الانتخابات البلدية في تونس.. تحد جديد في مسار البناء الديمقراطي

محمد عبدالله

رؤية – محمد عبدالله

بين الطبل والمزمار والوعود..  انطلقت في تونس حملة الانتخابات البلدية المقررة في السادس من مايو/أيار المقبل، هي الأولى بعد ثورة الياسمين التي انطلقت شرارتها قبل سبع سنوات في خطوة قد تغير من طريقة إدارة تونس محلياً.

خريطة الترشحات

تشير خريطة الترشحات التي بلغ عددها 2074 قائمة، ضمت نحو 54 ألف مرشح إلى ميل الكفة عددياً لصالح القوائم الحزبية أمام القوائم الائتلافية والمستقلة.

تتصدر حركة النهضة المشهد بتغطيتها جميع الدوائر الانتخابية تليها حركة نداء تونس، في ظل الحديث عن معركة تمهيدية تسبق الانتخابات التشريعية والرئاسية العام المقبل.

مؤشرات إيجابية عدة تؤكدها هيئة الانتخابات أهمها أن نسبة الشباب المترشحين تجاوزت 52% إضافة إلى التمثيل المهم للنساء في القوائم المترشحة بفضل شرط التناصف الذي نص عليه القانون الانتخابي.

التواصل المباشر مع الناخبين كان القاسم المشترك بين المرشحين الذين ركّزوا في بياناتهم الانتخابية على خاصية كل منطقة دون الابتعاد عن الوعود الأساسية في التنمية المحلية وتطوير الخدمات مع التركيز على هذه الانتخابات باعتبارها إحدى المحطات الأساسية لاستكمال مسار الديمقراطية في تونس.

جميع الأحزاب المشاركة مطالبة باحترام القانون الذي تسهر على تنفيذه هيئة القضاء حتى تضمن تطبيق الجميع لشروط الميثاق الانتخابي.

تغيير جوهري.. تطبيق اللامركزية

انتخابات غابت عن المشهد التونسي منذ أن أجبر الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي على الهروب من البلاد قبل سبع سنوات.

غير أن الانتخابات البلدية التي حدد لها السادس من مايو/ أيار المقبل والتي تمتد لثلاثة أسابيع في 350 دائرة بلدية، ستترافق لأول مرة في تاريخ تونس مع تغيير جوهري في الشأن المحلي وذلك ببدء تطبيق اللامركزية ونقل صلاحيات من السلطة المركزية إلى المجالس البلدية المنتخبة وتوسيع عمل البلديات.

قانون الجماعات المحلية

انطلقت الحملة الانتخابية في تونس ولم يصدق البرلمان بعد على قانون مجلة الجماعات المحلية المنظمة للسلطة المحلية الذي يعدّ الاطار الدستوري الجديد لقانون الانتخابات.

قانون لا يزال معلقاً إلى اليوم داخل أروقة مجلس نواب الشعب، في ظل الخلاف المستمر حول عدد من فصول القانون.

بيد أن كتلاً نيابية متهمة بالتقصير وسعي عدد منها لإفراغ الانتخابات من مضامينها وتكبيل المجالس البلدية المرتقبة.

سابقة هي الأولى في تونس

في سابقة تعدّ الأولى في تونس مكنّت هيئة الانتخابات رجال الشرطة والعسكريين بحقهم في الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات المحلية، ما أثار مواقف متباينة إزاء هذا القرار.

بينما رأت فيه منظمات حقوقية تقدماً في المسارالديمقراطي،  صنفته أخرى تحت خانة ” التجاذبات السياسية ” واستغلال أصوات رجال الشرطة والعسكريين.

استطلاعات الرأي.. عزوف متوقع

لا يبدو اهتمام الشارع التونسي بالحملة الانتخابية في مستوى آمال المرشحين. فالقضايا المعيشية باتت تشغل المواطن التونسي أكثر، والخلافات الحزبية أثرّت على تفاعله مع الشأن العام.

نسبة المشاركة في الانتخابات المقبلة تمثل مؤشراً مهماً خاصة في ظل نتائج استطلاعات رأي تتوقع عزوفاً عن التصويت وتراجعاً في الثقة في الساحة السياسية.

رئاسة الجمهورية وحرصاً منها على دفع الناخبين للمشاركة، أكدت على مغزى هذه الانتخابات نظراً إلى أهمية السلطة المحلية في إرساء الديمقراطية التشاركية.

التونسيون أمام تحد جديد في مسار البناء الديمقراطي ستعني مشاهده وتفاصيله ونتائجه الكثير في مسار الثورة وتجربتها الوحيدة في الربيع العربي الذي تصر القوى السياسية فيها على استكماله أياً كانت الخلافات من أجل الابتعاد عن شبح عنف شوّه تجارب دولاً أخرى.

ربما يعجبك أيضا