رمضان حول العالم.. عادات وعبادات شهر الصيام في جيبوتي

أشرف شعبان

رؤية – أشرف شعبان

رمضان في جيبوتي له نكهة خاصة بما يصحبه من احتفالات شعبية واسعة النطاق، يشارك فيها الجميع صغارا وكبارا، فما أن يهل الشهر الكريم، حتى تضاء منارات المساجد، وتتلألأ في السماء أنوار الألعاب النارية، وتبث الإذاعة العديد من البرامج والمدائح الدينية، وسط أجواء روحانية خاصة، يعيشها المسلمون الذين يمثلون نحو 94% من إجمالي سكان جيبوتي.

الاستعداد لرمضان ورؤية الهلال

في الأيام التي تسبق رمضان فيتم استغلالها من قبل الجيبوتيين للصوم من أجل التقرب لله، كما تجهز البيوت وتنظف، ويتم شراء المؤونة لرمضان، وخاصة القمح والشعير والحبوب التي يتم استعمالها في تجهيز الشوربات.

وتثبت رؤية هلال رمضان في جيبوتي من خلال مجمع الفقهاء الذي يتحرى الهلال، فإذا لم تثبت رؤيتهم، لا يعلنون إتمام شهر شعبان بل يعتمدون على الدول المجاورة وخاصة المملكة العربية السعودية أخذا بمبدأ وحدة المطالع.

وتضاء السماء الجيبوتية بأنوار الألعاب النارية ومآذن المساجد كذلك ترحيبا بالشهر الكريم، كما تغنى أهازيج رمضان وأناشيده في البيوت، مثل رحبوا يا صائمين بشهر رب العالمين أعاده الله علينا وعليكم أجمعين، كما تبث الإذاعة الأغاني والمدائح الدينية بالإضافة الي البرامج الدينية المختلفة، وسط أجواء روحانية خالصة، يعيشها المسلمون الذين يمثلون نحو 94% من إجمالي السكان هناك.

وجبة الإفطار والعشاء

ويفطر الجيبوتيون على التمر ثم يؤدون صلاة المغرب، فعادة ما يتم تنظيم إفطار جماعي للرجال يرافقهم أبناؤهم الذكور في باحات المساجد، وبعد أذان المغرب وأداء الصلاة يتوجه الجميع لتناول وجبة الإفطار حيث تعتبر السمبوسة أولى الأطعمة المقدمة، واللحوح والهريس والثريد مع لحم الغنم، وأيضاً يتبادلون أطباق الإفطار مع أقاربهم وأصدقائهم في رمضان، ويفضل الغالبية تناول وجبة العشاء بعد صلاة التراويح، والتي تكون عبارة عن الأرز والشعيرية والمكرونة (الباسطة) إضافة إلى شوربة المرق.

في حين أن وجبات السمك التي تثري المائدة الجيبوتية طوال السنة تغيب خلال شهر رمضان لاعتقادهم أن تناول السمك يسبب العطش خلال الصوم، غير أنه يحضر خلال يوم العيد بشكل كبير، بل يتسيد المائدة.

كما يتناولون العصائر مع المعجنات، وتدور كؤوس الشاي والقهوة. وتعد فطائر الخمير من أشهر الفطائر في جيبوتي. وهي تتكون من دقيق تضاف إليه خميرة فورية، حبة البركة، بيض، حليب بودرة وماء، وخميرة حلويات وسكر بعد خلطها تترك لتخمر ثم تقلى في الزيت.

كما توجد فطائر “باجية” وهي تتكون من الفاصـوليا الصـغيرة المنقوعــة في الماء ليلة كــاملة، ثم تطحن في خـلاط يضــاف لها بصـل وكزبرة، وفلفل أخضر، مع ملح خميرة فورية، وتجمع وتقلى في الزيت على شكل كويرات.

كما يتم تجهيز خبز “الحاح” وهو يشبه الكريب الفرنسي ويتكون من ماء وخميرة ودقيق، ويقدم مرفوقا بالعسل خاصة عند السحور، بينما يقدم “الحاح” يوم العيد بطريقة مختلفة، بحيث يدخل في مكوناته البصل، الثوم بالإضافة إلى الكركم، ويقدم صباح يوم العيد.

وبالنسبة للحلوى فهناك ما يعرف باسم “مخبزة” بضم الميم، وهو عبارة عن رغيف جيبوتي كبير يفتت ثم يضاف له الموز والعسل ويخلط في الخلاط الكهربائي، بينما كان في السابق يخلط باليد بقوة، ويتم تناوله في رمضان أيضا، أما الشاي فيتم تطييبه بإضافة أعواد القرفة والهيل. كما لا يستغني الناس عما يعرف بحلوى اللوز وحلوى أخرى تشبه الجيلي.

ويعد مسجد الحمودي أكبر المساجد في جيبوتي، وهو يستقبل أعدادًا كبيرة من المصلين وقت المغرب والتراويح، حيث يفضل الكثيرون الإفطار على التمر ثم أداء صلاة المغرب هناك قبل العودة إلى بيوتهم.

دروس دينية وحلقات ذكر

كعادة الدول الإسلامية في رمضان، تزدحم المساجد بالمصلين للاستماع إلي شرح وتفسير القرآن الكريم وعندما يعلن عن موعد للدروس الدينية بعد صلاة العصر لا تجد أي شخص في الطرقات وتكون الدروس حول رمضان والصوم ومبطلاته.

وتنقل الإذاعة أذان المغرب من مسجد الحمودي أكبر مساجد جمهورية جيبوتي.

ويمثل شهر رمضان فرصة مهمة بالنسبة لوزارة الشئون الإسلامية والثقافة والأوقاف لتفعيل دور الأئمة والعلماء والذين يقع على عاتقهم مسئولية التبليغ وإصلاح حياة الناس الإيمانية والتربوية والعلمية.

وفي هذا الصدد يتم إنشاء حلقات تحفيظ القرآن الكريم وبخاصة للصغار فضلا عن إقامة دروس في العقيدة والسيرة والفقه في مختلف المساجد.

ويتم إحياء ليالي رمضان في جيبوتي بالدعاء والمدائح النبوية وقراءة سيرة السلف الصالح إلى جانب المواعظ الدينية التي يلقيها لحث الناس على الاغتنام من فضائل الشهر المعظم.

وتقيم الوزارة أيضا خلال هذا الشهر مسابقة “جائزة رئيس الدولة” الإقليمية لحفظ القرآن الكريم وترتيله وتجويده والتي تجمع كوكبة من حفظة كتاب الله من دول الإقليم.

الاعتكاف ونهاية رمضان

وعندما يقترب الشهر من النهاية وخلال ليلة 27 رمضان، يخرج الناس بزفة من مساجد عدة في كل حي من الأحياء، يودعون الشهر بقولهم “مودع مودع يا رمضان” ثم يجتمعون في ساحة الحي يدعون جميعاً ويبتهلون إلى الله بالرحمة والمغفرة والعتق من النار، وفي نهاية الشهر يوزع المحسنون صدقاتهم وزكواتهم على الفقراء والمحتاجين كما هي فريضة الإسلام.

ويعتبر العشر الأواخر من الشهر الكريم من أفضل أيام الشهر حيث يحرص المسلمون في جيبوتي على الخروج للمساجد للاعتكاف من الرجال ومعهم نسائهم بل والخدم في البيوت؛ حيث تكون المساجد مزدحمة ليتقربون إلى الله ويطلبون مغفرته، ويحيي الجيبوتيون ليلة القدر في مصلى العيد ويعودون إلى بيوتهم بعد صلاة الفجر.

ذبح الأضاحي في العيد

ولا يقتصر الذبح عند معظم الناس في جيبوتي على عيد الأضحى فقط، كما هو معروف عند العرب، فمعظم الناس في جيبوتي يذبحون في العيد للتوسعة على الأطفال، وكذلك تتم دعوات للزوار لكي يتناولون الطعام وهذا الذبح يكون من أجل الفرح، وهو غير الذبح الذي يكون في عيد الأضحى.

ومن عادات أهل جيبوتي أيضاً أن ترتدي النساء المتزوجات فقط ما يسمى “الدرع”، وهو زيّ تقليدي للبلاد يظهر في ليلة القدر والأعياد، أما الرجال فيرتدون “المكاوي” والذي يشبه الساري ويرتديه الرجل حول خصره خاصة ليلة الزفاف وعقب انتهاء رمضان والاحتفال بعيد الفطر.

أما الأطفال، فهم كبقية أطفال بقية البلاد الإسلامية، يلبسون الجديد ويتوجهون إلى الساحات العامة والحدائق والمراجيح والملاهي، وينتظرون كسوة ملابس العيد الجديدة والجميلة ذات الألوان الزاهية، ويطوف أطفال الحي على البيوت طلباً للعيدية من الكبار.

ربما يعجبك أيضا