في الخلافات العميقة التي تحكم علاقاتها بواشنطن في الوقت الحالي، ما دفعها إلى البحث عن نفوذ في ملفات فشلت فيها الولايات المتحدة إلى الآن، كملف طالبان، لجعله ملف مساومة لاحقا.

محاربة الخدمة

تقوم الحكومة التركية بمحاربة جماعة الخدمة التي يتزعمها رجل الدين فتح الله كولن، ومن آليات تقليص نفوذ هذه الجماعات، هو الاستحواذ على مدارسها في الدول الإسلامية، ومنها أفغانستان.

ففي 26 فبراير 2018، وقّع وزير التربية التركي عصمت يلماز ونظيره الأفغاني محمد إبراهيم شينواري، على اتفاقية تنصّ على استلام وقف المعارف التركي إدارة 12 ثانوية و3 معاهد تعليمية في أفغانستان، كانت تابعة لمنظمة كولن.

وأنشأت تركيا في عام 2016، مؤسسة “وقف المعارف”، لتتولى إدارة المدارس في الخارج التي كانت مرتبطة بمنظمة كولن. كما تقوم بإنشاء مدارس ومراكز تعليمية في الخارج.

أهمية استراتيجية

تمثل أفغانستان أهمية بالنسبة لتركيا نظرا لموقعها الاستراتيجي؛ فهي تقع في وسط قارة آسيا، وهي “البلد الثاني الاقتصادي” للصين، وهي على جوار دول آسيا الوسطى.

وتحاول تركيا تعزيز العلاقات الثقافية والاقتصادية مع أفغانستان، وتحقيق نفوذا ناعما داخل هذا البلد المجاور للصين والهند وإيران وآسيا الوسطى. ولذلك تريد تركيا، تأسيس جامعة باسم (مولانا جلال الدين رومي) في أفغانستان، إلى جانب نشر الثقافة التركية عبر الشراكات التعليمية والثقافية، وعمل شركات إعادة الإعمار.

كما أن أمن أفغانستان واستقرارها، يرسخ أمن تركيا، وتجربة المهاجرين الأفغان تثبت ذلك. كما يوسع بشكل عام نطاق الفرص الاقتصادية أمام تركيا داخل هذا البلد الذي عاش ويلات الحرب.

كما أن مسالة المهاجرين وتنقل الجماعات المسلحة عبر أفغانستان وجمهوريات آسيا الوسطى نحو تركيا وأوروبا، مسألة تجعل من تركيا بلد مهم بالنسبة للأوروبيين، حيث تلعب تركيا دور بوابة الأمان بالنسبة لأمن أوروبا.

ربما يعجبك أيضا