عمران خان.. من “الكريكت” إلى زعامة باكستان

محمود سعيد

رؤية – محمود سعيد

بعد فرز 80% من الأصوات، تتقدم حركة “الإنصاف” بزعامة المعارض عمران خان على منافسيها في الانتخابات العامة بباكستان، وهذا ما يعني أنه رئيس الوزراء القادم في باكستان، وهو الحلم الذي انتظر “خان” لعقدين من الزمان حتى يحققه، مع العلم أن أيًّا من استطلاعات الرأي لم تتوقع فوزه.

ويبدو أن عمران خان -الذي قدم تجربة ناجحة في حكم إقليم “بختونخواه”، مسقط رأسه قد ساهمت إلى حد كبير في هذه النتائج، حيث تمكن من مكافحة الفساد في الإقليم، كما تمكن من إصلاح الأوضاع المتردية للخدمات والبنية التحتية، وهو الأمر الذي لا شك أقنع المواطنين في مختلف الأقاليم الباكستانية بالتصويت لحركة الإنصاف بشكل واسع.

فوز حزب “عمران خان”

وقد أظهرت نتائج أعلنتها لجنة الانتخابات الباكستانية، فوز حزب “حركة الإنصاف” بزعامة لاعب الكريكيت السابق، عمران خان، في الانتخابات العامة، وقالت اللجنة: إنّ النتائج الأولية تظهر حصول “حركة الإنصاف” على 115 مقعدا في المجلس الوطني (البرلمان) من أصل 270 مقعدا.

ورغم فوز حزب “عمران خان” بأكبر عدد من المقاعد، إلا أنه بحاجة لتشكيل تحالف مع الأحزاب الأخرى من أجل تولي منصب رئيس الوزراء وتشكيل الحكومة، ويفوز بمنصب رئيس الوزراء، رئيس الحزب الذي يحصل على دعم 172 عضواً على الأقل (50 بالمائة 1) في المجلس الوطني (أحد غرفتيْ البرلمان).

عمران خان
ولد خان، المسلم الورع، في 25 نوفمبر 1952 في عائلة مهندس بمدينة لاهور، وفي سن 18 عاما انضم إلى المنتخب الوطني للكريكيت.

وفي عام 1971 غادر خان باكستان إلى بريطانيا، واستثمر عمران دراسته الأكاديمية في مجال السياسة والاقتصاد، فقد درس الفلسفة والسياسة والاقتصاد في كلية “كيبل” في أكسفورد، وتخرج بالمرتبة الثانية في السياسة، والمرتبة الثالثة في الاقتصاد، وذلك بعد أن أنهى تعليمه الأساسي في كلية أيتشسون العريقة، ثم مدرسة القواعد الملكية في ورسيستر في إنجلترا، كل ذلك دون أن يترك رياضة الكريكيت حتى أصبح قائدا لفريق الجامعة عام 1974، ومنذ 1982 حتى 1992 كان خان يقود المنتخب الباكستاني للكريكيت، وتحول بفضل إنجازاته في هذا المجال إلى أسطورة حقيقية في بلاده، وخاصة بعد أن فاز المنتخب بلقب بطل العالم عام 1992.

وفي 1995 أسس خان “حركة الإنصاف” التي وجدت هدفها في تحقيق العدالة للشعب الباكستاني، بالدرجة الأولى عن طريق وضع نظام قضائي مستقل يضمن احترام حقوق الإنسان والديمقراطية وسيادة القانون، وفي عام 2007، أعلن خان الإضراب عن الطعام احتجاجا على حالة الطوارئ في البلاد، وذلك بعد أسبوع من توقيفه أثناء مظاهرة طلابية في لاهور، على خلفية خلاف بينه وبين برويز مشرف.

وكان خان قد شارك في الانتخابات عام 2013، لكنه لم يحقق سوى المرتبة الثالثة في السباق.

معاركه السياسية

ولعمران خان معارك سياسية، كان منها محاولات خصومه تلفيق عدد من قضايا الفساد له، ولكن المحاكم الباكستانية قامت بتبرئته من تهم فساد.

وقال عمران حينها: “أشكر الله عز وجل على ظهور براءتي من قضية فساد جرى تلفيقها ضدي من قبل تاجر مخدرات”، في إشارة إلى زعيم حزب الرابطة الإسلامية الحاكم، حنيف عباسي.

وتابع: “أشعر بالإهانة الشديدة عند مقارنتي بنواز شريف (رئيس الوزراء السابق)، حيث قضيت حياتي وأنا أحافظ على أموال بلدي، بينما يعمل هو على إهدارها هنا وهناك”.

فيما قال رئيس الوزراء الباكستاني السابق، نواز شريف: إن الانتخابات الباكستانية “سُرقت لصالح عمران خان”، وأضاف في تصريحات أدلى بها من محبسه: “رغم الأداء الأسوأ لحزب خان في إقليم خيبر باختونخوا، تم التلاعب لصالحه ليفوز فيه”.

وفي السياق، أعرب “شريف” عن دهشته إزاء الخسائر التي طالت الحزب الذي أسسه (حزب الرابطة الإسلامية – جناح نواز) ويتزعمه حاليًا شقيقه شهباز شريف.

برنامج خان

وتضمن برنامج خان السياسي التمسك بالقيم الإسلامية، وفي خطاب الفوز، أكد عمران خان على ما ورد في برنامجه الانتخابي، فقال: إن دولة الرفاه التي يحلم بها هي “دولة المدينة” (المنورة) التي أقامها الرسول صلى الله عليه وسلم، القائمة على العدل والمساءلة السياسية والإصلاح الاقتصادي وتقوية المؤسسات والتخفيف من وطأة الفقر.

كما أعلن “خان” أنه يطمح “لفتح الحدود مع أفغانستان على غرار دول الاتحاد الأوروبي، فأفغانستان عانت كثيرًا من الحرب الحالية ومن قبلها (الجهاد الأفغاني)، والسلام في أفغانستان يعني السلام في باكستان”.

وتابع: “اليوم كذلك باكستان في حالة فوضى، نواجه تحديات حكومية واقتصادية، اقتصادنا لم يكن أبداً على هذا النحو من السوء، وذلك لأن المؤسسات لم تكن تقوم بوظائفها”.

وفيما يتعلق بالعلاقات مع الهند، أعرب “خان” عن عزمه تعزيز العلاقات بين البلدين في حال رغبت قيادة الدولتين، ومضى بالقول: “إذا اتخذوا خطوة تجاهنا، سنتخذ خطوتنا، لكن على الأقل نحتاج إلى بداية”.

وعن العلاقة مع الولايات المتحدة، وهي من الملفات المهمة في برنامجه، أكد على تمتين العلاقة مع واشنطن على قاعدة الندية والمصالح المتبادلة لا التبعية، بقوله: إن “العلاقة لن تكون في اتجاه واحد”.
 

ربما يعجبك أيضا