السيسي والبشير.. قمة الأخوة والتاريخ والمصالح المشتركة

حسام السبكي

حسام السبكي

من جديد، وللمرة الخامسة، يتوجه الرئيس المصري “عبد الفتاح السيسي”، إلى العاصمة السودانية الخرطوم، يوم الخميس المقبل، في إطار تعزيز العلاقات المتميزة بين مصر والسودان، يلتقي خلالها الزعيم السوداني “عمر حسن البشير”، في قمة مرتقبة، يُتوقع أن تتطرق إلى العديد من الملفات الهامة، والمصيرية بالنسبة للشعبين المصري والسوداني، في ظل حالة الانتعاش والتآلف الذي تشهده العلاقات بين “أبناء النيل”.

وتكتسب زيارة الرئيس السيسي، إلى السودان، أهمية كبيرة، خاصةً في ظل التوجه المصري والاهتمام الذي توليه بالقضايا الأفريقية، ومشاكلها، والسعي إلى توسيع آفاق التنمية والنهضة لشعوب وبلدان القارة السمراء.

قمة الخميس

يستعد الزعيمان السيسي والبشير، لقمة مرتقبة وهامة، تستضيفها العاصمة السودانية الخرطوم، يوم الخميس المقبل، وهي تمثل الزيارة الأولى للرئيس المصري منذ إعادة انتخابه لولاية ثانية في مارس الماضي، ويُتوقع أن تستغرق يومين.

وحول أجندة زيارة الرئيس المصري للسودان، أوضح السفير السوداني لدى القاهرة “عبد المحمود عبد الحليم”، أن الزيارة تتميز بأهميتها توقيتا ومضمونا وإنها تأتي في إطار التواصل المستمر بين قيادتي البلدين وتأتي ردا أيضا على الزيارة التي قام بها للقاهرة قبيل الانتخابات الرئاسية الرئيس عمر حسن أحمد البشير.

وأضاف السفير عبد المحمود عبد الحليم، أن الزيارة تعكس حيوية وخصوصية العلاقات بين البلدين والشعبين، وأنها تضاف لسلسلة الزيارات واللقاءات العديدة التي تمت بين الرئيسين.

وأشار إلى أن القمة السودانية المصرية ستعنى باستعراض موقف العلاقات المتطورة بين البلدين والجهود المتصلة لتعزيزها وتعميقها في جميع المجالات وسوف يقف الرئيسان على سير ونتائج الاجتماعات العديدة لآليات التعاون الثنائي التي شهدتها الفترة المنصرمة منذ انعقاد اجتماع الرئيسين بأديس أبابا على هامش القمة الأفريقية مؤخرا مرورا بزيارة الرئيس البشير لمصر وأهمها اجتماعات اللجنة الرباعية المشكلة من وزيري الخارجية ومديري المخابرات في البلدين بالتكليفات الصادرة إليها وغيرها من آليات التعاون المشترك وصولا إلى اجتماعات لجنة التعاون العليا برئاسة الرئيسين التي ستستضيفها الخرطوم أيضا في أكتوبر المقبل.

وأوضح أن القمة السودانية المصرية ستتبادل وجهات النظر حول التطورات الجارية في المنطقة والإقليم وغيرها من القضايا ذات الاهتمام المشترك.

وبشأن أهمية اللقاء أيضًا، رأى سفير مصر الأسبق في السودان “محمد الشاذلي”، أن زيارة الرئيس السيسي للخرطوم في الوقت الراهن هامة للغاية وتعزز من الوضع في القارة الأفريقية وتساهم في تجاوز أي خلافات قد نشبت خلال الفترة الماضية بين مصر والسودان.

وأشار الشاذلي إلى تبادل الزيارات بين رئيسي مصر والسودان بشكل مستمر يساهم في تجاوز الخلافات دائما، والقضاء على كافة المحاولات التي تسعى للنيل من العلاقات بين البلدين، مؤكدا أن زيارة الرئيس السيسي للسودان في الوقت الراهن هامة للغاية وتأتي بعد تعزيز الأوضاع في جنوب السودان وإنهاء الخلاف بين كل من أثيوبيا وإريتريا، ما يعزز الوضع في القارة الأفريقية.

سد النهضة

يفرض ملف سد النهضة، دائمًا وأبدًا، نفسه على المحادثات المصرية السودانية بشكلٍ خاص، وعلى جولات الرئيس السيسي في أفريقيا بشكلٍ كبير.

ومنذ اللقاء الأخير الذي جمع السيسي والبشير، أكد الرئيس المصري أنه تم الاتفاق على مواصلة العمل على تنفيذ نتائج القمة الثلاثية المصرية- السودانية- الإثيوبية حول سد النهضة، التي عقدت في أديس أبابا في إطار تنفيذ اتفاق إعلان المبادئ الموقع بالخرطوم في 23 مارس 2015.

وأضاف السيسي: “اتفقنا كذلك على تفعيل الآليات المشتركة المتعددة بين البلدين، ومن بينها اللجنة الخاصة بتعزيز التجارة والهيئة الفنية العليا المشتركة لمياه النيل، وهيئة وادي النيل للملاحة النهرية، واللجنة القنصلية، واللجنة العسكرية، ولجنة المنافذ الحدودية، وآلية التشاور السياسي على مستوى وزيري الخارجية، ولجان أخرى عديدة تعمل على تذليل أية صعوبات أو تحديات أمام تلك العلاقة الأخوية العميقة”، مشيرًا إلى إنه “في ضوء أن نهر النيل يمثل شريان الحياة لشعبي وادي النيل، فقد أكدنا عزمنا العمل معاً، ومع الأشقاء في إثيوبيا، للتوصل إلى شراكة في نهر النيل تحقق المنفعة للجميع دون الإضرار بأي طرف، والعام الجاري في الخرطوم، حيث عقدت اللجنة الأخيرة في القاهرة عام 2016”.

يُذكر أن السيسي كان قد اتفق مع رئيس وزراء إثيوبيا “آبي أحمد” في يونيو الماضي، على تبني “رؤية مشتركة” بين الدولتين حول سد النهضة، تسمح لكل منهما بالتنمية “دون المساس بحقوق الطرف الآخر”.

ويهدف سد النهضة الكبير إلى توفير ستة آلاف ميجاوات من الطاقة الكهرومائية، أي ما يوازي 6 منشآت تعمل بالطاقة النووية.

هذا، وتعتمد مصر تمامًا على مياه النيل للشرب والري وتقول إن “لها حقوقًا تاريخية” في النهر بموجب اتفاقيتي 1929 و 1959 اللتين تعطيانها 87% من مياه النيل وحق الموافقة على مشاريع الري في دول المنبع.

وتخشى القاهرة تأثير السد الذي بدأت أعماله في 2012 بكلفة 4 مليارات دولار، على منسوب النهر الذي تعتمد عليه بنسبة 90 بالمئة لتأمين حاجاتها من المياه.

زيارات متبادلة

تعد زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، فصلًا مكملًا، لمسلسل العلاقات المصرية السودانية الأخوية، والتي تأتي كأول جولة خارجية للرئيس المصري، عقب إعادة انتخابه لولاية ثانية، في مارس الماضي.

وتأتي زيارة السيسي أيضًا، في أعقاب زيارة الرئيس السوداني “عمر حسن البشير” إلى العاصمة المصرية القاهرة، عشية الانتخابات الرئاسية المصرية، في مارس الماضي، والتي ذكر الرئيس السوداني أنها تأتي دعمًا لمصر واستقرارها، وللرئيس السيسي، الحريص على علاقات قوية، ومصالح متبادلة بين الشعبين والبلدين.

وعلى هامش اللقاء، أكد الرئيس السوداني، أنه لمس وجود إرادة سياسية لدى نظيره المصري، بغية تعزيز التعاون لحل أي إشكالية عالقة بين البلدين، مشيرًا إلى أن الدولتين تقفان أمام مرحلة مفصلية وتاريخية، وذلك وفقًا لما تعانيه المنطقة من المشاكل، تتطلب المزيد من التقارب والتعاون.

وقد رحب الرئيس عُمر البشير، خلال الزيارة، بالتشاور المستمر بين البلدين، مؤكداً ما يعكسه ذلك من خصوصية العلاقات التي تربط بينهما، موضحاً أن اللقاءات الثنائية بين الخرطوم والقاهرة، إيجابية ولها أثر كبير في زيادة التفاهم لمزيد من التعاون بين البلدين في المجالات المختلفة.

وأشار البشير كذلك، إلى أن العلاقات المصرية- السودانية أمانة في قيادة البلدين، متابعًا “سنركز على عقد قمم في الخرطوم والقاهرة، وستكون فرصة لمراجعة الآليات وما تم تنفيذه لتعزيزه، وإزالة المعوقات أمام التعاون المشترك، وليس لدينا خيار سوى التعاون، وهو الرغبة الأكيدة لشعوبنا ونحن نعبر عن شعوبنا”.

وحول الانتخابات الرئاسية المصرية الأخيرة، أشار البشير إلى أن مصر تمر بمرحلة دقيقة، ودومًا تكون فرصة لزعزعة الاستقرار ومحاولة إحداث انفلات أمني، مضيفًا: ” نصلي لحفظ أمن واستقرار مصر، واختيار توقيت الزيارة جاء لدعم استقرار مصر، ودعم الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، ونحن بلد واحد وشعب واحد، يربطنا التاريخ والجغرافيا والثقافة والدين نحن شعب واحد”.

أما الرئيس المصري، فأكد خلال المحادثات الأخيرة، حرص بلاده البالغ على دعم دولة السودان ومؤسساتها، مشددًا على ضرورة إبقاء قنوات الاتصال بين البلدين فاعلة ومنفتحة في إطار من الشفافية والمصداقية.

وتأكيدًا على ما ذكره الرئيس السوداني، أوضح السيسي أن المتغيرات والظروف التي تحيط بالمنطقة وطبيعة الأوضاع السياسية وحجم التحديات الأمنية، تفرض ضرورة التوحد صفاً واحداً، للحفاظ على مؤسسات دولنا وتحصينها من أية محاولات للنيل من مقدراتها، وذلك إرساء لمبدأ أن الأمن القومي لدول وادي النيل كل لا يتجزأ.

وكشف الرئيس المصري أنه اتفق مع البشير على تعزيز التعاون الأمني وبدء الإعداد لعقد اللجنة المشتركة برئاسة رئيسي البلدين خلال العام الجاري في الخرطوم, وكان آخر اجتماع لهذه اللجنة عقد في القاهرة عام 2016.

ربما يعجبك أيضا