إيران تهدد بإغلاق “مضيق هرمز” .. وتنقل المعركة عند “باب المندب”

يوسف بنده

رؤية – بنده يوسف

يبدو أن المسؤولين الإيرانيين حينما حاولوا تفسير تهديدات الرئيس الإيراني “حسن روحاني”، بإغلاق مضيق هرمز، بأن هناك العديد من “مضيق هرمز”؛ كانوا يقصدون مضيق باب المندب، من ضمن الأهداف التي تستهدفها إيران.

فالإصرار الإيراني على التواجد داخل الأراضي اليمنية عبر استقطاب المليشيات الشيعية الموالية، هو من أجل فرض سيطرة على كافة ممرات التجارة والنفط في المنطقة؛ بما يجعل إيران قادرة على الضغط على القوى الإقليمية والدولية في فرض سياستها ومصالحها.

لا تعبر السياسة الإيرانية، عن تحقيق مكانة إقليمية حقيقية من خلال التمدد الناعم، ومن خلال التفوق في البنيات المختلفة للدولة، بداية من السياسية حتى الاقتصادية؛ بما يجعل طهران نموذجًا لدول المنطقة، على غرار تجارب بعض الدول الأوروبية؛ إنما تسعى طهران إلى تحقيق مكانة من خلال التمدد الصلب، ومن خلال نموذج يشبه حرب العصابات وإرهاب الدولة وفرد العضلات، ويشبه أيام الحرب العالمية وصرخات وتهديدات قادتها، وهو بالأمر الذي لم يعد يتماشى مع المجتمع الدولي حاليًا.

هددت إيران بإغلاق مضيق هرمز في حالة عدم استطاعتها تصدير نفط تحت سقف العقوبات الأمريكية؛ وحاولت إثبات جدية تهديدها في منطقة بعيدة عن مضيق هرمز، وهي منطقة باب المندب، التي تهدد جماعة الحوثي اليمنية الموالية لإيران سلامة ملاحتها.

التهديدات على صحيفة كيهان

بالأمس الأربعاء، نشرت صحيفة كيهان الإيرانية تهديدات مباشرة تجاه السعودية والإمارات، بما يهدد مصالحهما الاقتصادية، وجاء عنوان الصحيفة “الصواريخ في الطريق .. يجب إخلاء دبي وأبوظبي والرياض”.

جاء التهديد على لسان المتحدث باسم أنصار الله، شرف غالب لقمان، الذي هدد باستهداف الإمارات والسعودية بالصواريخ والطائرات المسيرة التابعة للحوثيين.

وسبق أن نقلت صحيفة كيهان وهي تابعة لجبهة المرشد الأعلى في إيران، تصريحات تهديد على لسان جماعة أنصار الله ضد السعودية، وتحققت التهديدات بالفعل.

والحقيقة أن التهديدات تكون على لسان الحوثيين، بينما في الحقيقة هي رسالة تهديد من جانب إيران التي تحرك هذه الجماعة، وتستغلها بما يحقق مآربها.

وقد تزامن مع ما نشرته الصحيفة الإيرانية أمس، هجوم لجماعة الحوثي، ظهر أمس، على مركز التحكم والسيطرة التابع للتحالف العربي في محافظة البيضاء، بطائرة بدون طيار.

وكذلك استهداف بارجة حربية تابعة للسعودية تحمل اسم “الدمام”، عند السواحل الغربية لليمن، حسب قناة المسيرة اليمنية التابعة لجماعة الحوثي.

وعقب هذا الهجوم، أعلن وزير الطاقة السعودي خالد الفالح أمس الأربعاء أن بلاده ستعلق جميع شحنات النفط الخام التي تمر عبر مضيق باب المندب إلى أن تصبح الملاحة خلال مضيق باب المندب آمنة.

وأعلنت قناة سكاي نيوز، أن قرار وزير الطاقة السعودي جاء هذا القرار، بعد محاولة الهجوم الفاشلة لمليشيات الحوثي على ناقلتي نفط سعوديتيين تابعتين للشركة الوطنية السعودية للنقل البحري.

ونشرت شركة آرامكو السعودية العملاقة في حسابها على تويتر: تعرضت ناقلتا نفط عملاقتان تابعتان للشركة الوطنية السعودية “البحري” تحمل كل منهما مليوني برميل من النفط الخام لهجوم شنه الحوثيون في البحر الأحمر.

وأضاف البيان أن إحدى الناقلتين تعرضت أثناء هذا الهجوم “لأضرار طفيفة دون أن تقع أية اصابات”.

وتابعت الشركة أن القرار بتعليق تصدير النفط اتُّخذ لضمان “سلامة الناقلات وطواقمها وتجنب حوادث انسكاب النفط الخام”.

إيران متورطة

تبنت إيران عملية الهجوم بشكل غير مباشر كما قامت به بشكل غير مباشر عبر مليشياتها الشيعية؛ حيث أعلن اليوم قائد فيلق القدس، قاسم سليماني، عقب الهجوم، أن البحر الأحمر لم يعد آمناً بعد اليوم لتواجد الأمريكيين.

ما يعني ضمنيًا أنه يقصد مضيق باب المندب وتهديدات جماعة الحوثي الموالية لإيران هناك.، وقيام هذه الميليشيات بشن هجوم على ناقلتي نفط سعوديتين، أمس الأربعاء، ما يثبت تورط إيران بشكل مباشر بتهديد الملاحة في البحر الأحمر بالإيعاز لميليشيات الحوثيين التابعة لها بمهاجمة ناقلات النفط.

المعركة عند باب المندب

أعلنت السعودية تعليق ملاحة ناقلات النفط بشكل مؤقت عند باب المندب. وكذلك أعلنت الكويت أنها تدرس القرار السعودي، لتتوقف هي الأخرى عن الملاحة عبر البحر الأحمر.

وهذا، هو الهدف الإيراني، بأن تنتقل المعركة عند باب المندب، بدلًا من مضيق هرمز، بما يُبعد عنهم الاتهامات بشكل مباشر، ويخنق صادرات النفط السعودية ودول الخليج، ويهدد استقرار اقتصاد حلفاء واشنطن، ويهدد كذلك سوق النفط وزيادة الإنتاج التي يطمح إليها ترامب من السعودية.

فقد أكد الهجوم الحوثي الأخير على ناقلتي نفط في البحر الأحمر، الخطر الذي تمثله إيران وميليشياتها الشيعية على أمن المنطقة، وأهمية كبح جماحها، لاسيما في اليمن عبر تحرير ميناء الحديدة الذي يتخذه الحوثيون قاعدة لتهديد الملاحة الدولية عبر مضيق باب المندب.

وهنا تبرز أهمية تحرير مدينة الحديدة ومينائها من ميليشيات الحوثي، التي تنفذ أجندة إيران الخبيثة في المنطقة وتعمل على شن هجمات إرهابية في البحر الأحمر، خدمة لمصالح نظام الملالي الذي كان قد هدد قبل أيام بمنع صادرات النفط في المنطقة.

وتسعى إيران، من خلال إبقاء ميليشيات الحوثي في الحديدة، إلى الإمساك بورقة باب المندب الهامة للضغط على المجتمع الدولي وتنفيذ تهديداتها الإرهابية، لما يمثله هذا المضيق من أهمية على صعيد الملاحة الدولية.

لماذا باب المندب؟

يربط باب المندب البحر الأحمر من الجنوب بالمحيط الهندي، حيث يقع في منتصف المسافة بين السويس ومومباي، يحده اليمن من الشرق وإريتريا وجيبوتي من الغرب.

يكتسب المضيق أهمية في عالم النفط من كمية النفط المارة به، والتي تقدر بحدود 3.5 مليون برميل يوميا.

لكونه يقصر المسافة التي تقطعها حاملات النفط بـ60 %، فإن إغلاقه سيجبر ناقلات النفط على الدوران حول أفريقيا وسيرفع تكاليف نقل النفط بشكل كبير، ويعد النفط هدفا للإرهابيين.

يبلغ عرض المضيق حوالي 30 كيلومترا تقريبا تتوسطه جزيرة بريم. وتتم الملاحة في الجزء الغربي من المضيق، لأنه الأوسع، حيث يبلغ عرضه 25 كيلومترا ويصل عمقه إلى 310 أمتار، ويطلق عليه اسم “دقة المايون”.

أما الجزء الشرقي ويسمى “قناة إسكندر” فهو لا يصلح للملاحة الدولية بسبب ضيقه وسطحية المياه فيه، حيث يبلغ عرضه ثلاثة كيلومترات وعمقه في أعمق منطقة 30 مترا.

ربما يعجبك أيضا