غلق مضيق هرمز.. محاولة إيرانية “يائسة” لرفع العقوبات

حسام عيد – محلل اقتصادي

في تصريحات تصعيدية يهدد الرئيس الإيراني حسن روحاني بمنع تصدير نفط المنطقة، في حال منعت بلده من تصدير نفطها، وأن ميليشيات الحرس الثوري مستعدة لاستهداف المنافذ البحرية “مضيق هرمز” في المنطقة.

استهداف مضيق هرمز محاولة إيرانية يائسة

في أعقاب بيان للقائد في الحرس الثوري الإيراني إسماعيل كوثري، قال فيه إنه إن منعت الولايات المتحدة الأمريكية الصادرات الإيرانية من النفط، فستقوم إيران بمنع ناقلات النفط من المرور بمضيق هرمز.

صرح اللواء محمد علي جعفري، قائد الحرس الثوري الإيراني، مهددًا بأن مضيق هرمز سيكون مفتوحًا أمام الجميع أو لا أحد.

وبدوره، رأى نائب مدير مجموعة تصنيف الشركات فاسيلي تانوركوف، أن إغلاق مضيق هرمز سيتسبب في أزمة طاقة عالمية وانفلات أسعار النفط، فالأسعار ممكن أن تبلغ 200 دولار أو تقفز إلى 400 دولار للبرميل، لكن هذا شيء مستبعد لأن هذا يعتبر إعلان حرب من إيران ضد كل الدول المصدرة للنفط والدول المستوردة له، أي الولايات المتحدة وأوروبا والصين.

وشدد على أن الإغلاق الحقيقي للمضيق سيكون انتحاراً لإيران، فمن خلال مضيق هرمز تصدر السعودية 88% من إنتاجها النفطي، العراق 98%، والإمارات 99%، وكل نفط إيران والكويت وقطر، ويعبر ما مجموعه 40% من تجارة تصدير النفط عبر المضيق بما يعادل 17- 18 مليون برميل يوميًا، ولا توجد طرق بديلة، لذلك الإغلاق الفعلي للمضيق يعد انتحارا لإيران.

التصفير النفطي يربك إيران

إعلان لا يبدو مفاجئا في كل الأحوال، فالنظام الإيراني يضع ثروة البلد النفطية بين أيدي من يرضى عنهم أو من يضمنون استمراره، وعلى رأسهم ميليشيات الحرس الثوري، حتى أن تلك الميليشيات التي تمسك بمفاصل الاقتصاد الإيراني تدير اليوم مئات الشركات في قطع النفط، ومنع تصدير النفط الإيراني يعني حرمانها من عوائد ضخمة.

وما حدث يعتبر رد فعل غير مدروس ومتخبط من النظام الإيراني، بعد وضع الولايات المتحدة استراتيجية جديدة تهدف إلى الوصول بالصادرات النفطية الإيرانية إلى المستوى “صفر”، أو ما يعرف بالتصفير النفطي، في مسعى لإحكام الضغط الاقتصادي على نظام الملالي الذي يواجه اضطرابات داخلية. وتركز الاستراتيجية بحسب  كبير المستشارين السياسيين بالخارجية الأميركية براين هوك، إلى شل قدرة إيران على جلب عائدات من صادرات النفط الخام.

وستعتمد واشنطن في ذلك على حزمة من الأدوات، من بينها العقوبات التي ستدخل حيز التنفيذ في أغسطس المقبل  تنفيذا لقرار الرئيس دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي المبرم مع إيران في مايو الماضي، على خلفية عدم التزام طهران بتعهداتها وأدوارها التخريبية في دول المنطقة.

وإضافة إلى ذلك، سيتم توفير طاقة إنتاجية احتياطية عالمية في سوق النفط تكفي لتغطية انخفاض إمدادات الخام الإيرانية للحفاظ على استقرار الأسعار. 

وبينما كانت الاستثناءات التي منحتها أميركا لبعض المستوردين قبل الاتفاق النووي، هي منفذ طهران لتصدير النفط، فإن واشنطن هذه المرة لا تفكر في منح استثناءات من العقوبات النفطية الجديدة المفروضة على إيران.

وتستمر التهديدات الإيرانية، فقد أبلغ الرئيس الإيراني حسن روحاني، الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأن إيران قد تخفض تعاونها مع الوكالة، ملقيا بمسؤولية ما وصفه بالوضع الجديد على عاتق نظيره الأمريكي دونالد ترامب.

روحاني يستنجد بمحفزات أوروبا

من لعبة التهديد إلى لعبة الابتزاز الإيرانية المعهودة، يضع الرئيس حسن روحاني من فيينا أمام مضيفيه الأوروبيين خيارين لا ثالث لهما، إما أن يضمنوا مصالح إيران أو يواجهوا انسحاب طهران من الاتفاق النووي.

ومجددا يطالب روحاني الأوروبيين بمحفزات اقتصادية جديدة تعوض أثر عودة العقوبات الأمريكية.

وكمن يحاول الانتصار للكبرياء، يقلل روحاني من أهمية الانسحاب الفعلي لبعض الشركات الأوروبية الكبرى من السوق الإيرانية، وشدد على أن الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تعد بحسبه خيارات أنسب لنقل التكنولوجيا بالنسبة لطهران مستعدة للتعاون.

لكن تصريحات روحاني هذه لا تنفي واقعا تبدو فيه طهران مرتابة جدا من أثر عودة العقوبات الأمريكية.

وفي التحركات الأوروبية لطمأنة طهران بأن ذلك لن يحدث، أعطى البرلمان الأوروبي موافقته لبنك الاستثمار الأوروبي للعمل في إيران مما يبقي على قيد الحياة خططا لإنقاذ الاتفاق النووي الإيراني بعد انسحاب الولايات المتحدة منه.

لكن قرار مشرعي الاتحاد الأوروبي قد يهدد قدرات البنك على جمع أموال في الأسواق الأمريكية وبالتالي قد يؤثر بشكل واسع على عملياته.

البحرية الأمريكية تحمي الملاحة في الخليج العربي

ما من تهديد يثني واشنطن عن المضي في استراتيجيتها لكسر شوكة إيران، فقد تعهدت بالإبقاء على المسارات الملاحية في الخليج العربي مفتوحة أمام ناقلات النفط ردا على التهديد الإيراني بمنع تصدير نفط المنطقة في حال منعت إيران من تصدير نفطها.

ومطمئنة الدول المعنية، تؤكد واشنطن أن بحريتها على أهبة الاستعداد لضمان حرية الملاحة وحرية تدفق التجارة في المنطقة وفقا للقانون الدولي.

وهذا يعني أن لا تهديد إيران بمنع صادرات النفط الإقليمية ولا وعيد ميليشيات حرثها الثوري بالتنفيذ سيدفعان بالولايات المتحدة إلى التراجع عن سعيها لخفض صادرات النفط الإيرانية إلى الصفر ولا عن فرض عقوبات على من يتعامل مع إيران تجاريا خاصة في المجال النفطي.

إيران تتراجع عن تهديدها المعتاد

بعد أن لمح الرئيس الإيراني، حسن روحاني، خلال زيارته لسويسرا، لقدرة بلاده على منع شحنات النفط من الدول المجاورة إذا ما استجابت الدول لطلب الولايات المتحدة بعدم شراء نفط إيران، تراجعت طهران على ما يبدو، فرئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، حشمت الله فلاحت بشه، قال أن إيران لا يمكنها إغلاق مضيق هرمز.

وبشأن ما فهم من تصريحات روحاني بأنها تهديد بإغلاق المضيق، وأيده لاحقاً قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني مشيداً بموقفه، قال بشه إن الرئيس لم يقصد بكلامه عن عدم إمكانية تصدير نفط المنطقة، إغلاق مضيق هرمز.

تهديدات مسؤولي إيران، ما زالت في إطار الاستهلاك الإعلامي ليس أكثر، والهدف الأساسي منها، المحافظة على هيبة الدولة، ولفت أنظار العالم عما يشهده الداخل الإيراني من احتجاجات يومية.

هذه التهديدات اعتاد عليها تنظيم خامنئي منذ عقود، إلا أنه لم يستطع تنفيذ أي منها على أرض الواقع، لأنه لا يملك المقدرة على محاربة دول العالم مجتمعة، التي تتفق على أن إيران دولة إرهاب.

ربما يعجبك أيضا