ترامب يهدد إيران: ستتفاوض وإلا سيحدث شيء ما !

محمود سعيد

رؤية – محمود سعيد

في 2015، وقعت إيران، مع الدول الخمس الكبرى دائمة العضوية في مجلس الأمن (روسيا والولايات المتحدة وفرنسا والصين وبريطانيا) وألمانيا، اتفاقًا حول برنامجها النووي.

ونص الاتفاق على التزام طهران بالتخلي لمدة لا تقل عن 10 سنوات، عن أجزاء حيوية من برنامجها النووي، وتقييده بشكل كبير، بهدف منعها من امتلاك القدرة على تطوير أسلحة نووية، مقابل رفع العقوبات عنها.

ومساء أمس الثلاثاء، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من الاتفاق النووي مع إيران، وتعهد بأن تفرض واشنطن “أعلى مستوى من العقوبات الاقتصادية على النظام الإيراني”.

ولكنه لم يكتف بذلك وبدا التهديد العلني لإيران ونظام خامنئي.

إيران ستتفاوض وإلا سيحدث شيء ما

وقال ترامب، إن على إيران أن تتفاوض وإلا سيحدث شيء ما، وذلك بعد أن أعلن الثلاثاء انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع طهران وفرض عقوبات جديدة. ولم يتضح بعد ما الإجراءات التي ستتخذ.

وحذر ترامب، إيران من “عواقب وخيمة جدا” في حال استأنفت برنامجها النووي. ورداً على سؤال بشأن ما ستقوم به واشنطن في حال استأنفت إيران مساعيها النووية، هدد ترمب بقوله: “ستكتشف إيران ذلك”.

وأضاف الرئيس الأمريكي: “أنصح الإيرانيين بعدم إعادة العمل ببرنامجهم النووي، أنصحهم بذلك بقوة”.

من جهته قال وزير الدفاع الأمريكي، جيم ماتيس، إن بلاده ستعمل مع حلفائها وشركائها للتأكد من عدم قدرة إيران على امتلاك سلاح نووي.

ردود الأفعال الدولية

وتعقيبا على الانسحاب الأمريكي من الاتفاق المبرم بين إيران والدول الكبرى، شدد قادة فرنسا وبريطانيا وألمانيا، في بيان مشترك، على التزامهم بالاتفاق، وقالوا إنه “ما زال مهمًا لأمننا المشترك”.

قال وزير الخارجية الفرنسي جون إيف لودريان، إن الاتفاق النووي الإيراني “لم يمت”، مؤكدا أن “الأوروبيين سيظلوا ملتزمين بالاتفاق وسيعملون على بقاء إيران فيه”.

من جهته قال وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير، إنه من غير المقبول أن تنصّب واشنطن نفسها شرطياً اقتصادياً على العالم، وذلك على خلفية قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، وإعادة فرض عقوبات اقتصادية عليها.

فيما دعا رئيس الوزراء الإيطالي، باولو جينتيلوني، إلى الحفاظ على الاتفاق النووي الموقع مع إيران عام 2015، بعد إعلان الولايات المتحدة انسحابها منه.

من جانبه، أعلن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، التزام بلاده بخطة العمل الشاملة المشتركة بشأن البرنامج النووي الإيراني، على خلفية قرار واشنطن الانسحاب من الاتفاق المبرم مع طهران.

أما الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، فاتهم إيران باستغلال الاتفاق النووي لتصدير العنف والإرهاب لدول المنطقة.

وقال إن “النظام الإيراني استغل الاتفاق النووي وعمل على تصدير العنف والإرهاب والتدخل بشؤون المنطقة في إطار أجندته وأطماعه التوسعية”.

الموقف السعودي

فيما أعلن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في تصريح لشبكة “سي إن إن” الأميركية الأربعاء، أن السعودية ستسعى لتطوير سلاح نووي في حال سعت إيران لذلك، وسط تزايد التوتر إثر إعلان واشنطن الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني.

وردا على سؤال حول ما إذا كانت الرياض “ستقوم بتصنيع قنبلة بنفسها” في حال استغلت طهران انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي الإيراني عام 2015 لاستئناف برنامج للأسلحة النووية، قال الجبير “إذا حازت إيران على قدرات نووية سنبذل كل ما بوسعنا للقيام بالشيء نفسه”.

وأضاف الجبير “هذه الصواريخ إيرانية الصنع وتم تسليمها للحوثيين، هذا السلوك غير مقبول، إنه ينتهك قرارات الأمم المتحدة فيما يتعلق بالصواريخ البالستية. ويجب أن يحاسب الإيرانيون على ذلك”.

وحذر قائلاً “سنجد الطريقة المناسبة والوقت الملائم للرد على ذلك”، مضيفا “نسعى بكل ثمن لتجنب عمل عسكري مباشر ضد إيران، لكن سلوك إيران هذا لا يمكن أن يستمر، إنه يرقى الى إعلان حرب”.

الخيارات الإسرائيلية

وقد تباينت التحليلات الإسرائيلية حول طبيعة الرد الإيراني على قرار ترامب الانسحاب من الاتفاق الدولي النووي مع إيران، وفرض أقصى درجات العقوبات عليها، والذي تزامن مع شن إسرائيل-كما ذكرت عدة مصادر من بينها روسيا-عمليات قصف استهدفت مواقع عسكرية إيرانية في سوريا.

ووقع آخر الهجمات التي استهدفت مواقع عسكرية في سوريا، الليلة الماضية بعد إعلان إسرائيل عن تحركات عسكرية في سوريا، لكن لم تعترف إسرائيل بمسؤوليتها عنه، واتهمتها سوريا بذلك.

وذكرت صحيفتا “هآرتس” و”يديعوت أحرونوت” الإسرائيليتيْن اليوم، أن الهدف من عملية القصف كان تدمير صواريخ موجهة إلى إسرائيل.

وعن إمكانية رد إيران على سلسلة الهجمات التي تعرضت لها قواتها وقوعدها العسكرية في سوريا، كتب يؤاف ليمور في تحليل بصحيفة “يسرائيل هيوم”، أن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران وانتهاء الانتخابات البرلمانية في لبنان فتح الباب على مصراعيه للمواجهة، وقد تلجأ إيران للميليشيا التابعة لها في سوريا للقيام بهذا الرد، وذلك لتجنب الدخول في مواجهة مباشرة مع إسرائيل.

وأضاف ليمور إن الغارة الليلة الماضية قد تكون “ضربة إسرائيلية وقائية لإحباط المخططات الإيرانية، لكن الوضع على طرفي المواجهة هو مثل اللعب بالنار”.

وأضاف: ” الكرة الآن في ملعب إيران، فأي هجوم من طرفها سيعيدها الى مربع الاتهام بأنها مصدر الشر في المنطقة، وسيبرر أي رد إسرائيلي، وسيعطي مصداقية لانسحاب ترامب من الاتفاق النووي معها”.

كما يرى الخبير الإسرائيلي أن حزب الله وإيران نفسيهما ليسا معنيين بالمواجهة مع إسرائيل، فبعد الإنجاز الذي حققه حزب الله في الانتخابات البرلمانية اللبنانية قبل أيام، سيعمل الحزب على تعزيز مكاسبه السياسية في بلده، وقد يخسر هذه المكاسب إذا أدخل لبنان في خضم مواجهة عسكرية بالنيابة عن إيران.

من ناحيته، يرى رونين بيرغمان في تحليل في صحيفة “يديعوت أحرونوت” أن إيران على المدى القصير ستجد نفسها في وضع صعب دوليًا، في ظل القرار الأميركي بالانسحاب من الاتفاق النووي، وستضطر للعمل بطرق دبلوماسية دفاعية، فهي -حسب بيرغمان- وعلى عكس ما يظن البعض حساسة تجاه الموقف الدولي منها، وهذا سيمنعها من إشعال حرب في الشرق الأوسط للانتقام لقتلى الهجمات التي تقول طهران إن إسرائيل نفذتها على قواعدها بسوريا.

أما على المدى البعيد، فيرى بيرغمان، أن إيران ستخرج مستفيدة من الواقع الجديد الذي لن يكون لصالح إسرائيل.

ربما يعجبك أيضا