اللبنانيون يختارون نوابهم غدًا.. عين “حزب الله” على مقاعد الحريري

مي فارس

رؤية – مي فارس
 
يتوجه الناخبون اللبنانيون إلى مراكز الاقتراع غدا لاختبار برلمان جديد للمرة الأولى منذ تسع سنوات، ووفقا لقانون جديد يعتمد النسبية ويعتبر تجربة جديدة في هذا البلد ذي التركيبة السياسية والطائفية المعقدة.
 
ومنذ منتصف ليل الجمعة-السبت، بدأت فترة الصمت الانتخابي التي تنتهي بعد إقفال مراكز الاقتراع مساء الأحد، عقب حملة انتخابية صاخبة تخللتها اتهامات واتهامات مضادة عكست احتقانًا سياسيًا وطائفيًا كبيرًا في البلاد ويخشى أن تكون له تداعيات متفجرة بعد الانتخابات.
 
وتعتبر انتخابات الغد اختبارًا لرئيس الوزراء سعد الحريري وحزب الله الذي يتطلع إلى تعزيز قبضته على البرلمان الذي يضم 128 مقعدًا، على حساب الحريري.
 
وتراجعت ثنائية “الرابع عشر من آذار” و”الثامن من آذار” التي حكمت المعادلة السياسية في لبنان طيلة سنوات، لصالح تحالفات يصفها كثيرون بالهجينة، وغابت معها العناوين السياسية الخلافية التي قسمت لبنان منذ عام 2005.
 
وطغى الموقف من سوريا على انتخابات العامين 2005 و2009، عندما انقسم اللبنانيون بين فريق مناهض لنظام الرئيس بشار الاسد يتشكل خصوصا من مؤيدين للحريري، وفريق مؤيد للنظام يقوده حزب الله.
ويُقسم لبنان -وفق القانون الجديد- إلى 15 دائرة انتخابية، يتراوح عدد المقاعد فيها بين 5 و13 مقعدا.
 
ويُحدد عدد المقاعد في كل دائرة بحسب التقسيم المذهبي. فتوزع مقاعد دائرة زحلة في البقاع -على سبيل المثال- لتكون موقعان للكاثوليك، وموقع واحد لكل طائفة (موارنة والشيعة والسنة والأرثوذكس والأرمن الأرثوذكس).
 
ويفرض القانون الجديد تشكيل لوائح مغلقة، مما أطاح بإمكانية الترشح الفردي وأجبر المستقلين والناشطين على الانضواء في لوائح. وبالتالي تشكلت لوائح لا يجمع بينها أي برنامج سياسي مشترك، وضمت أحيانا كثيرة أضدادا في السياسة. ويمكن تشكيل لوائح غير مكتملة شرط ألا تقل عن ثلاثة مرشحين.
 
وعلى العكس من القانون السابق الذي كان يُعرف بـ”قانون الستين”، يعتمد القانون الجديد على الحاصل الانتخابي (عدد الناخبين/ عدد المقاعد)، وهو العتبة الانتخابية التي يفترض لكل لائحة أن تحصل عليها لضمان حصولها على مقعد في البرلمان وفقًا لنسبة الأصوات. وتخرج اللوائح التي لا تحصد الحاصل الانتخابي من السباق.
 
ولا يمكن للناخبين وفق القانون الجديد اختيار أسماء معينة من اللوائح أو شطب أخرى كما اقتضت العادة، بل على الناخب اختيار اللائحة كاملة.
وإذا رغب يمكنه أن يحدد شخصا واحدا يمنحه “صوته التفضيلي”. ويضمن المرشح الذي يحصل على أعلى نسبة من الأصوات التفضيلية أن تكون له أولوية الفوز بين أعضاء اللائحة.
 
ودفع “الصوت التفصيلي” أعضاء اللائحة الواحدة للتنافس فيما بينهم من أجل الحصول عليه، خصوصا وأنه يشترط لنجاح المرشح الحصول على أعلى الأصوات التفضيلية بين المرشحين من مذهبه.
 
وبموجب القانون الجديد، تشكلت للمرة الأولى هيئة إشراف على الانتخابات شبه مستقلة عن وزارة الداخلية، تضم ممثلة عن المجتمع المدني ما لبثت أن استقالت من منصبها يوم 20 أبريل/ نيسان الماضي احتجاجا على “عدم توفير الموارد الضرورية لتمكين الهيئة من القيام بمهامها.. وتقليص صلاحياتها”.
 
وسيتم فرز الأصوات على مرحلتين، الأولى يدويًا في أقلام الاقتراع، والثانية إلكترونيا لدى لجان القيد، في حين كان يعتمد القانون السابق الفرز اليدوي فقط.
وصرح وزير الداخلية نهاد المشنوق المقرب من الحريري بأن الانتخابات ليست نزاعًا سنيًا-شيعيًا، وإنما نزاع بين مجموعة تؤمن بالدولة، وأخرى لها ميول ايرانية وإقليمية. إلا أن الجانبين لا يمكنهما الا أن يحكما معا، ويتوقع أن يعيدا تشكيل حكومة وحدة وطنية على نسق الحكومة الراهنة التي تضم حزب الله.
 
 وركزت أكثر حملات نحو 500 مرشح على مواضيع النمو الاقتصادي والاستقرار الامني، مع توقع فوز أكثر زعماء الحرب، بمن فيهم رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي يتولى منصبه منذ أكثر من 25 سنة. وفي الوقت نفسه، ارتأى بعض من زعماء الحرب الاخرين، كزعيم الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط ترك مقعده لابنه تيمور المرشح للانتخابات.
 
وقال جوزف باحوط، الباحث في معهد كارنيغي، إن “المسائل الخلافية، بينها سلاح حزب الله والسجال في شأن مشاركته في النزاعات الإقليمية غابت من الحملات الانتخابية، الأمر الذي يعكس موافقة ضمنية على الهيمنة المحلية للحزب”.
 
القانون الانتخابي الجديد فتح ثغرات يمكن أن يستغلها معارضون لحزب الله داخل المجتمع الشيعي. ويحاول مستقلون ووجوه جديدة أيضًا كسر الاحتكار الذي طالما تمتعت به الامبراطوريات السياسية.
 
 ومع ذلك، يبدو أن حزب الله وحلفاءه سيكونون الفائز الاكبر مع احتمال انتزاعهم بعضًا من المقاعد التي يسيطر عليها تحالف الحريري، وخصوصًا بسبب تشتت الاصوات السنية.
 
 ويتمتع الحريري حاليًا بالكتلة البرلمانية الكبيرة، ولكن يتوقع أن يخسر مقاعد، وخصوصًا بعدما تخلى عنه بعض حلفائه بسبب الأزمة المالية التي يعانيها.
 
 ويسعى الحزب مع حلفائه إلى الفوز بــ43 مقعدًا، وهو ما يتيح له تعطيل أي قانون يعارضه.
 
وحض الأمين العام للحزب حسن نصرالله إلى التصويت بكثافة وخصوصا في بعلبك الهرمل المعقل التقليدي للحزب الذي يواجه فيه حاليًا تهديدًا من خصوم له.

ربما يعجبك أيضا