من قلب حروب “جوبا”.. نساء يؤسسن أوطانًا من القش

أسماء حمدي

كتبت – أسماء حمدي

قبل سنوات ولدت دولة جديدة، بعد عقود من الحرب الأهلية مع الجزء الشمالي من السودان، كان القصد من هذه الولادة أن تكون الحلم الذي يتحقق، لكن دولة جنوب السودان انحدرت إلى الفوضى، ونشبت الحرب من جديد، حرب ذات بعد عرقي، وتسببت في تشريد أكثر من مليوني إنسان من منازلهم وقتل عشرات الآلاف.

صراع قبلي دامٍ يغذيه فساد سلطوي ومالي، طاحونته مليارات الدولارات من النفط والغاز والضحية هو المواطن الجنوبي الذي حلم باستقلال أو انفصال لكنه استيقظ فجأة ليجده كابوسا يطارده ليل نهار.

يعيش حوالي 2.5 مليون من الناجين من الحرب الأهلية في جنوب السودان كلاجئين في البلدان المجاورة مثل أوغندا، ولا يزال هناك مليونان آخران في البلاد ولكنهم طردوا ​​من منازلهما حيث قام متمردون وقوات حكومية بنهب القرى وتجريفها.

تتوقع الأمم المتحدة أن ينمو جزء كبير من الجيل الأول من المواطنين الأصليين في جنوب السودان في مخيمات النازحين، ففي باغيرينيا، وهو مخيم لإعادة توطين اللاجئين في شمال أوغندا، يولد حوالي 40 طفلا كل شهر.

في المجتمع الجنوبي، يتم بناء المنازل عادة من قبل الرجال،  لكن الآن المرأة تتولى المسؤولية، وتقول أندريا كولينان، منسقة العنف الجنسي لصندوق الأمم المتحدة للسكان في جنوب السودان: “هناك فرصة كبيرة لتمكين المرأة الجنوبية”، موضحة كيف أن نقص الدعم من الرجال لم يكن للأسوأ، ففي بعض الأحيان يأتي من بعض التغييرات بعض الخير، وأحد الأشياء التي يمكن أن تخرج منها هو أن النساء يمكن أن يشاركن أكثر في القرارات المتعلقة بحياتهن.

وأصبحت مهمة تحويل المعسكر إلى بيت هي مسؤولية النساء، حيث إن 85% من اللاجئين هم من النساء والأطفال، وفي باغرينيا يبلغ عدد النساء البالغات ضعف عدد الرجال.

وتقوم النساء ببناء منازل توفر أكثر من مجرد مأوى لهن ولأطفالهن، فيقمن باستبدال الخيام المصنوعة من القماش أو المشمع الأبيض والمعروفة باسم المجتمعات التي فرت من الحرب والكوارث، بمنازل تقليدية تبنى من الطوب الطيني، وتصنع الأسقف من القش.

“إنها ليست الحياة التي حلمت بها في جوبا، وليست الحياة التي كنت أعيشها في قريتي، لكن تجمّعنا معًا كعائلة وسط عاصفة الحرب الطاحنة، أفضل من أن نفقد أحدنا”، حسبما قالت إحدى اللاجئات، ومن الواضح أن المنزل الذي بنته هو أكثر من مجرد حماية من المطر والرياح: إنه وطن.

ربما يعجبك أيضا