السحر في المغرب.. بين تعاليم “دانيال” والشعوذة بمسحة صوفية

هدى اسماعيل

هدى إسماعيل

معكم خديجة المغربية جالبة الحبيب” بهذه الكلمات اعتمدت بعض القنوات الفضائية على جذب المشاهدين بإعلانات وهمية من أجل الانتشار والربح السريع ، ولكن انتظر.. ليست كلها وهمية ، فقد ارتبطت أعمال مثل الشعوذة والسحر بالمرأة في المجتمعات العربية، حيث تلجأ الكثير من النساء العربيات أو المغربية على وجه الخصوص بالبحث عن حلول لمشاكلهن الاجتماعية والعائلية ، من خلال كشف الطالع ولكن لماذا ارتبط السحر بدولة المغرب؟، دعونا نتعرف على السبب.

الشعوذة في المغرب


ظاهرة السحر والشعوذة ارتبطت بالحضارات القديمة “البابلية والإغريقية والفرعونية“، وبأسماء البلدان المتقدمة، “دول أمريكا وآسيا وأوروبا”، في حين يعود تاريخ الظاهرة بالمغرب إلى زمن الفنيقيين والرومان، مرورا بالسلالات التي حكمت المغرب، غير أنها لم تتنشر بوفرة إلا قبل أعوام قليلة، فلا يوجد  بلد يعتمد على السياحة التي تبحث عن هذا النوع من الأعمال إلا المغرب التي يتواجد بها أكبر عدد من السحرة في كافة أنحاء العالم، ويتواجد بها سحرة من اليهود حيث لهم تواجد بارز أكثر من أي دولة عربية أخرى، إذ لهم أحياء ومناطق ينتشرون فيها وخاصًة الدار البيضاء.

يطلق على كبار السحرة في المغرب اسم “فقها” بينهم مسلمون وحاخامات يهود ويونانيون وإسبان وأفارقة، وهؤلاء من المشهورين بـ “السحر الأسود” لا يتواجدون في المدن بل يفضلون العيش في قرى صغيرة.

مجمع الصوفية

جاء في عدة دراسات عن تجذر ثقافة الشعوذة عند بعض فئات المجتمع المغربي، إلى أن المغرب يعد بلد “أولياء الله الصالحين” وبلد “الزوايا” ومجمّع “الصوف” على مختلف مذاهبها لذا الشعوذة متجذرة بحكم طبيعة المجتمع المغربي الروحانية والتصوّف، حيث أن مدينة الدار البيضاء لوحدها تضم 73 ضريحا، إضافة إلى 38 زاوية، وكل هذه الأماكن تعرف رواجا كبيرا وزيارات منظمة، وتخصص بطقوس خاصة.

وأشهر الأضرحة المتواجدة في المدينة هو ضريح “سيدي عبدالرحمن مول المجمر” ، صاحب الموقد الطيني الذي يستعمله المغاربة لطهي الطعام، ولإحراق البخور، ويقع قرب شاطئ في الدار البيضاء ، تزوره النساء أملا في العلاج من مشاكل شخصية أو أسرية، ولإبطال مفعول السحر من خلال التبخر عنده ببخار الرصاص المذاب.

الجن في المغرب

في تقرير صدر عن المركز الأمريكي “بيو” للأبحاث، أن ما يعادل 86% من المغاربة مقتنعون بـ”وجود الجن” مقابل 78% يؤمنون بـ”السحر” و80% متأكدون من حقيقة “شر العين”، في حين لا تتجاوز النسبة 7% ممن أقروا بارتداء “تعويذات” و16% من مستعملي “وسائل أخرى لطرد شر العين ومفعولات السحر”.

وحوالي 3% منهم متفقون مع ضرورة “تقديم قرابين للتقرب من الجن”، و29% يرون زيارة قبور الأولياء “أمراً مقبولاً”، كما أن 96% من المغاربة “يعلقون آيات قرآنية داخل بيوتهم”، و29% منهم يتناولون “أدوية تقليدية موصى بها دينياً” للعلاج.

زنقة “العراكات”

زنقة العراكات، واحد من أزقة سوق “جميعة”، الموجود بمدينة الدار البيضاء ، وتتميز هذه الزنقة بعرض جميع مستحضرات ولوازم السحر والشعوذة، فهي تتكون من دكاكين تتشابه واجهاتها، تعرض أشياء مخيفة تتنوع بين حيوانات محنطة من طيور وريشها، وقنافذ ورؤوس ضباع وجلود أفاع، وتوجد في المحالّ، التي تشرف على غالبيتها سيدات، أعشاب وبعض المعادن والشموع، في حين علق بعض العطارين في واجهات محالهم شموعاً مختلفة الألوان ،غالبية زوار سوق “العراكات” من النساء، لذا يثير تجول الرجل بعضاً من الفضول.

في ضيافة الحاخامات

للسحر الأسود خريطة في المغرب فأباطرته يتوزعون بمناطق بعينها، حسب أنواع السحر التي يحترفونها إذا كان “الفقها” الذين يبرعون في السحر الأسود يستوطنون القرى النائية ، فهناك سحرة مغاربة من نوع خاص يقيمون داخل أرقى أحياء المدن الكبرى ويوجدون في المناطق المأهولة باليهود المغاربة أساسا، والأكثر من ذلك أنهم يتربعون على هرم السلطة الدينية لليهود في المغرب : إنهم الحكام الحاخامات، “أوال” اقتفت أثر أشهر السحرة الحاخامات اليهود في البيضاء والصويرة، عاصمة اليهود المغاربة إنهما الساحران الشهيران “أهايون لازار إيكي” و”حاييم أزلغوط”.

في قلب الدار البيضاء، توجد شقة الساحر اليهودي “اوهايون” هنا يقيم منذ سنوات ويستقبل زبائنه يوميا باستثناء ليلة الجمعة ويوم السبت حيث يتزعم فيهما المعبد اليهودي.

كهف دانيال.. هاري بوتر

لم يتوقع أحد يومًا أن “هوجورتس” أو مدرسة تعاليم السحر التي تدور حولها سلسلة روايات السحر الشهيرة “هارى بوتر” موجودة على أرض الواقع، وأنها تقع في الوطن العربى، وليس لندن فـ”مغارة دانيال” الواقعة بالمغرب ، تعد من أغرب المغارات والعجائب التي وجدت على سطح الأرض، حيث يوجد داخلها مدرسة لتعليم فنون السحر، يصفها بعض المهتمين بالسحر بأن لها بابا تسده صخرة عظيمة ولا تفتح هذه الصخرة إلا كل سنة سحرية – مدتها تسعة شهور – ولمدة يوم كامل منذ بزوغ الشمس حتى غروبها، حيث يقدم لها الراغبون في تعلم السحر، مؤكدين أن صخور “دانيال” تحوى بداخلها أحجارًا عظيمة ليست موجودة في مكان غيره، كل صخرة من هذه الصخرات العظيمة تضم “طلسم” سحريا، يوضح لكل طالب كيفية خدمة “الجان” له، إضافة إلى طريقة استخدامه والاستفادة من خدمات الجن، والطالب يبقى خلال التسعة أشهر التي يقضيها في هذه المغارة في تأدية ما يطلبه هذا الطلسم منه، وينكشف له شيئا فشيئا حتى يرى خادمه ويتحدث معه ويأخذ الخادم عليه العهود والمواثيق ليظل في خدمته.

كما أن دخول مغارة “دانيال” ليس كالخروج منها، فربما تهب نفسك في البداية للجن، ولكن وقت الخروج من المغارة ليس بالسهل، وإنما يعتمد على قوة الطلسم الذي كان يخدمه ذلك الشخص، كما أن الفشل في الخروج إما ينقل الشخص إلى عالم آخر، أو تتسبب في الإصابة بالجنون، أو الحبس داخل المغارة.

ربما يعجبك أيضا