تطبيع الكوريتين.. اقتصاد موحد بحلول 2050

حسام عيد – محلل اقتصادي

قمة تاريخية جمعت بين زعماء الكوريتين، وما من شك أن المزيد من التعاون بين الطرفين سينعكس بشكل أو بآخر على اقتصادات البلدين ولا سيما الاقتصاد الكوري الشمالي الذي تدهور بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة.

مسارات اقتصادية مختلفة

بالعودة تاريخيا إلى الفترة التي تلت الانقسام بين الطرفين، ذهبت كوريا الشمالية في جهة، وكوريا الجنوبية ذهبت في جهة أخرى معاكسة.

كوريا الشمالية اعتمدت على النظام الاشتراكي الذي ينص على سيطرة الدولة على الاقتصاد. في حين ذهبت كوريا الجنوبية باتجاه اقتصاد السوق وتشجيع الاستثمار الأجنبي وأيضا بناء صناعات تنافسية قادرة على التصدير بشكل رئيسي، فاليوم تعادل الصادرات الكورية الجنوبية ما يقارب الـ 50% من الناتج المحلي الإجمالي.

بالمقابل، اعتمدت كوريا الشمالية على الحصول على الدعم من حلفائها، كالصين والاتحاد السوفيتي الذي مع انهياره تراجع الدعم الممنوح لكوريا الشمالية، وعانت أيضا في التسعينيات من العديد من الكوارث الطبيعية التي انعكست تداعياتها السلبية على اقتصادها، وركزت أيضا بشكل أو بأخر على الإنفاق العسكري الذي بات يشكل 25% من ناتجها المحلي، في حين يكاد لا يتجاوز الـ 3% فيما يتعلق بالاقتصاد الكوري الجنوبي.

مقارنة بين الاقتصادين الكوريين

الناتج المحلي الإجمالي؛ لكوريا الشمالية بحسب آخر التقديرات يقدر بـ 17 مليار دولار. في حين يبلغ حجم اقتصاد كوريا الجنوبية 1.411 تريليون دولار، وتحتل المرتبة الـ 11 على مستوى الاقتصادات العالمية.

حصة الفرد من الناتج؛ تاريخيا كانت متشابهة، لكن شهدت اختلاف كبير خلال العقود الماضية، فحصة الفرد فيما يتعلق بكوريا الشمالية تصل إلى 1200 دولار، في حين تبلغ ما يقارب 38 ألف دولار في كوريا الجنوبية.

الصادرات؛ بحسب أخر التقديرات في 2017 بلغت صادرات كوريا الجنوبية 552 مليار دولار، بينما سجلت صادرات كوريا الشمالية 3 مليارات دولار، أي أن كوريا الجنوبية تصدر بأكثر من 197 مرة من ما تصدره كوريا الشمالية.

الاستثمار الأجنبي المباشر؛ تأثرت مستوياته في كوريا الشمالية نتيجة العقوبات المفروضة عليها، فبحسب أخر الإحصائيات بلغ 93 مليون دولار، في حين تجاوزت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في كوريا الجنوبية حاجز الـ 12 مليار دولار في العام 2016.

سيناريو توحيد الكوريتين

إذا ما ذهبت كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية باتجاه تطبيع وتعاون ينتج عنه ما يسمى باتحاد شبه الجزيرة الكورية، بلا شك ستكون هنالك تكلفة كبيرة تقدر بـ “تريليون دولار” نتيجة الحاجة إلى ضم الشعب الكوري الشمالي الذي يحتاج إلى كثير من المقومات والبنى التحتية.

لكن في المقابل تشير بعض الأرقام إلى أن كوريا الشمالية تحتوي على موارد طبيعية غير مستغلة تقدر بـ 9 تريليونات دولار، يضاف إليها أن السكان في فئة العمل في كوريا الجنوبية بدأوا في الانكماش في 2017 إلى 17 مليون عامل، وبالتالي إضافة دفعة من العمالة الكورية الشمالية تقدر بـ 36 مليون عامل إلى كوريا الجنوبية ستسهم في تنشيط الاقتصاد.

ومع كل هذه العوامل إذا ما اتحدت الكوريتان، سيكون هنالك اقتصادا موحدا تقدر قيمته بما يقارب 8.7 تريليونات دولار بحلول العام 2050.

ربما تكون هذه القمة هي بداية للمزيد من التعاون الاقتصادي والذي قد ينجم عنه المزيد من المزايا ليس فقط للشعب الكوري الشمالي وربما أيضا للشعب الكوري الجنوبي.

ربما يعجبك أيضا