رمضان حول العالم.. عادات وعبادات شهر الصيام في أندونيسيا

أشرف شعبان

رؤية – أشرف شعبان  

تعتبر إندونيسيا من أكبر الدول عددًا من حيث المسلمين اللذين يعيشون بها، والذين يمثلون 85% من إجمالي عدد السكان البالغ 250 مليوناً، ويحوي 800 ألف مسجد، ولها في استقبال رمضان طقوس ذات طابع خاص، وهو دائما شهر منتظر كضيف عزيز.

رؤية الهلال

مع إعلان قدوم الشهر، يُعلن عن ذلك رسميًا بواسطة وزارة الشؤون الدينية، حيث تستند في ذلك إلى الرؤية الشرعية للهلال من خلال اللجان التي تبعث بها إلى مختلف مناطق إندونيسيا لاستطلاع الهلال، كما تضع في اعتبارها أيضا الحسابات الفلكية عند تحديد أول أيام الصوم.

ويخرج الأطفال في مختلف المدن الإندونيسية حاملين المشاعل احتفاءً به، وسرورًا بحلوله، ويميِّز ملابس الفتيات الإندونيسيات الحجاب الإندونيسي بشكله المعروف، فضلا عن تزيين الشوارع بشعارات رمضانية ومصابيح خاصة في بعض المناطق، وتنظيف المصالح العامة والمساجد ومجالس العلم للتهيئة بالأنشطة الرمضانية كصلاة التراويح وتدارس القرآن الكريم والتعليم الديني، وكذلك إقامة سوق شعبان في بعض المناطق وهو يسمى (دورديران) dorderan والبعض الآخر يسميه (داندانجان) dandangan وغير ذلك من الأسماء في المناطق الأخرى، وهو سوق كبير تعرض فيه حوائج الناس الخاصة برمضان من حاجات منزلية وأطعمة وألعاب وغير ذلك، ويقام هذا السوق غالبًا في الميدان الواسع أمام مبنى المدينة أو في الحديقة العامة.

قرع الطبول

ومع رؤية هلال رمضان، تبدأ أهم التقاليد الإندونيسية وهي قرع الطبول التقليدية المعروفة باسم “البدوق” وهي تشبه الطبول اليابانية القديمة، في شوارع المدن الإندونيسية، وهي أحد أهم مظاهر الاحتفال إيذانًا بقدوم شهر رمضان المعظم. وتسمر حتى آذان الفجر، وللطبول أهمية تاريخية كبيرة في أكبر دولة إسلامية فهي بمثابة “مدفع الإفطار” ويتم قرعها قبل أذان المغرب مباشرة إعلانًا لقدوم موعد الإفطار، بالإضافة إلى استخدامها في تنبيه المسلمين بقدوم موعد وجبة السحور.

وجبة الإفطار

ومن أشهر عادات مسلمي إندونسيا للإفطار في رمضان أن تجتمع جموعهم في المساجد قبل أذان المغرب، لتناول طعام الإفطار، وتوضع الأطعمة علي الأرض، بعد أن يتم نقلها من المنازل، ويجلس الجميع قبل الأذان جنبا إلي جنب، الأغنياء والفقراء، والصغار والكبار، وهي بمثابة عادات مشتركة بين الكثير من الشعوب الإسلامية.

وتختلف موائد الإندونيسيين في أيام رمضان حيث يقبلون على تناول أنواع معينة من المشروبات والأطعمة والفواكه، من أشهر الأطعمة الرمضانية التي يفطر عليها مسلمو إندونيسيا طعام يسمى أبهم وهو عبارة عن نوع من الحلوى أشبه ما يكون بـالكعك ويقدم التمر إلى جانبه.

ويعتبر الأرز هو الطعام الرئيسي في إندونيسيا، والذي يؤكل مسلوقا أو مقليا، ويطهو الإندونيسيون طعامهم في حليب جوز الهند والزيت.

ويُحضر طبق الكولاك من البطاطا المسلوقة والمخلوطة بالسكر البني وجوز الهند، وشراب “تيمون سوري” وهو نوع من أنواع الشمام، ويعتبر مشروب الـ”تيمون” عندهم هو المكافئ للبلح في مصر، فهو المشروب الرمضاني الرسمي في إندونيسيا.

كذلك يحرص الإندونيسيون بالإفطار على التمر واللبن اقتداءً بالرسول صلى الله عليه وسلم، فضلا عن وجبة “ناسي جورينج” وهو أيضا حاضر قوي على الموائد الرمضانية، وهذا الطبق هو عبارة عن أرز محمر.

وعادة ما يؤدي الإندونيسيون صلاة المغرب مباشرة بعد تناول المشروبات والحلوى الرمضانية سريعا، ثم يعودون للتجمع على مائدة الإفطار لتناول الوجبة الرئيسية.

صلاة التراويح

أما صلاة التراويح في إندونيسيا فيؤديها المسلمون ثمان ركعات في بعض المساجد، وفي بعضها الآخر تصلي عشرين ركعة، ولا تلتزم تلك المساجد في أغلبها ختم القرآن كاملا، بل تقرأ في صلاة التراويح ما تيسر من القرآن، وقد تتخلل صلاة التراويح أحيانا كلمة وعظ، أو درس ديني. كما تقرأ بعض الأذكار بين كل ركعتين من ركعات التراويح، كالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.

وخلال شهر رمضان تتبارى مساجد إندونيسيا في رفع الأذان في رمضان لدرجة الدخول في حرب مكبرات صوت بين المساجد المتجاورة كنوع من الفرح والسرور بالشهر الكريم، وتتنافس المساجد ويسعى كل مسجد لأن يكون هو الأعلى صوتا عن الآخرين، أو أن يكون لدى المساجد الإندونيسية مستوى صوتي مثل موسيقى الجاز، لدرجة أن بعضا من المساجد الكبرى قد تدفع 25 مليون روبية أي ما يساوي 2600 دولار ثمن مكبر الصوت، وهو ما يقدر بضعفي سعر نظام الصوت الشائع، ابتهاجا برمضان. كما تشارك النساء في صلاة التراويح، يصلين من وراء ستائر خاصة بهن في آخر المسجد.

دروس العلم وصلة الرحم

 وتنشط دروس العلم الشرعي، وحلقات تلاوة القرآن خلال شهر رمضان الفضيل، حيث تزدحم المساجد بالمصلين وطلبة العلم من أهل البلاد هذا فضلا عما تستضيفه الدولة من بعض أهل العلم من خارج إندونيسيا وتقام الدروس ومدارسة القرآن الكريم بعد صلاة العصر كل يوم.

وعلى مستوى العلاقات الاجتماعية، يشهد الأرخبيل الإندونيسي، الذي يتكون من حوالي 17 ألفاً تنتشر في المياه الفاصلة بين المحيطين الهندي والهادي وصولا إلى أستراليا وبحر الصين الجنوبي، حركة كثيفة خلال شهر رمضان عنوانها الرئيسي صلة الرحم وتبادل الزيارات مع الأهل والأقارب لتقديم التهاني بقدوم الشهر المبارك وتبادل الهدايا والأطعمة إلى جانب ارتياد المساجد لتلاوة القرآن وحفظه وشرح معانيه وترديد الأذكار والمدائح الدينية.

عادات وتقاليد

ومن التقاليد والعادات الرمضانية في إندونيسيا قيام المطاعم والمقاهي بإغلاق أبوابها في نهار رمضان كما تغلق النوادي الليلية خلال الشهر كمظهر من مظاهر الاحترام، كما تقدم المساجد وجبات الإفطار المجانية للصائمين.

ولا تتخلف المدارس والمعاهد الدينية عن الظهور في المشهد؛ حيث يقوم المسؤولون بتنظيم تجمعات حاشدة لطلاب تلك المدارس والمعاهد لتقديم البرامج المناسبة لهم من أجل توعيتهم بآداب وعظمة الشهر الكريم.

وأما العمل اليومي فتقل عدد ساعات العمل ويتأخر الناس في الذهاب ساعة ويعودون مبكرين عن الموعد الأصلي.

وينشط المسلمون في رمضان لجمع أموال الزكاة وتوزيعها من خلال المساجد ومن خلال بعض المؤسسات الدينية، وفي العشر الأواخر تشهد إقبالا شديدًا من الناس على قيام ليالي رمضان الباقية، والبعض ينتهز الفرصة الغالية بالاعتكاف في العشر الأواخر.

ومن عادات المسلمين في إندونيسيا في يوم العيد أن يخرج الجميع صغارًا وكبارًا رجالاً ونساء إلى الخلاء لأداء صلاة العيد واحتفالاً بهذه المناسبة.

ثم بعد ذلك يتبادلون الزيارات ويخصصون اليومين الأول والثاني للأهل والأقارب والجيران، والأيام بعد ذلك للأصدقاء في العمل أو المدارس، وهناك بعض المناطق تعيِّد عيدًا جديدًا بعد سبعة أيام بعد أن تصوم ستة أيام من شوال فتحتفل بالعيد الجديد.

ربما يعجبك أيضا