لماذا تغضب إيران من اجتماع “ترامب” و”بوتين” المرتقب في “هلسنكي”؟

يوسف بنده

رؤية – بنده يوسف

اتفقت موسكو وواشنطن على عقد قمة بين الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ونظيره الروسي، فلاديمير بوتين، في بلد ثالث. ويأتي هذا الإعلان بعد اجتماع بين بوتين ومستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جون بولتون.

وقال ترامب إنه “سيلتقي بوتين بعد قمة الناتو المقررة في بروكسل الشهر المقبل”، مشيراً إلى أن الاجتماع قد يُعقد في العاصمة الفنلندية، هلسنكي.

وقال الرئيس الأمريكي للصحافيين إنه “سيناقش الحرب في سوريا والوضع في أوكرانيا مع نظيره الروسي”.

وجرى آخر لقاء بين ترامب وبوتين على هامش قمة “آسيان” في فيتنام في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

وأعلن مستشار الكرملين، يوري أوشاكوف، عن قرار عقد القمة بين الرئيسين الأربعاء، مضيفاً أنه سيعلن عن موعد ومكان القمة رسمياً الخميس.

وبعد لقاء جمع بولتون مع الرئيس الروسي، أكد مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض خلال مؤتمر صحفي أجراه في موسكو أن ترامب سيلتقي بوتين في الأسابيع المقبلة.

غضب إيران

بعد اتفاق روسيا مع إسرائيل على استبعاد إيران عن عمليات الجيش السوري في الجنوب؛ غضبت إيران من موقف روسيا تجاهها في سوريا، وكذلك من موقفها غير العملي وغير الداعم بشكل كافي لإيران أمام العقوبات الأمريكية. وكذلك بعد تؤخر روسيا في إمداد الجيش الإيراني بالأسلحة المتطورة.

وقد بدأ الإعلام والساسة في إيران ينظرون لروسيا بعين الريبة، واعتبروا أنه لا يمكن الرهان عليها في خروج إيران من أزمتها، أو في تشكيل جبهة مضادة للولايات المتحدة والكتلة الغربية.

لا مقامرة على المصالح

الموقف الروسي من إيران مبني على أن موسكو لن تسمح لطهران بخسارة مصالحها لصالح الأهداف والرغبات الإيرانية. وهو ما أكده تصريح نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوجدانوف، اليوم السبت، الذي قال في مقابلة مع قناة إسرائيلية “أن روسيا تعتبر تبادل الضربات بين إيران وإسرائيل في سوريا تهديدًا، وكذلك الإجراءات “الاستباقية” هناك”.

وأضاف: “نلاحظ… الخطر الذي قد ينتج عن هذه الأحداث، تبادل الضربات هذه، أو حتى المزيد من مثل هذه الأعمال التي يقوم من خلالها الطيران الإسرائيلي بقصف بعض الأماكن في الأراضي السورية، والتي قد تؤدي إلى الخروج عن السيطرة وإلى تعقيد خطير للحالة في المنطقة ككل”. “روسيا تتحدث مع إسرائيل عن هذا الأمر، التي تحافظ على “اتصالات وثيقة للغاية” من خلال مختلف الإدارات – من القيادة السياسية إلى الخدمات الخاصة”.

صفقة حول جنوب سوريا

وقد ذكرت قناة “CNN” التلفزيونية، إن رئيس أمريكا دونالد ترامب، يأمل في إبرام صفقة مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين بشأن سوريا خلال أول قمة رسمية بينهما، تتيح سحب قوات بلاده من هناك.

ولا تعتبر فكرة الانسحاب الأمريكي من سوريا جديدة، إذ كان قد كشف ترامب في مارس/أذار الماضي عن نيته سحب قواته في القريب العاجل، بعد ساعات من تشديد وزارة الدفاع الأمريكية (بنتاجون) على الحاجة لاستمرار الوجود الأمريكي في البلد الذي يشهد حربا مستمرة منذ عام 2011.
 
ووفقا للاتفاقية المقترحة، ستكون القوات الحكومية السورية قادرة على فرض سيطرتها “فوق الأراضي القريبة من الحدود مع الأردن” بدعم من روسيا.

ونقلت “CNN” عن مصادر مسؤولة قولها، إن الرئيس الأمريكي تحدث عن نوايا سحب القوات الأمريكية من سوريا، في اجتماع مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في البيت الأبيض، ناقشا خلاله بالتفصيل الوضع في الشرق الأوسط.

في الوقت نفسه، يتوقع ترامب أن يتلقى، مقابل ذلك، ضمانات من الجانب الروسي تتعلق بأمن المعارضة السورية، التي تتمتع بدعم الولايات المتحدة، تتيح خروجها الحر من هذه المنطقة التي ستؤول السيطرة عليها إلى الجيش السوري الحكومي.

بالإضافة إلى ذلك، يأمل الرئيس الأمريكي مساعدة موسكو له ولإسرائيل في الحد من وجود القوات المدعومة من إيران في جنوب غرب سوريا على مقربة من الحدود مع إسرائيل، لا سيما مقاتلي حزب الله اللبناني الذين تخشى تل أبيب من أن يفتحوا جبهة ثانية ضدها في الجولان المحتل، على غرار الجبهة المفتوحة في جنوب لبنان.

العبرة بالمكاسب

تنتهج روسيا في ظل حكم الرئيس بوتين على سياسة أكثر براجماتية، حيث روسيا عازمة على رأب صدع العلاقات مع الولايات المتحدة، في إطار المكاسب ومن خلال المقايضات والمساومات. ويدعم هذا الهدف التعزيز التدريجي للروابط غير الرسمية وشبه الرسمية بين النخبة الاقتصادية والسياسية والثقافية الروسية من جهة والغرب من جهة أخرى.

وفي ظل هذه الظروف، تستخدم روسيا إيران كورقة ضغط في حوارها السياسي مع واشنطن، حيث لعبت السلطات الروسية بهذه الورقة أثناء فترات التقارب والتوتر مع الولايات المتحدة إما بتجميد التعاون مع إيران تارة أو بتعزيزه تارة أخرى.

وكذلك، مسألة الأمن القومي، فهي إحدى المحددات الهامة لسياسة موسكو الخارجية، فهي لا تقبل بأي تواجد عسكري نشط للولايات المتحدة/منظمة حلف شمال الأطلسي بالقرب من الحدود الروسية أو في المناطق التي تعتبرها داخلة في نطاق المصالح والتطلعات السياسية الروسية.

وبسبب عدم قدرة روسيا على مجاراة التحديات السياسية العسكرية للولايات المتحدة/حلف “الناتو”، تتجه موسكو – بدلاً من ذلك – إلى اتخاذ تدابير انتقامية غير متماثلة. وتشمل هذه التدابير التكثيف المؤقت للتعاون مع معارضي واشنطن وأوروبا. ونتيجة لذلك يمكن للمرء أن يتتبع دائماً الارتباط الحاصل بين فترات تحسن العلاقات الروسية الإيرانية وفترات تعثر حوار موسكو مع الغرب.

قمة بخصوص سوريا وإيران

يقول المحلل السياسي شهاب المكاحله في صحيفة رأي اليوم، إن الرأي الغالب هنا أن الاجتماع جاء بناء على طلب أمريكي لا روسي وأن المسألة تتعلق ليس فقط بسوريا بل بملفات منها إيران وكوريا الشمالية وأوكرانيا والمناورات العسكرية الأمريكية قرب الحدود الروسية قبل عدة أسابيع.

لقد طرح الرئيس ترامب فكرة سحب القوات الأمريكية من سوريا في مارس الماضي وأعادها خلال لقائه مع العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، يوم 25 من يونيو في العاصمة واشنطن ولكن المطلب الأمريكي هذه المرة، وهذا ما لم ينشر في الإعلام، كان بناء على إلحاح أردني بأن تحل مشكلة الجنوب في سوريا لأنها المعضلة الكبرى للأردن حاليا إذ لا يقوى الاقتصاد الأردني على النهوض بأعباء إضافية ناهيك بالأعباء الأمنية.

ولما كان شرط روسيا أن لا هوادة في تحرير جنوب سوريا من المسلحين، كان الرئيس الأمريكي قد طلب من بعض مستشاريه وخصوصا في قضيايا الأمن القومي ومنهم جون بولتون بأن الطريق إلى حماية الأردن هي نزع فتيل الأزمة على الحدود الأردنية السورية الإسرائيلية بأبعاد إيران لمسافة لا تقل عن 65 كلم من حدود الجولان وعن الحدود الأردنية بمسافة لا تقل عن 25 كلم.

وسبب التوقيت هو إعطاء الجيش السوري وحلفائه الوقت للقيام بالعمليات العسكرية ولكن بالتنسيق مع روسيا وواشنطن بحيث لا يؤثر الزلزال الأمني الكبير في الجنوب السوري على أمن الأردن وإسرائيل. فلقاء ترامب – بوتين؛ يعني الاستجابة للمخاوف الأردنية والإسرائيلية من انهيار مناطق خفض التصعيد في الجنوب السوري ومنها هروب المسلحين تحت ضربات الجيش السوري إلى الداخل الأردني والإسرائيلي.  لذلك كانت الأزمة السورية على قمة القضايا التي ناقشها ترامب والعاهل الأردني.

ولعل رمزية المكان هي التي جعلت بوتين يوافق على انعقاد اللقاء الثنائي حيث إن هيلسنكي كانت قد استضافت أهم القمم إبان الحرب الباردة بين قادة مثل ليونيد بريجنيف وجيرالد فورد في عام 1975 وميخائيل غورباتشوف وجورج بوش الأب في عام 1990 قبل أن تستضيف اجتماعا بين بوريس يلتسين وبيل كلينتون عام 1997.

من حدد مكان انعقاد القمة هو الرئيس الروسي بوتين لأسباب ليست سياسية فقط بل جغرافية أيضا لأنها قريبة من الأراضي الروسية وخصوصا من سان بطرسبرغ وهي المقر الرئيس لبوتين هذه الأيام ومسقط رأسه ومكان انعقاد المباراة النهائية لكأس العالم يوم 15 يوليو. لعل مكان الانعقاد ومن يحدده تعني ما سنسمعه يوم القمة من تطورات بناء على ما يريده الروس لا بناء على ما يريده الأمريكيون وحلفاؤهم.

ربما يعجبك أيضا