“مراوي” الفلبينية.. مدينة أشباح تطاردها “داعش”

أسماء حمدي

كتبت – أسماء حمدي

بعد عام من بدء النزاع، لا يعرف سكان العاصمة الإسلامية”مراوي” في الفلبين، متى سيكونوا قادرين على العودة إلى ديارهم.

في جادة “جوميسا”، تجد مسجد “باتو” الأخضر، وهو بمثابة تذكير مفجع للمعارك الشرسة التي خاضها الجيش لوقف مؤيدي تنظيم “داعش” من إقامة الخلافة في الفلبين قبل سنة من الآن وتحديدًا في رمضان، حيث تظهر آثار الرصاص على القبة والمئذنة، ودمرت القنابل أجزاء كبيرة من الجدران، ويعد “باتو” واحد من عدة مساجد التي احتلها المسلحون خلال المعارك التي استمر خمسة شهور.

ونشرت صحيفة “الجادريان” مقالا للكاتبة كارميلا فونبوينا، تقول فيه، إن  سنة مضتعلى تلك المعارك التي أودت بحياة نحو ألف شخص، لكن شبح الموت لم يبتعد عن المدينة، وأشارت إلى أن بعض المباني في “ماراوي”، كانت أسوأ بكثير من حال مسجد “باتو”، حيث دمرت جدران المنازل، كما تقف السيارات المفخخة والمحترقة على جانبي الشوارع.

مدينة أشباح

بعد عام من قيام المقاتلين المحليين والأجانب بقيادة جماعة “ماوتي” بحصار المدينة تحت راية “داعش”، لا يزال التهديد الإرهابي مستمرا، ولا يزال عشرات الآلاف من السكان غير قادرين على العودة إلى منازلهم التي تحولت إلى ركام يسكنه أشباح داعش.

ويقول الكولونيل روميو براونر، المتحدث العسكري في مراوي، إن المهندسين العسكريين يحتاجون إلى مزيد من الوقت لإزالة الركام من شوارع المدينة.

ومن بين العديد من القضايا التي تواجه سكان ماراوي، هي عملية تأخير إعادة إعمار المدينة، ما يؤدي إلى إطالة أمد تشريد ما لا يقل عن 50000 شخص، أي ربع سكان المدينة قبل الحصار.

في الفترة ما بين 1 أبريل و 10 مايو، سمح للسكان بالدخول إلى منطقة التي دارت فيها المعارك تحت الحراسة لزيارة منازلهم قبل هدمها في يونيو كما هو مقرر.

وقال عبد التواب عامر أحد سكان المدينة “كم كان مؤلما رؤية المنازل المدمرة. بكت زوجتي لهول المنظر”، عندما شاهدنا منزلنا المكون من ثلاثة أدوار وقد تحول إلى أنقاض.

وكان الهدف من الزيارة المؤقتة السماح للسكان بجمع الأشياء الثمينة المتبقية، لكن الشكاوى من النهب كانت متفشية.
في 10 مايو، أغلق الحي الذي شهد المعارك أمام المواطنين، ومن المتوقع أن تبدأ أعمال الهدم في يونيو لإفساح المجال لإعادة بناء المدينة، وسيتم بناء المرافق العامة أولا والتي من المتوقع أن تستغرق 18 شهرا، قبل أن يسمح للسكان بالعودة.

مغناطيس للمقاتلين الأجانب

في حين الانتهاء من خطة إعادة الإعمار، يبقى التهديد من الجماعات المرتبطة بـ”داعش”، على الرغم من وفاة قاداتهم ومن بينهم إيسنيلون هابيلون المعروف ب أبو عبد الله الفلبيني، أمير “داعش” في جنوب شرق آسيا، وما زال الجيش يلاحق أفراد جماعة “ماوتي” في المدينة والبلدات المجاورة.

وما زالت اشتباكات عنيفة دائرة بين الجماعات المحلية الأخرى والمقاتلين الأجانب في أجزاء أخرى من جزيرة مينداناو، حيث يظل تطبيق الأحكام العرفية مطبقا، وهناك مخاوف بشأن عودة مقاتلي “داعش” الآسيويين من الشرق الأوسط بحثا عن ملاذ في الفلبين.

يتحدث عن تهديد “داعش” في مراوي، الجنرال كارليتو غالفيز جونيور، رئيس أركان القوات المسلحة الفلبينية، قائلا: “لقد ضعف تنظيم “داعش” إلى حد كبير، لكن لا يمكننا أن نبقى راضين لكننا واثقون جدا من جهودنا لمكافحة الإرهاب”.

يقول زاكري أبوزا، الخبير الأمني ​​في جنوب شرق آسيا في الكلية الحربية الوطنية بواشنطن، إن المشكلة هي أن “مينداناو ستظل نقطة جذب للمقاتلين الأجانب بسبب مساحات كبيرة لا تقع تحت سيطرة الحكومة”.

مستقبل غير واضح

“الكفاح ضد التطرف ليس دائمًا في ساحة المعركة، وأشعر أكثر بالقلق إزاء البطء في إعادة بناء مراوي، ما يتسبب في استياء المواطنين تجاه الحكومة، كما أشعر بالقلق إزاء عملية السلام مع جبهة تحرير “مورو” الإسلامية التي يتم تنفيذها بشكل سيء، فكل هذه الأسباب تجعل السكان ناقمين على الحكومة، وليس تصرفات الخلايا الصغيرة للإرهابيين.

من المتوقع أن يفوز تحالف “بانجون – مراوي” الذي تقوده الحكومة الصينية بعقد قيمته 17.2 مليار جنيه إسترليني (328 مليون دولار) لإعادة إعمار مناطق المعركة، وهو واحد فقط من مشاريع البنية التحتية التي يمكن أن تذهب إلى البلاد منذ أن بدأ الرئيس رودريجو دوتيرتي بإظهار علاقات وثيقة مع بكين.

يقول إيكيا فرنانديز، خبير التخطيط، أن هناك مخاوف بين سكان مراوي من أن الخطط الحكومية للمدينة قد تغير طريقة حياتهم، مشيرا إلى أن السكان احتجوا على اقتراحات اعتماد لوائح تنظيمية تجارية وسكنية صارمة، لكونها تتعارض مع البنى التقليدية ذات الاستخدامات المتعددة التي اعتادوا عليها، حيث توجد الشركات في الطابق الأرضي بينما تخصص الطوابق العليا كسكن للعائلات.

“نريد العودة إلى منازلنا، ونأمل في إعادة بنائها مرة أخرى، هل نتمنى ذلك عبثا؟ فالوقت طويلا جدا ويمر ببطء، حسبما قال عامر أحد سكان مراوي.

ربما يعجبك أيضا