“فقه الدماء”.. دليل الشرعية لـ”بربرية” داعش

ترجمة – حسام عيد

في تحليل جديد لوثيقة “كتاب” من 579 صفحة ألفها مرجع وفقيه داعش “أبو عبد الله المهاجر”، كشفت صحيفة الجارديان البريطانية في تقرير نشرته، اليوم الأحد الموافق 13 مايو 2018، الدليل الذي يرتكز عليه التنظيم الإرهابي لإضفاء الشرعية على أعماله وجرائمه الوحشية، بما في ذلك التمثيل بالجثث وتشويهها، والاتجار بالأعضاء البشرية، وقطع الرأس، وقتل الأطفال إلى جانب “عمليات الأرض المحروقة” والهجمات الإرهابية العالمية.

فقه الدماء

بعد عامين من فحص الوثيقة، أكمل الخبراء في مجموعة كيليام لرصد ومناهضة التطرف تقييمًا منهجيًا ودقيقًا للكتاب الأساسي للمتطرفين، وتوصلوا إلى أنه قدم تفسيرات ملتوية ومحرفة لتعاليم الدين الإسلامي بغرض إضفاء الصبغة الشرعية والإلهية على الأعمال المروعة لتنظيم داعش، ليصبح بمثابة “الكتاب المقدس للجهاديين”، لما يوفره من إطار نظري وقانوني للجماعة الإرهابية العنيفة.

وأشار تقرير “الجارديان” إلى أن الكتاب باسم فقه الدماء، وهو أساس الجهادية السلفية داخل داعش، وقائم على تبرير استخدام أسلحة الدمار الشامل، وارتكاب جرائم الإبادة الجماعية، وقتل غير المقاتلين، وأخذ الرقيق الجنسي والرهائن.

القتال حتى الموت

وتمكن باحثون من “كيليام” من الحصول على نسخة من الكتاب على الإنترنت في عام 2015، بعد أن اكتشفوا أن “فقه الدماء” يستخدم لتعليم المجندين الجدد لتنظيم دولة الخلافة “داعش” في سوريا.

في ذلك الوقت، كان تنظيم الدولة يضم مساحات شاسعة من سوريا والعراق بعدد سكان يصل إلى ثمانية ملايين نسمة.

ومنذ ذلك الحين خسر التنظيم الإرهابي 98% من الأراضي في البلدين، وهو الآن محصور إلى حد كبير في شريط صحراوي يمتد عبر الحدود العراقية السورية.

ويقدم الكتاب إرشادات للتنظيم حول “التراجع العسكري” مع فصل مخصص لـ”الاستسلام مقابل القتال حتى الموت”، والذي يطالب الجهاديين بضرورة اختيار وتفضيل الموت بدلاً من تسليم أنفسهم للعدو.

ومع ذلك، قال الشيخ صلاح الأنصاري -أحد كبار الباحثين في كيليام- الذي ترجم الكتاب “الدليل” من العربية وأعد نقدا وافيًا، إنه لا يوجد شرط أو متطلب ديني لـ”القتال حتى الموت” وأن التقليد الإسلامي في الحرب شجع على المعاملة الإنسانية لأسرى الحرب.

وأضاف الأنصاري: “إن عملنا يكشف بشكل شامل ويرفض حجج داعش المنافية للإسلام، ويظهر جهلهم وتجاهلهم للتعاليم الإسلامية التقليدية، وكذلك القيم الإسلامية والإنسانية الأساسية للرحمة والتعاطف”.

20 فصل لتبرير وحشية داعش

ويتألف الكتاب من 20 فصلًا، تشمل عناوين “قطع الرأس، التشويه، خطف الكفار المتحاربين، وكيف تقتل الجواسيس”.

ويبدأ مدخل فصل أخر بعنوان “القتل العشوائي للكفار المتحاربين” برسالة تحريضية تستدعي استخدام القوة ضد غير المؤمنين: “اقتلوهم ، وحاربوهم بكل الوسائل التي قد تخطف نفوسهم، وتنزع أرواحهم من أجسادهم، طهروا الأرض من قذارتهم وأزيلوا آفاتهم من البشرية، مهما كان ذلك يعني قد يكون”.

وفي فصل مستقل، حاول أبو عبدالله المهاجر مؤلف الكتاب تبرير استخدام أسلحة الدمار الشامل، موضحا “إن الهدف الرئيسي الذي يسعى التنظيم من أجله بكل ما هو متاح من قوة، هو الحصول على الأسلحة -أسلحة الدمار الشامل- لأنه لا مفر من الالتزام بالدفاع ضد هؤلاء المنحرفين المحايدين للإيمان وإنهاء العدوان الكريه على الإسلام والمسلمين”.

الإساءة لأخلاقيات وروح الإسلام

كل نقطة أعدها، قام باحثو كيليام بدحضها باستخدام نصوص القرآن، ووفقا لتعاليم الإسلام، وكذلك بالإشارة إلى الأعمال والمراجع التي تظهر أخلاقيات ومبادئ الإسلام في الحروب. وقال الأنصاري: “وثيقة داعش تقدم تفاصيل دقيقة عن استخدام الجهاد في مناقشته السنية التقليدية، ويسيء استخدام هذه الميزات لتوفير غطاء قانوني إسلامي لعمليات إرهابية”.

من بين أحد فروعه المركزية التمييز بين “أراضي الإسلام” و”أراضي الكفر”، ونظرية أن الجهاديين مؤهلون لمحاربة غير المؤمنين.

كتاب داعش المقدس

وأفاد تقرير مجموعة كيليام المناهضة للتطرف بأن تبرير الحرمان (التكفير) والهجمات العسكرية ضد المدنيين على هذا الأساس “أمر سخيف للغاية”.

ومع ذلك، قال أنصاري: إن التاريخ أثبت أن البعض قد تأثر بالكتاب، حتى الفصلين 11 و12  اللذين يحاولان فرض عقوبة إسلامية كتشويه الجثث، وقطع أجزاء الجسم وقطع الرأس.

وأضاف: “القارئ الضعيف الذي ليس لديه أساسيات الفقه الإسلامي يمكن بسهولة أن يغريه هذا الكتاب لأنه مكتوب بطريقة تعطيه وزنا دينيا. في حين أن النص يستند إلى قراءات تقليدية إلى حد ما، فإنه لا يعكس التعقيدات المتنوعة والتعددية للأحكام الإسلامية”.

إن تفسير الجهاديين للجهاد -وهو النص الذي استخدمه تنظيم القاعدة وجماعة “بوكو حرام” المتشددة في نيجيريا لتبرير ارتكاب الفظائع- كان يمكن أن يكون منهجًا أساسيًا لمسلمي داعش الأوروبيين الـ6000 الذين سافروا إلى العراق وسوريا للقتال بصفوف التنظيم الإرهابي، من بينهم حوالي 850 بريطانيًا.

وقال أنصاري: “كان من الممكن تقديم هذا الكتاب لمقاتلي داعش على أنه الكتاب المقدس، أهم نصوصهم على الإطلاق”.

ربما يعجبك أيضا