كيف تصاعدت السياسات العدوانية لنظام الملالي ضد الشعب الإيراني؟

سحر رمزي

رؤية – سحر رمزي

أمستردام – تصاعدت السياسات العدوانية للنظام الإيراني المناهضة للعمال، في اليوم العالمي للعمال الذي وافق أول مايو، وقد كان هناك حالة من الغضب غير مسبوقة، وتظاهرات مشتعلة ضد النظام في مختلف المدن الإيرانية، وفي المقابل اقتحام همجي ووحشي شنته القوات القمعية، حيث قامت باعتقال وقتل وتعذيب المتظاهرين من العمال، وعمل قرصنة على مستخدمي الإنترنت حسب تقارير كشفتها المقاومة الإيرانية.

وعن ذلك قال الدكتور سنابرق زاهدي، رئيس لجنة القضاء في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، إن آلافاً من العمال والمتقاعدين وغيرهم من الأشخاص المحرومين احتشدوا وانطلقوا في مسيرات في عدد من المدن الإيرانية وأمام مجلس شورى النظام في العاصمة طهران، بمناسبة يوم العمال العالمي، احتجاجًا على وضعهم المعيشي البائس. لكن النظام الكهنوتي القمعي قام باعتقال عدد من العمال وضربهم وشتمهم حسب تصريحات رئيس اللجنة القضائية بالمقاومة الإيرانية.

وأضاف زاهدي أن الهجوم الوحشي للقوى القمعية واعتقال النشطاء العمّاليين ليس لا يخمد صوتهم المطالب بحقوق العمال والكادحين فحسب، بل، سيزيد من عزمهم على استعادة حقوقهم المسلوبة.

وأوضح زاهدي أنه خلال الانتفاضة في ديسمبر الماضي، كان هناك أيضًا أخبار التعذيب وقتل المتظاهرين الذين تم اعتقالهم خلال الاحتجاجات المناهضة للحكومة، لكن النظام زعم أنهم انتحروا في السجون الإيرانية، لكن على الرغم من هذه الممارسات، فإن النظام لم يتمكن من منع توسيع وتعميق انتفاضة الشعب المطالبة بالإطاحة بهذا النظام، حيث كانت شعارات العمال في عيدهم العالمي كان مضمونها أنه ليس هناك حل لمشاكلهم في إطار هذا النظام المستبد.

وقال الدكتور زاهدي إن فريقا من مجاهدي خلق تعرض يوم الثلاثاء الأول من مايو لهجوم من قبل قوى الأمن بالقرب من شركة النفط في الأحواز أثناء الصاق لافتات بمناسبة اليوم العالمي للعمال، ثم طاردته عناصر المخابرات وأطلقوا عليه النار، مما أدى إلى إصابة شخصين من مجاهدي خلق، حالة أحدهما خطيرة بسبب إصابة الرصاص في ناحية القلب والساق.

واختتم زاهدي: “العمال والكادحون في إيران يحتفلون باليوم العمال العالمي في وقت هذا العام، تتصاعد فيه السياسات العدوانية للنظام الكهنوتي المناهضة للعمال من جهة بشكل غير مسبوق، ومن جهة أخرى، أخذت الإضرابات والاحتجاجات والانتفاضات للعمال والمزارعين والعتّالين وعموم الكادحين والمواطنين المنهوبة أموالهم أبعاداً جديدة مما هزت أركان النظام.  الانتفاضة التي تبشّر بالقضاء على النظام الإيراني وتحقيق الحرية والعدالة”.

ومن جانبها أكدت زعيمة المقاومة الإيرانية مريم رجوي للعمال الإيرانيين، إن هذا النظام لا يمكن أن يفلت من هذه الدوامة، ولهذا السبب، ينبغي أن يتم التركيز على إسقاطه، حتى يمكن بعد ذلك تأمين حقوق العمال الإيرانيين.

وأضافت رجوي أنه لا يمكن تأمين حقوق العمال ما لم يتم إسقاط هذا النظام. النظام الذي كان يدّعي دجلا في البداية بأنه حامي المستضعفين، إلا أنه الآن بات محاصرا من قبل العمال والمزارعين، وليس عن الطبقات المحرومة ببعيد أن تنهي، وبالتعاون مع قوة المقاومة ومجاهدي خلق وآلاف معاقل العصيان، الحياة المشينة لهؤلاء المجرمين، حتى يفتح الطريق لتحقيق حقوق العمال والمحرومين وجميع طبقات الشعب.

وأنه اليوم الطلب المشترك لعموم العمّال والكادحين الإيرانيين، هو إلغاء العقود المؤقتة والعقود البيضاء، وحلّ شركات المقاولة، وزيادة الأجور بما يتماشى مع سُبل معيشة العمّال وحق العمال في ايجاد تنظيمات مستقلة وحرّة.

علماً بأن الحد الأدنى للأجور في العام الإيراني الجديد 1397 (مارس2018-مارس2019) هو أكثر من مليون تومان أي ما يعادل حوالي 200 دولار في الشهر. بينما وحسب محاسبات خبراء الاقتصاد الإيرانيين، فان كل عائلة إيرانية يكون دخلها أقل من 4 ملايين تومان في الشهر، فهي تحت خط الفقر المطلق؛ أي هي عاجزة عن تأمين الحاجات الأساسية للحياة.

استمرار مسلسل الإعدام رغم أنف المجتمع الدولي

كما كشفت تقارير المقاومة الإيرانية عن أن النظام الإيراني قام بنقل السجين السياسي رامين حسين بناهي 24 عاما إلى العنبر المعزول في سجن سنندج لتنفيذ حكم الإعدام. وكانت استخبارات قوات الحرس قد اعتقلت رامين في يوليو الماضي ثم أصدرت محاكم النظام حكما عليه بالإعدام بتهمة “العمل ضد الأمن الوطني والعضوية في حزب كومله”. كما أن المجلس الأعلى للقضاء في النظام قد أيّد الحكم عليه رغم الجهود الدولية لوقف عقوبة الإعدام عليه. وصدر حكم على شقيق رامين بالحبس 8 سنوات ونصف السنة.

ودعت المقاومة الإيرانية عموم المواطنين لاسيما شباب كردستان إلى الاحتجاج على الحكم الصادر بالإعدام على رامين وتطالب عموم الهيئات الدولية المدافعة عن حقوق الإنسان خاصة المفوض السامي لحقوق الإنسان والمقرر الخاص المعني بالإعدام بالعمل لإنقاذ حياته.

ووفقاً للتقارير أن بنت شقيقة الناشط السياسي الكردي “رامين حسين بناهي” أنهت حياتها بعد الاطلاع عن نقل خالها إلى العنبر المعزول في سجن سنندج لتنفيذ حكم الإعدام. وأوردت التقارير الواردة مساء أول أمس الثلاثاء، أن “نيشتيمان حسين بناهي” 25عامًا زوجة السجين السياسي “أحمد أمين بناهي” وبنت شقيقية “رامين حسين بناهي” بمدينة دهغلان أنهت حياتها. ووفقا لأحد أفراد عائلة “حسين بناهي” أقدمت “نيشتيمان” على الانتحار بعد سماع الخبر المذكور.

حجب الإنترنت في البلاد خوفًا من تصعيد الاحتجاجات

وفي سياق آخر أعلن القضاء في النظام الإيراني: “على جميع مزوّدي خدمة الإنترنت في البلاد … تطبيق الحجب الكامل على الموقع الإلكتروني وتطبيق تلغرام للتواصل الاجتماعي اعتبارا من 30 أبريل 2018 … وأنه يجب تطبيق الحظر بحيث يصبح الوصول إلى محتوى هذه الشبكة في البلد عن طريق أي برنامج وتطبيق (بما في ذلك أداة كسر الحجب، وما إلى ذلك) أمرا متعذرا، فسيخضع انتهاك هذا الطلب للملاحقة القضائية”.

وذكر إعلان القضاء أن سبب حجب تلغرام هو استخدام الشباب هذه الشبكة فيما سماه “بالاضطرابات في ديسمبر الماضي” وتنظيم وتوجيه “العديد من الأعمال المخالفة للأمن” و”الدعاية ضد النظام من خلال هذا التطبيق لأرسال الرسائل”.

وأكدت المقاومة الإيرانية أنه يتضح من إعلان قضاء النظام الكهنوتي أن أجنحة النظام المختلفة، بما في ذلك روحاني وحكومته، قد شاركت في هذا القرار القمعي. ووفقًا للإعلان، “تمت مناقشة الموضوع في اجتماعات مختلفة للخبراء وبحضور متخصصين وممثلين عن المنظمات ذات الصلة، كما أنهم أعلنوا رأيهم التخصصي بشأن ضرورة حجب هذه الشبكة ومنع استمرار عملها”.

المقاومة الإيرانية تدين قمع حرية استخدام الإنترنت

وقد أدانت المقاومة الإيرانية بقوة هذه التدابير القمعية ودعت عامة الناس، خاصة الشباب في جميع أنحاء البلد للاحتجاج على قمع حرية الإنترنت وحجب تلغرام وتطالب مجلس الأمن الدولي والدول الأعضاء والهيئات الدولية ذات الصلة، مثل الاتحاد الدولي للاتصالات (ITU)، وكذلك المراجع الدولية لحقوق الإنسان وحرية التعبير بأن تدين بشدة هذه القرصنة الإلكترونية وقمع الاتصالات، الذي ينتهك العديد من الاتفاقيات الدولية، وأن يتخذوا الخطوات اللازمة لمواجهة هذه الانتهاكات الدولية فضلا عن ضمان حرية وصول المواطنين الإيرانيين إلى الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي واتصالات آمنة.

أسباب خوف النظام من الإنترنت

وكان صادق لاريجاني كبير جلادي السلطة القضائية في النظام الكهنوتي، قد أكد قبل أيام: �إن شبكة التواصل الاجتماعي أصبحت في خدمة نظام السلطة ومجاهدي خلق لتخريب أركان النظام. كما كانت وكالة أنباء قوات الحرس المسماة بـ فارس قد وصفت في 6 أبريل، تطبيق تلغرام بأنه آلية تهدّد الأمن الوطني للبلد، وتثير التمرد والاضطرابات وبث روح خيبة الأمل واليأس والتشاؤم في المجتمع.

من جهته قال علاء الدين بر وجردي، رئيس لجنة الأمن الوطني والسياسة الخارجية لمجلس شورى النظام: إن تطبيق تلغرام وبسبب “دورها المخرب في أزمات العام الماضي في البلد، مصيره مرتبط بأمن النظام ويشكل خطرا أمنيًا وخاصًا على الجمهورية الإسلامية”. وأن القرار لحجبه قد “اتخذ في أعلى مستوى” (التلفزيون الحكومي الأول من إبريل 2018). الجدير بالذكر أنه في العام الماضي، تم اعتقال أكثر من 70.000 مستخدم إنترنت (192 شخصًا في اليوم) في إيران.
 
وقد قال عميد الحرس كمال هادي فر رئيس شرطة الإنترنت التابعة للنظام الإيراني المسماة بـ “فتا”، إنه في عام 1396 الإيراني الفائت تم اعتقال أكثر من 70000 مستخدم للإنترنت، وأكد: “في العام الماضي، اُعتقل أكثر من 70،000 مجرِّمًا إلكترونيًا وتم تقديمهم إلى السلطات القضائية في عام 1396، تم اكتشاف أكثر من 39،000 حالة من الجرائم الإلكترونية، وساورنا القلق حول تزايد حالات الجرائم بما يقرب من 10 أضعاف”. (وكالة أنباء أيلنا الحكومية 29 ابريل/ نيسان 2018).

وقبل ذلك بأيام قليلة، قال رئيس السلطة القضائية للنظام الإيراني الملا لاريجاني: “لقد أصبحت الشبكات الاجتماعية في خدمة نظام السلطة ومجاهدي خلق لتدمير أركان النظام”، (وكالة أنباء ايلنا 25 إبريل). وقبل ثلاثة أشهر كان قد قال هذا الرجل إن “جميع الأجهزة الأمنية مكلفة التعامل مع رؤساء الشبكات الداخلية الذين يعملون في الفضاء السيبراني مع الأعداء والأجانب” (تلفزيون شبكة �خبر� للنظام 25 يناير2018).

يعكس لجوء الحكام المجرمين في إيران إلى القمع الواسع على صعيد الإنترنت قبل كل شيء عدم قدرة النظام على التعامل مع الانتفاضات الشعبية التي استهدفت هذا النظام الكهنوتي، وتدعو إلى الإطاحة به مع كل أجنحته. في أعقاب الانتفاضة في ديسمبر الماضي، كان مجلس الأمن التابع للنظام قد أعلن: “تقرر وقف أنشطة هذه الشبكات” كي لا يتم استخدامها ضد “هدوء البلاد” (وسائل الإعلام -3 كانون الثاني). كما وبهذا الصدد قال الملا أحمد جنتي، رئيس مجلس خبراء النظام: “لو كان الفضاء الافتراضي قد تم احتواؤه، لما كان يصل العمل إلى ما هو عليه الآن، هذا الفضاء الافتراضي هي البلية والمشكلة التي حلت بنا”.
 
 

ربما يعجبك أيضا