رمضان حول العالم.. عبادات وعادات شهر الصيام في المغرب

أشرف شعبان

رؤية – أشرف شعبان

تتميز المغرب بطقوسها الرمضانية الخاصة، ويحظى شهر رمضان باهتمام خاص من المغاربة يتجلى بحفاوة استقباله، والحرص على الإعداد له قبل شهر من قدومه.

وبمجرد أن يتأكد دخول الشهر حتى تنطلق ألسنة أهل المغرب بالتهنئات قائلين: “عواشر مبروكة” والعبارة تقال بالعامية المغربية، وتعني “أيام مباركة” مع دخول شهر الصوم بعواشره الثلاثة: عشر الرحمة، وعشر المغفرة، وعشر العتق من النار.

ثم إنك ترى الناس يتبادلون الأدعية والمباركات والتهاني فيما بينهم سرورا بحلول الضيف الكريم الذي يغير حياة كثير من الناس تغييرا كليا.

وجبة الإفطار

ورمضان في المغرب له رائحة وطعم خاصين، فبحلول شهر شعبان تطغى رائحة تحميص السمسم واللوز والحبة الحلوة واليانسون في الأزقة والأحياء السكنية، ومن مظاهر الاحتفاء بقدوم رمضان في المغرب أيضاً الاحتفاء بنصف شعبان وهو ما يطلق عليه “شعبانة”، وهي مناسبة تنظمها النساء خاصة، تسود في هذه المناسبة أجواء احتفالية ترتدي فيها النساء الزي التقليدي وتتجمل بنقوش الحناء، وتقام لها مأدبة تشمل مجموعة من المأكولات تقليدية المغربية.

وفيما يتعلق بالإفطار المغاربي، فإن “الحريرة” تأتي في المقدمة، بل إنها صارت علامة على رمضان، ولذلك فإنهم يعدونها الأكلة الرئيسة على مائدة الإفطار المغربية، وهي عبارة عن مزيج لعدد من الخضروات والتوابل تقدم في آنية تقليدية تسمى “الزلايف” ويضاف إلى ذلك “الزلابية” والتمر والحليب والبيض، مع تناول الدجاج مع الزبيب.

وللحلوى الرمضانية حضور مهم في المائدة المغربية، فهناك “البريوات”، وتعتبر من المقبلات أو فواتح الشهية، وهى بعض المعجنات المحمرة المحشوة بالأطعمة سواء أكانت حلوة أو مالحة، والتمر و”الشباكية” و”البغرير” وهو نوع من العجائن تشبه القطائف بحجم الرغيف الكبير ويوضع عليه العسل، و”السفوف” والكسكس والملوزة والكعب، والكيك بالفلو وحلوى التمر، و”السفنج” وهى معجنات مقلية في الزيت وغارقة في الشربات أو القطر، وبطبيعة الحال فإن تواجد هذه الحلوى يختلف من أسرة إلى أخرى بحسب مستواها المعيشي.

أغلب هذه المعجنات بأنواعها تحضر قبل دخول رمضان الكريم، بالإضافة إلى الأكلات المالحة والساخنة وأخرى حلوة وغنية بالفيتامينات. وبعد التراويح يكون العشاء عبارة عن طجين باللحم بالخضر أو غير ذلك من الأطباق المختلفة.

أما الشاي المغربي المنعنع والثمر والشريحة، فهم من أشهر المشروبات المغربية على المائدة الرمضانية.

أما وجبة العشاء خلال شهر رمضان، فغالبا ما تكون عبارة عن “طاجين” وما يرافق هذه الوجبة هو تحضير نوع خاص من الخبز يصطلح عليه محليا بـ”أوبجير”، وهو عبارة عن رغيف رقيق يحضر من دقيق القمح، ويجري طهيه في آنية مصنوعة من الطين.

صلاة العشاء والتراويح

تتهيأ المساجد منذ بداية شعبان لاستقبال روادها في الأوقات الخمسة، كما يحرص المغاربة على صلاة الجماعة، أما صلاة التراويح، فأصبح لها طابع خاص، بحيث يتسابق المصلون على حجز أماكنهم منذ وقت مبكر، بينما يبحث آخرون على مساجد ذاع صيت إمامها لعذوبة صوته، ومن المساجد التي ذاع صيتها مسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء، حيث يفد له الناس من مختلف المدن المغربية لا سيما ليلة القدر، وأصبح المغرب يشهد ظاهرة نجومية المقرئين والأئمة.

وتقام مسابقات كثيرة لحفظ القرآن الكريم، وأكبرها المسابقة الوطنية التي تنظمها وزارة الأوقاف. وتحلو الليالي الرمضانية عند المغاربة باللقاءات والزيارات والتجمعات الأسرية والاجتماعية عقب صلاة العشاء والتراويح مع كـئوس الشاي المغربي”الآتاي”، وتنشط جهات رسمية وأهلية في تنظيم فعاليات واحتفالات وأنشطة ثقافية وترفيهية في الميادين والحدائق العامة، حيث يستمتع الجمهور بالمدائح والأناشيد الدينية في هذا البلد الذي تغلب عليه نزعة صوفية كبيرة ومتنوعة، وتظل تلك الأنشطة حتى وقت متأخر من المساء على غير المعتاد.

المسحراتي

شخصية “الطبّال” أو “المسحراتي” -كما يسميه أهل المشرق- لا تزال ذات حضور وقبول، فعلى الرغم من وسائل الإيقاظ التي جاد بها العصر فإن ذلك لم ينل من مكانة تلك الشخصية، ولم يستطع أن يبعدها عن بؤرة الحدث الرمضاني؛ حيث لا زالت حاضرة في كل حيّ وكل زقاق، يطوف بين البيوت قارعا طبلته وقت السحر، مما يضفي على هذا الوقت طعماً مميّزا ومحبّبا لدى النفوس هناك.

صوم الأطفال

يحظى الأطفال الصغار بتشجيع منقطع النظير خلال شهر رمضان، بحيث يزف الأطفال في موكب يشبه العرس خلال العشر الأواخر من رمضان، لغاية يوم العيد، وانقلب هذا الطقس من احتفالية تكافئ الطفل الصغير على صومه إلى مظهر احتفالي يملأ الشوارع بالبهجة.

ومع قرب انقضاء أيام هذا الشهر تختلط مشاعر الحزن بالفرح، الحزن لفراق هذه الأيام المباركة بما فيها من البركات ودلائل الخيرات، والفرح بقدوم أيام العيد السعيد، وبين هذه المشاعر المختلطة يظل لهذا الشهر أثره في النفوس والقلوب وقتاً طويلاً.

 

ربما يعجبك أيضا