حكومة تونس في “ورطة “.. مصير مجهول واتهامات لنجل الرئيس

محمود طلعت

رؤية – محمود طلعت

شهدت تونس في الأيام الأخيرة حالة من الانقسام وتباين في الآراء حول أداء الحكومة الحالية برئاسة يوسف الشاهد، فالبعض يرى أنها تسير في الاتجاه الصحيح والبعض الآخر يرى عكس ذلك ويطالب بضرورة إقالتها لتحسين الأوضاع الاقتصادية بالبلاد.

وتشكلت حكومة يوسف الشاهد الحالية في أغسطس 2016، بعد إقالة حكومة الحبيب الصيد، ورفض البرلمان التصويت بالثقة لصالحها.

الشاهد ونجل الرئيس

دخل على خط الأزمة حافظ قائد السبسي نجل الرئيس التونسي والمدير التنفيذي لحزب “نداء تونس” الحاكم، والذي طالب بإقالة يوسف الشاهد وحكومته، الأمر الذي دفع الشاهد للرد وإلقاء خطاب يرفض فيه مثل هذه المطالبات ويتهم نجل السبسي بتدمير “نداء تونس” وتصدير أزمة الحزب إلى مؤسسات الدولة.

وفي خطاب بثه التلفزيون الرسمي الثلاثاء الماضي، قال الشاهد: إن “حزب حركة نداء تونس لم يعد ذلك الحزب الذي أنتمي إليه سنة 2013، لأن الذين يديرون الحزب اليوم وعلى رأسهم المدير التنفيذي حافظ قايد السبسي هم من دمروا الحزب”.

واعتبر أن أزمة الحزب ليست داخلية بل أثرت على مؤسسات الدولة لأنها تسربت إلى مفاصل الدولة وأصبحت تهدد المسار الديمقراطي والتوازن السياسي في تونس، داعيا إلى إصلاح الحزب دعما للتوازن في الساحة السياسية بالبلاد.

ويرى محللون أن الشاهد بخطابه قد فتح حربا غير مضمونة النتائج، حيث قد تعلن حركة النداء تخليها عنه وعن حكومة الوحدة الوطنية وذلك بسحب وزراء النداء، بما أنه هاجم مباشرة المدير التنفيذي للحزب حافظ قائد السبسي.

أزمة سـياسية خانـقة

ودافع يوسف الشاهد عن أداء حكومته، بالقول إنه رغم الوقت القصير نجحت الحكومة في تحقيق أهدافها علي صعيد تحسين مؤشرات السياحة والاستقرار الأمني وكسب الحرب ضد الارهاب، موضحا أن النمو تجاوز نسبة 2.5% في الربع الأول من العام الحالي.

كما أقر بأن الحكومة أخفقت في بعض المجالات خصوصا تراجع سعر صرف الدينار، لكنه جدد التزامه بإصلاح الضمان الاجتماعي والمؤسسات العامة التي تعاني من عجز كبير، مضيفا أنه من المقرر إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في العام ٢٠١٩.

واعتبر الشاهد أن البلاد تمر بأزمة سياسية خانقة وأن دعوات الإطاحة بالحكومة شوّشت على مفاوضات تونس مع المؤسسات المالية العالمية التي بدأت ثقتها في تونس تهتز.

موقف الأحزاب التونسية

وخلال اجتماع عقد الإثنين الماضي في قصر قرطاج برئاسة الرئيس السبسي، تمسك كل من حركة “نداء تونس” و”الاتحاد الوطني الحر” و”اتحاد الشغل” و”اتحاد المرأة” بالمطالبة بإجراء تغيير شامل في الحكومة بما فيها رئيسها يوسف الشاهد، فيما تمسكت حركة “النهضة”، و”حزب المبادرة”، و”حزب المسار”، واتحاد المزارعين” بإجراء تغيير جزئي على الحكومة والإبقاء على رئيسها يوسف الشاهد.

ويرفض حزب “النهضة” المساس برئيس الحكومة، حيث صرح زعيمه راشد الغنوشي، بأن حزبه يدعم تعديلا جزئيا، ولكنه لا يقبل بتغيير الحكومة لأن ذلك يضرب الاستقرار السياسي برمته في البلاد – حسب تعبيره.

من جهتها انتقدت حركة “نداء تونس” في بيان لها الأطراف التي ترفض تغيير الحكومة بمبرر الحرص على المصلحة الوطنية والاستقرار، في إشارة إلى موقف حركة “النهضة” التي قال رئيسها راشد الغنوشي إن “الحفاظ على الحكومة الحالية يمثل استقرارا لتونس”.

ويرى متابعون للشأن التونسي أن موقف حركة النهضة تجاه عدم تغيير الشاهد، قسّم الأحزاب والمنظمات وطعن التوافق السياسي والاجتماعي في الظهر، محمّلا “النهضة” مسؤولية تعطيل العمل بوثيقة قرطاج.

وثيــقة قرطـاج 2

ونتيجة للخلافات القائمة حول مصير حكومة الشاهد، بين من يطالب ببقائها ومن يطالب برحيلها، قرر الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي يوم الإثنين الماضي تعليق العمل بالنسخة الثانية من وثيقة قرطاج إلى أجل غير مسمى.

ووثيقة قرطاج هي وثيقة سياسية وقعتها تسعة أحزاب وثلاث منظمات تونسية في يوليو 2016 بعد أشهر من المفاوضات، وتضمنت خطوطا عامة للسياسات الاقتصادية والاجتماعية، وأولويات العمل الحكومي.

من جهته حذر المكلف بالشؤون السياسية في حركة “نداء تونس” برهان بسيس، من أن عدم التوصل إلى توافق بين الأطراف المشاركة في نقاشات “وثيقة قرطاج 2″، يضع تونس أمام أزمة سياسية تهدد مستقبلها.

وقال بسيس: إن طبيعة الأزمة السياسية الحالية لها من العمق والخطورة بحيث لا يمكن أن تستوعبها حسابات المناورة السياسية التقليدية، مضيفا: “مستقبل تونس في خطر”.

ربما يعجبك أيضا