رمضان حول العالم.. عبادات وعادات شهر الصيام في جزر القمر

أشرف شعبان

رؤية – أشرف شعبان

يتخذ رمضان في جزر القمر طابعاً خاصاً، حيث تبدأ الأجواء الرمضانية عند أهل هذا البلد منذ حلول شهر شعبان، فيكثر الناس من الصيام والصلاة في المساجد استعداداً لاستقبال شهر رمضان، ففي اليوم التاسع والعشرين من شهر شعبان يتحرى أهل جزر القمر هلال رمضان، وقبيل غروب الشمس تتوجه الأنظار نحو السماء غربا أملا في أن يرى أحدهم الهلال، ويظفر بلقب أول من يبلغ عن حلول الشهر الفضيل.

وفور إعلان  ثبوته يصيح الناس باللهجة المحلية “ظهر هلال رمضان” ويكرر الأطفال تلك العبارة وهو يجوبون الشوارع والأزقة، وبعضهم يتوجه بالبشرى إلى البيوت ليخبروا من فيها عن قدوم الشهر الكريم.

أما في القرى البعيدة التي تصعب على سكانها رؤية الهلال لظروف معينة أحيانا مثل الغيوم الكثيفة تجد ممن فيها يجتمعون في بيت من يملك تلفاز أو راديو للاستماع  إلى بيان دار القضاه بشأن ثبوت الرؤية.

الليلة الأولى من رمضان

مــن الطقوس المتـــــوارثة في جزر القمر في ليلة الرؤية، أن يخرج أهلها حاملين المشاعل ويتجهون إلى السواحل ويقرعون الطبول إعلاناً بقدوم رمضان، ويظل السهر حتى وقت السحور، ومن العادات القمرية تنظيم الحفلات الفولكلورية على الشواطئ والمزارع والمتنزهات استعدادا لشهر الصيام.

تزيين المساجد

يستعد المسلمون في جزر القمر لاستقبال شهر رمضان بتنظيف المساجد، وترميمها لتظهر بطابع جديد، ومنهم من يقومون بطلائها بأجمل الألوان مع تزيينها بالمفارش، ويغيرون المصابيح القديمة بالجديدة، وينظمون الرفوف، بحيث توضع المصاحف لتكون جاهزة للذين يعمرون المساجد بالصلاة وقراءة القرآن الكريم. ويستمر ذلك خلال الشهر المبارك الذي تكثُر فيه حلقات الذكر وتلاوة القرآن الكريم، والصدقات وأعمال الخير.

وجبة الإفطار

الموائد الرمضانية القمرية تتأثر بالمطبخ العربي حيث يفطر الصائمون علي مشروبات الفواكه الطبيعية المنتشرة فيها، ويعتبر “الثريد” من الأطعمة الرئيسية على مائدة الفطور في جزر القمر، والذي يحتل مكانة خاصة لديهم بين بقية الأطعمة، إلى جانب اللحم، والمانجو، والحمضيات، ومشروب الأناناس والفواكه الاستوائية الأخرى.

وغالبا ما تكون اللحوم موجودة في غالبية الوجبات نظرا لانتشار حشائش وأشجار الغابات وكذلك الزراعة التي تتربي عليها الحيوانات ، فضلا عن وفرة الأسماك لطول سواحلها ومحاصرة مياه المحيط الهندي لها من جميع الجهات.

وتجد لدى بعض الأسر أنواعاً أخرى من المشروبات، كالبطاطس الحلوة والموز الأخضر، ويشربها المواطنون مع اللحم أو السمك المشوي أو المقلي. ومن مكونات وجبة الإفطار، خصوصاً في القرى، الموز الأخضر المطبوخ مع السمك واللحم، بحيث يتم مزجها أثناء الطبخ بعصير لب جوز الهند.

إفطار جماعي

يواظب العديد من الناس في جزر القمر على الإفطار في المسجد، فتراهم قبل موعد الإفطار يحملون أكلهم ويتجهون إلى المساجد، ويهيئون مائدة إفطار جماعي مكون من أطباق مختلفة، فيتبادلون الأكل مع بعضهم في جو من التآخي والرحمة، ولا ينسون نصيب الفقراء على مائدتهم.

وطوال أيام الشهر تتحول الجزر القمرية إلى أسرة واحدة، يجمعها نداء الأذان بالصلاة، والحب والتآلف على مأدبة الإفطار، ومع أذان المغرب يخرج أبناء الجزر من كل حدب وصوب، يتجهون إلى المساجد لأداء الصلاة التي يحرصون عليها، وبعد العودة من أداء الصلاة يبدؤون بتناول الإفطار، وعادةً ما يتكون من وجبة خفيفة تختلف من منطقة، وبعدها يذهبون لأداء صلاة العشاء والتراويح، وعقب الصلاة يجتمع أبناء القرية وشبابها وشيوخها في حلقات يستمعون فيها إلى بعض الدروس والمحاضرات الدينية التي – عادةً – ما تكون عن فضائل الشهر الكريم، وآداب الصوم.

دروس وتفسير القرآن الكريم

بعد صلاة العصر تتوقف الكثير من الحركات التجارية ويتوجه الناس إلى المساجد لحضور الحلقات الدراسية خاصة حلقات تفسير القرآن الكريم التي يقيمها الدعاة الخريجون من الجامعات الاسلامية كالمدينة المنورة والأزهر الشريف وغيرهما، بعد أذان المغرب والصلاة يتوجه الصائمون الى منازلهم للافطار.

وبعد صلاة التراويح يجتمع الناس في حلقات للسمر والاستماع إلى الدروس والمحاضرات الدينية، بينما تغلق الكازينوهات والملاهي الليلية في جميع أنحاء البلاد بأمر من السلطات الحكومية.

حفلات الزواج

يعتاد المسلمون في جزر القمر على إقامة حفلات الزواج في شهر شعبان، ليعيش الزوجان معًا في بيتهم خلال الشهر المبارك لينالوا من بركته في بداية حياتهم الزوجية، حيث تنظم “المجالس” إشهارا لهذا الزواج، ويُدعي الكثيرون من وجهاء المدن والقرى لحضوره. فيما تحضر فرقة موسيقية بدفوفها التي تغني القصائد الدينية.

قرارات حكومية

ويبـــدأ استقبـــال الشهر الكريم بصدور قرار من الحكومة بإغلاق جميع الكازينوهات الليلية، فضلاً عن منع النساء من ارتداء الملابس القصيرة التي تعكس نوعاً من التبرج والزينة، وأي امرأة تخالف هذا القرار يتم حبسها وتغريمها.
أيضاً من يضبط من الشعب وهو مفطر من دون عذر، خصوصاً بين الشباب، يتم حبسه وتغريمه. وتعطى أوامر لجميع المساجد بتفسير القرآن خلال الشهر الكريم في الفترة من بعد صلاة العصر إلى أذان المغرب والإفطار .

 نبذة تاريخية عن جزر القمر

جمهورية جزر القمر الاتحادية الإسلامية عبارة عن أرخبيل من الجزر، يقع بين قارة أفريقيا ومدغشقر، أطلق العرب تسمية جُزُر القمر على هذه الجزر في أوائل القرن الثاني الهجري.

وأرجع البعض سبب التسمية إلى أن الرحَّالة العرب العائدة أصولهم إلى مسقط، وعدن، وحضرموت، هبطوا على ساحل الجزر، وكان القمر بدراً، فأسمَوها جزر القمر، ويقول آخرون: إن سبب التسمية يعود إلى أن هذه الجزر تشبه القمر في شكلها.

تشير الأدلة التاريخية  إلى دخول الإسلام لجزر القمر عن طريق التجار العرب والأمراء الشيرازيون المنفيون، و عدد سكانها حوالي 800 ألف نسمة، يمثل المسلمين 86 % من سكان جزر القمر، وهي بلد عربي إسلامي إفريقي صغير، يتكون من عدة جزر تقع في المحيط الهندي محصورة ما بين أراضي قارة إفريقيا غربًا ويابس جزيرة مدغشقر شرقًا.

وتبلغ عدد ساعات الصوم لمسلمي جزر القمر 12 ساعة ونصف، وتعتبر أقصر الدول العربية في الصيام، ولجزر القمر عادات في الاحتفال بشهر رمضان وتختص بها عن غيرها.

لغتها الرسمية العربية، والفرنسية، واللغة القمرية، وهي خليط من اللغة العربية والسواحلية، عملتها الرسمية الفرنك القمري، وأهم مدنها: موروني العاصمة، وموتسامودو، وفومبوني، وأهم الأعراق في جزر القمر العرب 35%، الأفارقة 55%، وهناك أصول آسيوية من الملايو وإندونيسيا والصين والهنود، وأصول أوربية من فرنسا والبرتغال وهولندا.
 

ربما يعجبك أيضا