الإخوان المسلمين.. نفوذ متزايد في ألمانيا وتراخي الحكومة في التعامل

جاسم محمد

رؤية ـ جاسم محمد

تعيش ألمانيا جدلا، حول الفصل ما بين الإسلام والتطرف من جانب وكيفية التعامل مع الجاليات المسلمة التي أصبحت جزءًا من ألمانيا وموقفها من الإسلام، إن كان الإسلام جزءًا من ألمانيا، أم لا، الكثير من التساؤلات، ما زالت بدون إجابات؟

أشارت هيئة الاستخبارات الألمانية إلى أن نفوذ تنظيم الإخوان المسلمين بدأ يتزايد في العديد من الولايات الألمانية، وعمدت جماعة الإخوان منذ ظهورها بألمانيا لتوسيع أنشطتها وتأسيس كيانات تابعة لها.

وبعد أن كانت الاستخبارات الداخلية الألمانية، تنظر لجماعة الإخوان المسلمين تنظيما معتدلا ينأى بنفسه عن العنف، في التقارير السابقة، جاء في تقرير حماية الدستور في بافاريا خلال شهر يناير 2018 من جديد، أن جماعة الإخوان، تطرح نفسها منظمة منفتحة تدعو إلى التسامح، وتبدي استعدادها للحوار، لكنها  في الحقيقة تتستر على  تحقيق أهدافها التي تتمحور حول أسلمة الشارع الألماني والأوروبي.

ويعود تاريخ وجود الإخوان المسلمين في ألمانيا إلى فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، وأسسوا أول تجمعين لهم في مدينتي ميونيخ في ولاية بافاريا وآخر في ولاية الراين الشمالي فيستفاليا.

كتاب مسجد فى ميونخ للكاتب إيان جونسون

الكتاب، يعتبر وثيقة، يمكن الرجوع إليها، لمعرفة أنشطة جماعة الإخوان في ألمانيا تحديدا، وعلاقة الجماعة مع أفراد وأحزاب سياسية وأمنية، كما يكشف تاريخ جماعة الإخوان في ألمانيا بالتفصيل ويركز على مرحلة انتقال القيادي الإخواني سعيد رمضان إلى ميونخ عام 1958 بعد لقائه بأيزنهاور عام 1953، وينتقل الكاتب لمعركة بناء المسجد وتمويله (من قبل الولايات المتحدة) ونجاح الإخوان المسلمين في السيطرة عليه بشكل كامل لعقود مما أدى إلى طفرة في تنظيم الجماعة في جميع أنحاء أوروبا. 

ثم يتناول الكاتب علاقة القيادات الإخوانية المعروفة مثل غالب همت ويوسف ندا بالاستخبارات الأمريكية حتى أحداث سبتمبر 2001 حيث تم تجميد أرصدتهم كنوع من “الفعل للفعل” أملا في تهدئة الرأي العام.

وفي حديث مباشر مع الصحفي عارف جابو المختص بالشان الألماني، من مدينة بون الألمانية، يقول بأن هجرة جماعة الإخوان إلى ألمانيا، كانت في منتصف الخمسينيات، وكانت الموجه الثانية قد وصلت إلى ألمانيا منتصف السبعينيات، من سوريا، بعد ملاحقة نظام حافظ الأسد لهم.

وفي هذا الإطار تمركزت جماعة الإخوان القادمين من سوريا في مدينة “آخن” في مقاطعة ” نوردويستفالن” شمال غرب ألمانيا عند الحدود الهولندية البلجيكية، وأبرز مقراتهم في مدينة “آخن” هو مسجد بلال، الذي يعتبر صرح ضخم في المدينة، بينما اتخذت قيادات الجماعة من أصول مصرية مدينة ميونخ جنوب ألمانيا.

واعتبر البروفسور زوزانة شروتر، من مركز الأبحاث الإسلامية في فرانكفورت، “الإخوان المسلمين” أساتذة التخفي، سواء على صعيد العمل التنظيمي أو الأهداف السياسية، وقالت الباحثة إنهم يصبحون أكثر صراحة في الحديث عن أهدافهم السرية كلما تعزز موقفهم السياسي، لكنهم يفضلون الظهور بمظهر المتسامح والمتفهم حينما يشعرون بأنفسهم ضعفاء أو أقلية ويستخدمون المشروعات الاقتصادية والاجتماعية بهدف التغلغل في المجتمعات والتأثير فيها.

وأشارت إلى محاولات التقرب من الأحزاب والشخصيات السياسية الفاعلة في ألمانيا، وأضافت إنهم يحققون شيئًا من النجاح في هذه المساعي .

جماعة الإخوان المسلمين ليست محظورة في ألمانيا، ولكنها مصنفة على أنها  جماعة متطرفة، تهدف إلى أسلمة المجتمع الألماني والأوروبي، وفقًا لتقرير فرع مكتب حماية الدستور في “سكسونيا” عن الإخوان.

تصنيف جماعة الإخوان جماعة متطرفة

تستند ألمانيا إلى تصنيف جماعة الإخوان المسلمين، بأنها جماعة متطرفة  كما يلي:

جماعة الإخوان المسلمين هي المصدر الرئيسي للأيديولوجية المتطرفة المستخدمة من قبل الجماعات الإرهابية.

كثيرون من كبار قادة تنظيم القاعدة، لا سيما أيمن الظواهري، ثم بعض قادة تنظيم داعش في مدينة الرقة السورية هم من الأعضاء السابقين في جماعة الإخوان المسلمين.

ويعتبر تاريخ جماعة الإخوان المسلمين مفعم بكثير من أعمال العنف والإرهاب، بما في ذلك حوادث الاغتيالات السياسية، ثم في الآونة الأخيرة، العمليات المناهضة للدولة في مصر.

ويقول السياسي الفرنسي “أوليفيي روا”: “دفعت العولمة بجميع مكونات الظاهرة الدينية إلى أقصى مدى، حيث لم يعد زوال الصفة الإقليمية يرتبط بانتقال الأشخاص فقط، بقدر ما بات يرتبط بانتقال الأفكار والمواد الثقافية”.

ويمكن أن نجد النموذج الصارخ الذي يوضح بدقة ما ذهب إليه “روا  أوليفي” [هو المسلمون في أوروبا بالنظر إلى فاعلية تيارات ومشاريع حركية إسلامية دعوية في صياغة جزء مهم من مخيالهم العام واستقطاب جزء من الشباب وشحنه بأيديولوجيا الكراهية والعنف وحشره في زاوية الأقليات حيث يتعمق الإحساس بأن المسلم  لا يمكن أن يكون مواطنًا أوروبيًا].

تبقى جماعة الإخوان المسلمين، من أكثر الجماعات جدلا في ألمانيا، كونها تمتهن السياسة، وتعمل على تأمين أنشطتها وأهدافها من خلال العمل تحت واجهات وأغطية، يصعب التفرقة بينها وبين العمل “الجهادي”.

ربما يعجبك أيضا