بعد إلغاء قمة “ترامب – كيم”.. الأزمة تعود إلى المربع صفر

حسام السبكي

حسام السبكي

فرمان أمريكي جديد، أصدره الرئيس “دونالد ترامب”، مساء اليوم الخميس، قرر بموجبه، إعادة الأزمة المستعصية، في شبه الجزيرة الكورية، إلى المربع صفر، حيث قررت الإدارة الأمريكية، إلغاء القمة المرتقبة بين الزعيمين “ترامب وكيم”، والتي كان من المقرر عقدها في سنغافورة الشهر المقبل، لتلقي بحجر عثرة جديد، في طريق حلحلة الأزمة، التي شهدت حالة من الإنسيابية، بعد سلسلة من المواقف الإيجابية مؤخرًا من قبل كوريا الشمالية.

إلغاء القمة الأمريكية الكورية الشمالية

بعد جملة من التكهنات، حول إمكانية عقد القمة المنتظرة بين زعيمي الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، أصدر الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب”، رسالة وبيان، أكد خلالهما عدم إمكانية عقد اللقاء بينه وبين الزعيم الكوري الشمالي في الوقت الراهن، مع بقاء الباب مفتوحًا لإمكانية عقده في وقتٍ لاحق.

وعبر “ترامب” في رسالته إلى “كيم جونج أون”، عن تطلعه الشديد إلى عقد اللقاء مع نظيره الكوري الشمالي، إلا أن حالة الغضب والعدائية التي أبداها الأخير في تصريحاته، أكدت صعوبة عقد القمة التي “طال التخطيط لها”، على حد وصف الرئيس الأمريكي.

وأوعز البيت الأبيض إلغاء اللقاء، إلى حالة “العداء المفتوح”، الواردة في تصريحات قادة كوريا الشمالية مؤخرًا.

وفي تصعيدٍ أمريكي، عقب إلغاء القمة، أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أن إلغاء القمة الأمريكية مع كوريا الشمالية انتكاسة للعالم بأسره، مفيدا أن العقوبات على كوريا الشمالية قوية وهي الأقوى حتى الآن وستسمر كما كانت، وبغض النظر عما يحدث، قائلا: “لن نتنازل عن أمن وسلامة الولايات المتحدة”.

وأضاف ترامب، في كلمة حول إلغاء القمة مع كوريا الشمالية، أن كوريا الشمالية أمامها فرصة لإنهاء عقود من الفقر والاضطهاد، وكل الشعب الكوري في الشمال والجنوب يستحق أن يتمكن من العيش في سلام ورفاهية، لكن هذا المستقبل الزاهر ممكن أن يحدث فقط حينما يتم إزالة تهديد الأسلحة النووية ولن يحدث بطريقة أخرى.

ولم ينس “ترامب”، أن يوجه شكره للزعيم الكوري الشمالي على الإفراج عن المواطنين الأمريكيين الذين كانوا محتجزين لدى بيونج يانج، معبرًا عن تقديره لهذه “الخطوة الجميلة”.

ودعا ترامب زعيم كوريا الشمالية إلى الاتصال به “دون تردد في حال غير موقفه من القمة غاية في الأهمية”، مضيفا أن “العالم وكوريا الشمالية بالأخص، فوتا فرصة كبيرة لتحقيق السلام الدائم والازدهار والرخاء” مع إلغاء القمة.

حرب كلامية

وقبل أيامٍ، بل ساعات من قرار “ترامب” بإلغاء القمة الأمريكية الكورية الشمالية، نشبت حالة من العداء والحرب الكلامية بين مسؤولي البلدين، إلى الحد الذي جعل عقد مثل تلك القمة، أشبه بالأحلام المستحيلة.

البداية جاءت أمريكية، حيث حذر نائب الرئيس الأمريكي “مايك بنس”، كوريا الشمالية من “اللعب بالنار” مع الولايات المتحدة، وأشار إلى أن “ترامب” بإمكانه الانسحاب من القمة الأمريكية الكورية الشمالية.

أما مستشار الأمن القومي الأمريكي “جون بولتون”، فهدد باتباع “النموذ الليبي” في التعامل مع السلاح النووي لكوريا الشمالية.

تصريحات المسؤولين الأمريكيين، قوبلت بسخط وغضب شديد من قبل كوريا الشمالية، التي لوحت هي الأخرى بإمكانية إلغاء القمة المرتقبة بين الزعيمين “كيم وترامب”.

فقد صرحت  نائبة وزير الخارجية الكورية الشمالية “تشوي سون-هي”، في وقت سابق اليوم الخميس، أنها ستقترح على القيادة إعادة النظر في عقد لقاء القمة الكوري الشمالي والأمريكي، طالما أن الولايات المتحدة تقابل نيتنا الحسنة بالإهانة وتتصرف بصورة غير لائقة.

ووصفت المسؤولة الكورية الشمالية، تصريحات نائب الرئيس الأمريكي “مايك بنس” بـ “الجاهلة والغبية”، ووصفت “بنس” نفسه بـ “الدمية السياسية”، مهددة باستعراض القوة النووية مع الولايات المتحدة.

وقالت تشوي في ندوة مع وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية: “إن مسألة لقاء الولايات المتحدة معنا في قاعة الاجتماع أم في مسرح المواجهة النووية تعتمد بصورة كاملة على قرارها وتصرفاتها”.

استهجان روسي

رغم حالة التوتر بين الولايات المتحدة وروسيا، منذ وصول الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” إلى البيت الأبيض، قبل نحو عام ونصف، والأقاويل التي تحدثت عن دعم روسي لـ “ترامب” على حساب منافسته الديمقراطية “هيلاري كلينتون”، إلا أن الأزمة تبدو مختلفة، ولكن روسيا اختارت الوقوف إلى جانب حليفتها السابقة “كوريا الشمالية” في أزمتها الحالية، محملة الإدارة الأمريكية مسؤولية فشل القمة بين “كيم وترامب”.

فقد حمل “ليونيد سلوتسكي” رئيس لجنة الشؤون الدولية في الدوما الروسي، واشنطن المسؤولية عن فشل القمة الأمريكية الكورية الشمالية، واصفًا إياها بـ “الخطوة المدمرة من جانب أمريكا”.

وقال سلوتسكي للصحفيين: “المسؤولية عن فشل القمة المرتقبة تقع بشكل أكبر على واشنطن. إنها خطوة مدمرة تماما، وخاصة على خلفية إجراءات بيونج يانج بإغلاق حقل “بونجيري” للتجارب النووية”.

وأضاف سلوتسكي “قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يدعو للقلق العميق”.

مكاسب إيرانية.. وتداعيات خطيرة

يعد قرار إلغاء القمة الأمريكية الكورية الشمالية بمثابة قبلة الحياة بالنسبة لإيران، التي وجدت نفسها في معزل، بعد التنازلات الكورية الشمالية، التي بموجبها قررت التخلي عن برنامجها للتسلح النووي، مقابل فتح صفحة جديدة مع المجتمع الدولي، قبل أن يقرر الرئيس الأمريكي إعادة الأزمة إلى مربعها الأول.

فترى طهران نفسها الرابح الأكبر من قرار إلغاء القمة، حيث كانت ترى نفسها في “عزلة نووية”، بعدما كانت كوريا الشمالية بمثابة الداعم الأكبر لها في ملفها النووي وبرنامجها العسكرى لتطوير الصواريخ الباليستية.

صفقة السلام التاريخية التي عقدت بين الكوريتين في الشهر الماضي، تبقى في حال الخطر، مع قرار إلغاء القمة الأمريكية الكورية الشمالية، خاصةً وأن التصعيد الكوري الشمالي الأخير، جاء على خلفية المناورات العسكرية المشتركة التي تجريها الولايات المتحدة الأمريكية وكوريا الجنوبية، والتي وصفتها بيونج يانج بـ “الاستفزاز” و”مناورة للغزو”، وقررت على إثرها إلغاء المحادثات رفيعة المستوى مع كوريا الجنوبية.

العلاقات الأمريكية الصينية، تبقى معرضة للتوتر أيضًا، خصوصًا مع كون بكين الضامن الدولي الكبير لكوريا الشمالية، والوسيط بينها وبين المجتمع الدولي، مع ضرورة الأخذ بعين الاعتبار الاتفاق التاريخي التجاري الذى تم بين واشنطن وبكين يوم السبت الماضي والذي بموجبه تعهدت الصين برفع واردتها من أمريكا، فإلى أين تتجه الأزمة الكورية الشمالية مع أمريكا والعالم؟، ربما تجيب الأيام المقبلة عن السؤال.

ربما يعجبك أيضا