إسرائيل وإيران وجهًا لوجه .. متى تبدأ المواجهة العلنية؟

محمد عبد الدايم

رؤية – محمد عبد الدايم

عناصر من الجيش الإيراني تنتشر في كل القواعد العسكرية السورية أو الروسية في سوريا.

إسرائيل كانت تبذل جهودا كبيرة في عهد أوباما للتواجد في سوريا للحد من توسع حزب الله هناك.

حزب الله يحقق نتائج كبيرة في الانتخابات اللبنانية ويزيد الضغط على إسرائيل.

هل تستثمر إسرائيل انسحاب ترامب من الاتفاق النووي لتبادر بالهجوم على إيران؟!.

تواترت أنباء عن استعداد إسرائيل لتوجيه ضربة عسكرية ضد إيران، هذا ما أعلنته شبكة NBC الأمريكية بالتزامن مع التوتر المتزايد بين إسرائيل وإيران من جهة، وبين الولايات المتحدة وإيران من جهة أخرى.

وفقا لـ NBC فإن مسؤولين بارزين في الجيش الإسرائيلي التقوا مع نظرائهم في الجيش الأمريكي، في إسرائيل وفي الولايات المتحدة، لمناقشة إمكانية الحصول على دعم أمريكي كي تنفذ إسرائيل ضربة عسكرية استباقية “قوية” لإيران في سوريا، وقال مسؤولون أمريكيون إن إسرائيل طلبت كذلك دعما استخباراتيا يساعدها على تنفيذ الضربة.

أضاف المسؤولون الأمريكيون إن مخاوف إسرائيل تتزايد بسبب نشاط إيران في سوريا وتأثير توسعها، فيما تقود روسيا الطلعات الجوية لصالح نظام الأسد في سوريا تنشط إيران على الأرض، ولذا يتواجد عسكريون إيرانيون في القواعد العسكرية الكبيرة التي يسيطر عليها نظام الأسد أو الجيش الروسي في سوريا.

القصف “مجهول الهوية” لاستهداف إيران في سوريا

ليس غريبًا إذا أن يصرح مسؤول عسكري أمريكي بوجود احتمالية كبيرة لحدوث مواجهة إيرانية إسرائيلية، خصوصًا مع توارد أنباء عن أن إسرائيل مسؤولة عن العملية الجوية العسكرية التي جرت مؤخرا ضد قاعدة اللواء 47 في ريف حماة الجنوبي، حيث هزت انفجارات عنيفة مناطق في ريف حماة ومحافظة حلب السورية ومناطق على مقربة من سلحب، ومواقع في مناطق مطار النيرب العسكري وكذلك بالقرب من مطار حلب الدولي، وأشارت أنباء إلى وجود عناصر إيرانية إلى جانب وحدات من جيش النظام السوري في اللواء 47 الذي تعرض للقصف “المجهول”.

فيما نفت مصادر عسكرية أمريكية مسؤولية الولايات المتحدة أو حلفائها عن القصف المجهول تواترت أنباء عن مسئولية الجيش الإسرائيلي عنه، حيث قامت بالعملية ثلاث طائرات من طراز F 15 تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي، وأشارت أنباء إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى في صفوف قوات الجيش السوري والعناصر الإيرانية المصاحبة لها، وقدرت أنباء أخرى عدد القتلى بنحو 25 عسكريًا إيرانيًا بجانب إصابة نحو 30 آخرين.

 وقد تطرقت وسائل إعلام إسرائيلية إلى هذه العملية، وأشارت إلى تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي أفيجادور ليبرمان الذي قال صباح الأحد أنه لن يتوانى لحظة ولن تتوقف إسرائيل عن القيام بأي شيء يمنع إيران من استخدام الأراضي السورية كقاعدة لمهاجمتها، ومنع إيصال أسلحة متطورة إلى حزب الله اللبناني، وفي الوقت نفسه صرح اعتبر ليبرمان أن اندلاع حرب بين إسرائيل ولبنان أمرا غير مرجح.

الهدف الرئيس من عملية القصف الجوي “المجهول” على اللواء 47 هو استهداف عناصر إيران وتدمير الصواريخ الأرض جو التي نقلتها إيران مؤخرا إلى القاعدة، وأكدت شبكة NBC مجددا على أن هذه العملية تمثل تطورا نوعيا في التوتر الإسرائيلي الإيراني، وتمهد لنشوب مواجهة عسكرية علنية بين الطرفين.

ليست الضربة الأولى ولن تكون الأخيرة

هذه ليست الضربة الإسرائيلية الأولى لأهداف إيرانية بسوريا، فمنذ ثلاثة أسابيع قصفت طائرات إسرائيلية قاعدة تابعة للجيش السوري في حمص، وهي قاعدة يرتكز فيها عسكريون إيرانيون، إلى جانب مزاعم عن وجود طائرات إيرانية بدون طيار. 

على ما يبدو أن التحرك الإسرائيلي الهادف لتنفيذ عمليات عسكرية ضد إيران لم يكن وليد الفترة الأخيرة فقط، بل تخطط إسرائيل منذ سنوات لتنفيذ هجوم استباقي على أهداف إيرانية، وتحديدا حينما بدأ التواجد العسكري الإيراني يتزايد في سوريا مع بدء المعارك بين المعارضة وبين قوات الأسد، ومن ثم تسعى إسرائيل لكبح النشاط التوسعي الإيراني في المنطقة ابتداء من سوريا. 

ذكرت تقارير عسكرية أن إيران خلال الأسبوعين الماضيين قد سرَعت من عمليات النقل الجوية لطائرات من سلاح الجو التابعة لها إلى سوريا، وأغلب حملة هذه الطائرات من الأسلحة الخفيفة والذخائر وصواريخ الأرض جو، والهدف منها تعزيز القدرات العملية للقوات العسكرية الإيرانية التي تنشط على الأرض في سوريا، إلى جانب التخطيط لضرب إسرائيل.

ليس خافيا أن إيران منذ سنوات تدعم قوات حزب الله اللبناني في الأراضي السورية لتستطيع مساعدة قوات نظام الأسد، لكن لوحظ في الفترة الأخيرة ازدياد عمليات نقل الأسلحة والتدعيم العسكري اللوجستي من إيران إلى حزب الله، وهو الأمر الذي يزيد مخاوف إسرائيل، بسبب نشاط حزب الله في سوريا ولبنان، وعلاقته مع حماس، إلى جانب التوسع الكبير الذي تحققه إيران في المنطقة.

في بداية هذا الأسبوع صرح وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس أنه تشاور مع نظيره الإسرائيلي أفيجادور ليبرمان خلال لقائهما في البنتاجون الأسبوع الماضي، وتحدثا سويا عن الوجود الإيراني في سوريا، وفقا لما صرح به ماتيس فإن الإسرائيليين يخشون هذا النشاط الإيراني في سوريا، ويتخوفون كذلك من محاولات لتنظيم عملية مشتركة بين حزب الله وإيران للهجوم على إسرائيل.

أضاف ماتيس:” تحاول القوات الإيرانية، أو قوات حزب الله، الاقتراب من الحدود مع إسرائيل، وأقصد الاقتراب الشديد من الحدود، لذا فإسرائيل تتحسب كثيرا لهذا الأمر”.

جدير بالذكر أن قائد القيادة المركزية الأمريكية جوزيف فوتيل قد زار إسرائيل مؤخرا الأسبوع الماضي، وهي الزيارة الأولى له منذ تولى منصبه، رغم أن شئون إسرائيل ليست ضمن مسؤوليات القيادة المركزية، والتقى فوتيل برئيس الأركان الإسرائيلية جادي أيزنكوت.

انسحاب ترامب من اتفاق النووي ومكاسب حزب الله في الانتخابات

الآن وقد أعلن – الثلاثاء- دونالد ترامب عن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي المبرم مع إيران عام 2015 في عهد سلفه أوباما، وسارعت إسرائيل بالترحيب بقرار ترامب ووصفته بـ “الشجاع”، ويتزامن انسحاب ترامب من الاتفاق النووي مع ظهور نتائج أولية للانتخابات البرلمانية اللبنانية التي تُجرى لأول مرة منذ 9 سنوات، وأشارت النتائج إلى تقدم كبير لحزب الله وحلفائه، حيث حصلوا على ما يقرب من 67 مقعدا بعد انتخابات اعتمدت قانونا انتخابيا جديدا يقوم على التمثيل المثلي.

الآن بعد انسحاب ترامب من الاتفاق النووي مع الحديث عن عودة العقوبات الأمريكية على إيران بالتزامن مع نشاط عسكري مكثف لإسرائيل للحد من التوسع الإيراني في سوريا، وفي المقابل يبدو حزب الله مسيطرا على الساحتين السياسية والعسكرية في لبنان، خصوصا مع التراجع الكبير لتيار المستقبل وزعيمه سعد الحريري في الانتخابات البرلمانية، وهذا كله يؤشر لتصاعد التوتر العسكري بين إسرائيل المدعومة من الولايات المتحدة وبين إيران وحزب الله.

هل تبدأ المواجهة العلنية

ربما ليس من صالح إيران أن تتلقى عقوبات أمريكية في هذا الوقت تحديدا، بينما توسع انتشارها العسكري والسياسي في سوريا واليمن، إلى جانب الاضطرابات الداخلية الأخيرة التي تُظهر سخطا شعبيا يقلق القيادة السياسية، لكن توطيد حزب الله لوضعه السياسي في لبنان والعسكري في سوريا يضمن لإيران بعض الوقت كي تواصل مساعيها في التواجد المكثف بالمنطقة، وفي المقابل تسعى إسرائيل للتخلص من مصدر القلق الكبير لها، فالواقع أن خوف إسرائيل الآن يأتي من حدودها الشمالية، وحين تحقق أفضلية عسكرية على حزب إيران وحزب الله في سوريا تضمن نتائج إيجابية تجعلها تأمن كذلك جانب حماس، ومن تصريحات وزير الدفاع أفيجادور ليبرمان يمكن استشفاف الاهتمام الإسرائيلي بالتخلص من بوادر التهديد الإيراني.

رغم تصريح ليبرمان بعدم ترجيح الحرب مع إيران، فإن الاستنفار العسكري الإسرائيلي ليس خافيا على أحد، والمعركة ربما تبدأ أسرع مما توقع البعض، وإذا كانت العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد إيران في سوريا تحدث من وراء ستار حتى الآن، فعما قريب ربما تكون المناوشات حربا علنية.

ربما يعجبك أيضا