العاشر من رمضان.. يوم انتصر الصائمون على الصهاينة

عاطف عبداللطيف

رؤية – عاطف عبد اللطيف

يوافق عاشر أيام شهر رمضان الكريم من كل عام، ذكرى انتصار العرب على الصهاينة يوم أن عبر المصريون مانع خط بارليف الصعب واجتازوا الساتر الترابي المنيع وأزالوه في 6 ساعات ليسطروا ملحمة تاريخية وعسكرية تدرس إلى اليوم في كليات ومعاهد الحرب والقادة.

فحرب السادس من أكتوبر المجيدة الموافق العاشر من رمضان، تجسيد لانتصار حاسم للقوات المسلحة المصرية على جيش العدوان الإسرائيلي والتي كانت بمثابة نقلة كبرى في تاريخ الإسلام والمسلمين، ثم مرت الأعوام العديدة، واستردت مصر أرضها العزيزة سيناء، وكانت روح الإخاء والتآزر المصري، والعربي، والإسلامي، تُرفرف دائمًا حول تلك الأحداث على اختلاف الأيام والسنين، لتكون إحدى الجنود المجهولة التي ساعدت في هذا النصر المبين ليبقى رمضان شهر البركة والخير والرحمة، وهو أيضًا شهر الانتصارات قديمًا وحديثًا، نعم، بطولات وفتوحات كبيرة في تاريخ أمتنا الإسلامية، قدَّر الله لها أن تكون في رمضان.

حرب الصائمين

إنها الحرب التي شنتها كل من مصر وسوريا على إسرائيل عام 1973م، حيث تحتفل مصر والقوات المسلحة اليوم بذكرى انتصارات العاشر من رمضان عام 1393هـ، انتصار العاشر من رمضان أو “حرب الصائمين” كما يطلق عليها البعض أعادت لمصر كرامتها وللأمة العربية هيبتها، بعد نكسة أدت إلى ضياع أجزاء كثيرة من الوطن العربي وعلى رأسها أرض سيناء الغالية، لكن الجيش المصري العظيم ومن خلفه تكاتف الشعب العربي استطاع أن يعيد للصورة العربية والمصرية على وجه الخصوص كرامتها وعزتها.

لقد خاض الجيش المصري البطل تلك المعركة وهو يعلم أنها معركة مصير، وذلك لأن مصر كانت قد انكسرت قبلها بست سنوات انكسارًا شديدًا بهزيمة 5 يونيو (1967م)، التي أتاحت للعدو الصهيوني أن يقدم نفسه للعالم كسيد وحيد، وأن جيشه هو “الجيش الذي لا يُقهر”، وظل بالفعل يعربد في أجواء مصر طوال سنوات ما عُرِفَ بحرب الاستنزاف.

العاشر من رمضان عام (1393هـ) الموافق السادس من أكتوبر (1973م)، سيظل رمزًا للنصر بعدما تمكنت القوات المصرية من عبور قناة السويس -التي كانت توصف بأنها أصعب مانع مائي في العالمـ وتحطيم أكبر ساتر ترابي في العالم يتجاوز ارتفاعه 20 مترًا مزود بارتكازات عسكرية ودشم حصينة تحميها مئات من قطع المدفعية والصواريخ أرض- أرض وطلعات الطيران المكثفة ووحدات الصاعقة والقناصة على طول خط المواجهة فضلًا عن خط بارليف الذي كان جبلًا من الرمال والأتربة وهذا الجبل الترابي -الذي كانت تفتخر به القيادة الإسرائيلية لمناعته وشدته باعتباره الأقوى في التاريخ العسكري- وكان من أكبر العقبات التي واجهت القوات العسكرية المصرية في عملية العبور والانتصار.

واعتبر المؤرخون المعاصرون هذا الحدث أول وأقوى انتصار عسكري للمسلمين والعرب في العصر الحديث على اليهود الذي شفى الله به صدور قوم مؤمنين، وأذهب غيظ قلوبهم.

تراب الوطن

وفى ذكرى الانتصار بمعركة العاشر من رمضان من حق كل مصري أن يفخر بجيشه الذي حفظ العهد وقدم الروح والدم للحفاظ على تراب الوطن، إن حرب العاشر من رمضان السادس من أكتوبر، بدأت الحرب بهجوم مفاجئ من قبل الجيشين المصري والسوري على القوات الإسرائيلية التي كانت مرابطة في سيناء وهضبة الجولان، حيث ساهم في الحرب بعض الدول العربية سواءً عسكريًا أو اقتصاديًا.

لقد كانت حربًا ضروس قلبت موازين القوى في المنطقة، وغيرت فكر إدارة المعارك بالأسلحة المشتركة، فهي أكبر وأشرس حرب تم تنفيذها على ساحة الميدان ودارت خلالها أكبر معركة بالمدرعات (الدبابات) والطائرات بعد الحرب العالمية الثانية، إنها الحرب التي شهدت أكبر معركة جوية استمرت لأكثر من 53 دقيقة في قتال جوى متلاحم، فكانت ملحمة كبرى للجيش شارك فيها بـ 100 ألف مقاتل وشارك فيها كل الشعب، وتحمل المصريون بمختلف أعمارهم مسلمين ومسيحيين من أجلها الكثير ودافعوا عن أرضهم بالدماء.

نتائج الحرب

حققت الحرب العظيمة نتائج مبهرة للعدو قبل الصديق تمثلت في استعادة مصر السيادة الكاملة على قناة السويس، كما استردت جزءًا من أرض سيناء ثم استردت كامل أراضيها بمفاوضات السلام لاحقًا، واسترداد جزء من مرتفعات الجولان السورية بما فيها مدينة القنيطرة وعودتها للسيادة السورية، ومن النتائج الأخرى تحطم “أسطورة أن جيش إسرائيل لا يقهر” والتي كان يتغنى بها قادة عسكريون في إسرائيل.

كما مهدت الحرب الطريق لاتفاق “كامب ديفيد” بين مصر وإسرائيل والتي عقدت في سبتمبر 1978م على إثر مبادرة أنور السادات التاريخية في نوفمبر 1977م وزيارته للقدس، حيث أدت الحرب أيضًا إلى عودة الملاحة في قناة السويس في يونيو 1975م، وبعد اليوم الـ16 من بدء حرب أكتوبر بدأت المرحلة الثانية لاستكمال تحرير سيناء عن طريق المفاوضات السياسية.

وكانت حرب العاشر من رمضان بداية الانكسار للعسكرية الإسرائيلية، ومن ثم سيظل هذا اليوم العظيم ـ العاشر من رمضان (1393هـ) السادس من أكتوبر (1973م) ـ مصدر مجد وفخر يكلل هامة العسكرية المصرية على مر التاريخ، ووسامًا على صدر كل مسلم وعربي.

ربما يعجبك أيضا