ليبيا.. خطوات “حذرة” نحو الانتخابات ومخاوف من تأجيج الصراع

محمود طلعت

رؤية – محمود طلعت

تشهد ليبيا جدلا سياسيا بشأن الأولويات الانتخابية بين الانتخابات البرلمانية والرئاسية والاستفتاء على الدستور، وذلك بعدما رحبت أطراف الأزمة الليبية مبدئيا بخريطة الطريق الأممية لإجراء الانتخابات بنهاية عام 2018.

اتـفاق في باريـس

في أواخر مايو الماضي أكد بيان صادر عن اجتماع باريس، بشأن الأزمة الليبية، اتفاق الأطراف المشاركة على إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية، في العاشر من ديسمبر المقبل.

واتفقت الأطراف الليبية المجتمعة بالعاصمة الفرنسية على وضع قاعدة دستورية، بحلول السادس عشر من سبتمبر المقبل.

ويهدف الاجتماع الذي شارك فيه القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر، ورئيس حكومة الوفاق الوطني فائز السراج ورئيس البرلمان عقيلة صالح، إلى الاتفاق على المبادئ العامة لإنهاء أزمة ليبيا والتحرك صوب إجراء الانتخابات.

وقال القادة الأربعة -في إعلان سياسي مشترك صدر في ختام الاجتماع- إنهم اتفقوا على العمل بشكل بناء مع الأمم المتحدة لإجراء انتخابات سلمية وتتحلى بالمصداقية، في العاشر من ديسمبر والتقيد بنتائجها.
 
مجلس الأمن الدولي

في أوائل الشهر الجاري دعا مجلس الأمن الدولي، إلى ضرورة إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية في ليبيا بموعدها المقرر في ديسمبر المقبل حسب اتفاق باريس.

وحث جميع الليبيين إلى تحسين المناخ للانتخابات الوطنية بكل الوسائل الممكنة، بما في ذلك العمل البناء من أجل توحيد المؤسسات العسكرية والاقتصادية الليبية، وإنشاء قوات أمن وطنية موحدة ومعززة خاضعة لسلطة الحكومة المدنية.

وشدد مجلس الأمن على أهمية الدور الذي تضطلع به الأمم المتحدة لتيسير حل سياسي يقوده الليبيون للتحديات التي تواجه البلاد وتعزيز حوار سياسي شامل للجميع.

واعتبر أن الاتفاق السياسي الذي تم التوصل اليه في مدينة الصخيرات المغربية عام 2015، يمثل الإطار الوحيد الصالح لإنهاء الأزمة السياسية الليبية ويظل تنفيذه يتسم بأهمية أساسية لإجراء الانتخابات وإتمام عملية الانتقال السياسي.

ضمانات ضرورية

يقول الكاتب الصحفي محمد أبوالفضل في مقال بصحيفة الأهرام المصرية، إن الحماس الذى تبديه جهات إقليمية ودولية لإجراء الانتخابات فى ليبيا قبل نهاية العام، يبدو في ظاهره حالة إيجابية، ترمي إلى إنهاء فترة قاتمة من التوترات والصراعات الدامية، وفي جوهره حالة سلبية يمكن أن تضاعف المشكلات.

ويرى أن الدفع باتجاه الانتخابات في أي بلد يستلزم تهيئة البيئة السياسية والأمنية وجعل الأجواء مواتية لتقبل ما يترتب عنها والتجهيز جيدا لعملية مضنية كي تكون النتائج معبرة عن الواقع بكل تشابكاته، ومنع من يمتلك زمام القوة من فرض النفوذ عنوة.

واعتبر أن الوضع في ليبيا نادر من الخلل الجسيم. ميلشيات تتقاتل لتحقيق المكاسب. جيش يحاول لملمة المؤسسة العسكرية التى تم تخريبها عمدا. قوى سياسية تجري وراء أهدافها الآنية. قبائل لا تزال تقبض على زمام أمور كثيرة. أقاليم تحلم بالانفصال لعدم قدرتها على الاندماج. دول خارجية تتدخل وتنتهك سيادة البلاد بذريعة الحفاظ على مصالحها.

يقول أبوالفضل فوق كل ذلك هناك حكومة لا تحظى بإجماع وطني. حكومة لا تسيطر على مؤسسات الدولة التي اختطفتها الميلشيات المتطرفة، وتضطر الحكومة للتنسيق والتعاون معها للإيحاء بأنها صاحبة قرار وقوة ونفوذ. الجيش الوطني الليبي الذي يوشك أن يسيطر على درنة ويستعد لدخول طرابلس، يريدون الشوشرة عليه وإرباكه بورقة إجراء انتخابات معلبة.

ويؤكد أن الأزمة في ليبيا، يصعب مقارنتها بأزمات أخرى في المنطقة. هي من النوع السهل الممتنع. يمكن التوصل إلى تسوية سياسية لها من خلال معرفة مفاصل الحل والعقد عبر الاقتراب من التروس الرئيسية والفرعية فيها يمكن لمن يعتبرهم البعض ترسا هامشيا يؤثر على النتيجة النهائية.

مخاوف من العنف

حذر مقال نشرته مجلة “فورين أفيرز” الأمريكية من أن التسرع نحو إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في ليبيا، دون إطار أو قواعد دستورية متفق عليها، ينذر بتأجيج الصراع وخلق دائرة موسعة جديدة من العنف.

وقال كاتبا المقال، الباحثان فريدريك ويري وولفرام لاغر، إنه مع غياب أساس دستوري قوي، ستفرز الانتخابات حكومة ذات شرعية متنازع عليها، ولفتا إلى أن غياب دستور يترك قضية سلطات الرئيس مفتوحة دون حسم، وهو ما يمثل مصدر قلق كبير بالنسبة لمعارضي قائد الجيش المشير خليفة حفتر.

وحول اجتماع باريس الأخير، والذي حضره خليفة حفتر وفائز السراج، ورئيسا مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، قال المقال: إن المبادرة الفرنسية مشكلة في حد ذاتها، فهي مبادرة أحادية الجانب ومتسرعة.

وقال الباحثان: “اعتمدت خطة ماكرون على فكرة خاطئة، وهي أن الانتخابات يمكن أن تصلح الفوضى في ليبيا”. ولفتا إلى أن العقبة الأهم أمام إجراء الانتخابات هي غياب القاعدة الدستورية، ولا يوجد إطار يحدد أي المؤسسات التي يجب انتخابها، وما هي الصلاحيات الخاصة بها.

ربما يعجبك أيضا