بعد “ضجيج” ترامب .. تركيا وأوروبا نحو تقاربات حول قضايا المنطقة

يوسف بنده

رؤية
 
تنظر تركيا بتفاؤل مشوب بالحذر بصدد علاقاتها مع أوروبا وباتجاه هدفين أساسيين هما استئناف الحوار وتطبيع العلاقات مع البلدان الأوربية التي تأزمت علاقات تركيا معها في المدة الماضية.
 
أما الهدف الثاني فهو كسر الجمود في العلاقة مع الاتحاد الأوروبي بعد تجميد حوار الانضمام إلى الاتحاد منذ المحاولة الانقلابية في صيف العام 2016.
 
إعلان هولندا وتركيا عودة العلاقات الدبلوماسية مع تركيا بعد قطيعة استمرت منذ مارس 2017 عندما رفضت لاهاي السماح لوزيرين تركيين بالمشاركة في تجمع انتخابي، كان حدثا مهما.
 
وبحسب بيان الخارجية الهولندية، فقد بدأ الانفراج على هامش قمتي حلف شمال الأطلسي الأخيرتين في أبريل ويوليو، اللتين التقى خلالهما وزيرا خارجية البلدين مرات عدة بهدف وضع حد للنزاع.
 
وفي هذا الصدد، أكد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، “ان رغبة مشتركة بين تركيا وهولندا في تطبيع علاقاتهما، هو الذي دفعهما لتجاوز الأحداث المؤسفة التي جرت في 11 مارس 2017، وتسببت بالإضرار بالعلاقات بين البلدين”.
 
أمام التوتر مع “ترامب”
 
تحاول الحكومة التركية الجديدة برئاسة رجب طيب أردوغان أن تظهر بأنها تعد من بين الدول الأهم على الساحة الدولية،  وأن الجميع يسعى إلى كسب ودها والتنسيق معها.
 
وفي هذا السياق نشرت الأناضول مقالاً تحليلياً بعنوان “هل يسعى ترامب إلى كسب تركيا في مواجهته مع أوروبا؟”، حاولت التأكيد فيه على أن تركيا تحظى بالدور الأهم في العلاقات الدولية، وبخاصة بين الولايات المتّحدة وأوروبا.
 
وركّزت الأناضول في مقالها على سعي مختلف الأطراف إلى كسب ود تركيا في معركة التنافس مع بعضهم بعضا.
 
وتحدثت عما وصفته بأنه تطور مواز حيث يمكن رصد تغيير إيجابي في الخطاب الإعلامي الأوروبي تجاه أنقرة، وذكرت أنه لوحظ هبوط واضح في حدة انتقاد الصحافة الأوروبية للرئيس أردوغان.
 
وقالت إنه في الجهة المقابلة عرضت واشنطن بيع منظومة صواريخ باتريوت لأنقرة، رغم اشتراط الأخيرة شراء المنظومة مع تقنيات تصنيعها، وقد بدأت بالفعل محادثات جدية بهذا الاتجاه.
 
ونوهت إلى ضرورة عدم نسيان ما وصفته بالموقف الأمريكي الإيجابي المتعاون مع أنقرة في منبج (السورية) حاليا، وقبلها في عملية غضن الزيتون بعفرين (السورية).
 
وأشارت إلى أن النقاشات الحادة في قمة الناتو، وزيارة ترامب المطولة لبريطانيا، والقمة التاريخية بين ترامب وبوتين في هلسنكي، تشير بوضوح إلى صراع حاد بين الأوربيين والأمريكيين،.. هذا الصراع وإن بدا اقتصاديا تجاريا، فإن تداعياته السياسية سوف تأخذ حيزا أكبر في الأيام القادمة.
 
وقالت إن روسيا من جهتها بدت أكثر استعدادا للتعاون مع تركيا في حل الأزمة السورية، فقد انتشرت في الصحافة التركية والصحافة الروسية معا، خلال الأيام الماضية، تسريبات وتحليلات سياسية حول استعداد موسكو لتسليم مدينة حلب لتركيا مقابل تولي أنقرة مهمة إعمارها.
 
وذكرت أن الرئيس التركي رتب بيته الداخلي بفوز واضح في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وتمكن من سد الثقوب التي كانت تدخل منها رياح التدخلات الخارجية ووصاية العسكر، من خلال الانتقال إلى النظام الرئاسي.
 
وزعمت أن أردوغان الذي شكل حكومته الجديدة، يبدو في وضع قوي يمكنه من المناورة أكثر، في انتهاج سياسة التوازنات التي وضعته في موقع المنفتح على الجميع.
 
قمة رباعية
 
القمة الأخيرة التي ضمت الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والروسي فلاديمير بوتين كان من التفاهمات التي خرجت بها أهمية عقد قمة رباعية: تضم روسيا وتركيا وألمانيا وفرنسا.
 
الطرفان تضغط عليهما ظروف ومتغيرات عديدة للتشبث بمثل هذه القمة، أردوغان يمارس هوايته المعتادة وطبعه المفضل في علاقته مع كل من ألمانيا وروسيا في الشد والجذب والتأزيم وطلب الصداقة، الجانب الروسي عنده ملف العقوبات الأوربية على بلاده وملف الطاقة والوضع في سوريا.
 
وكان  الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أعلن أن تركيا تريد تنظيم قمة في إسطنبول في السابع من سبتمبر مع فرنسا وألمانيا روسيا من أجل بحث المسائل الإقليمية بما فيها النزاع في سوريا، كما نقلت عنه صحيفة حرييت الأحد.
 
وأضاف أردوغان “سنتباحث بما بوسعنا القيام به معا في المنطقة”، دون إعطاء تفاصيل حول القمة أو المواضيع التي ستتناولها.
 
وتابع أردوغان الذي تحدث إلى صحافيين أتراك خلال رحلته إلى جنوب أفريقيا بين 25 و27 يوليو الحالي، أن بلاده تواصل الحوار مع روسيا “خارج هذا الإطار الرباعي”.
 
وكان أردوغان أجرى محادثات الخميس في جوهانسبورج مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين على هامش قمة دول بريكس (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب افريقيا) التي دُعي اليها الرئيس التركي مع قادة آخرين لدول غير أعضاء.
 
وقال أردوغان “سنعقد قمة على حدة في إسطنبول في السابع من سبتمبر مع روسيا وألمانيا وفرنسا وتركيا”، بحسب ما نقلت عنه الصحف التركية. ولم يصدر أي تأكيد على الفور من باريس أو برلين.
 
ومن المتوقع أن يتصدر النزاع في سوريا المستمر منذ سبع سنوات جدول أعمال هذه القمة بينما ترعى روسيا وتركيا وإيران محادثات أستانا التي أدت إلى خفض حدة المعارك، لكنها لم تتح تحقيق تقدم ملموس على المسار السياسي.
 
ومنذ بدأت المفاوضات بشأن سوريا في أستانا مطلع 2017، تركزت في معظمها على محاولات تخفيف حدة المعارك بين قوات النظام السوري المدعومة من روسيا وإيران، وفصائل المعارضة.
 
وكان أردوغان استقبل بوتين في أنقرة في أبريل الماضي وأيضا نظيره الإيراني حسن روحاني.
 
وتابع أردوغان أن الرؤساء الثلاثة سيلتقون قريبا في طهران دون تحديد موعد بحسب صحيفة حرييت.
 
كما من المفترض أن تعقد مفاوضات تقنية حول تسوية النزاع في سوريا يومي الإثنين والثلاثاء في سوتشي بروسيا.
 
زيارة إلى ألمانيا
 
قالت صحيفة بيلد الألمانية في نسختها السبت الماضي، نقلا عن مصادر حكومية في برلين وأنقرة، إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سيقوم بزيارة رسمية إلى ألمانيا ربما في أواخر سبتمبر القادم.
 
وقالت الصحيفة، إن هذه ستكون أول زيارة رسمية لأردوغان إلى ألمانيا منذ عام 2014، والأولى أيضا منذ توليه رئاسة تركيا.
 
وتعكس خطط الزيارة جهودا لإعادة بناء العلاقات بين البلدين بعدما توترت بسبب سلسلة من النزاعات بسبب حملة تركيا الأمنية عقب محاولة الانقلاب في 2016 واعتقال مواطنين وصحفيين من ألمانيا.
 
وتتضمن الزيارة الرسمية استقبالا من جانب الرئيس الألماني وحرس الشرف ومأدبة طعام رسمية.
 
ولم يتسنّ على الفور الحصول على تعليق من الحكومتين.
 
كان وزير الخارجية الألماني السابق زيجمار جابرييل قد قال في يناير الماضي إنه اتفق مع نظيره التركي مولود تشاووش أوغلو على بذل كل جهد ممكن لتحسين العلاقات بين عضوي حلف شمال الأطلسي والشريكين التجاريين.
 
وذكرت الصحيفة الألمانية أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يريد مراسم كبيرة خلال زيارته المزمعة للعاصمة الألمانية برلين في الخريف المقبل.
 
وبحسب معلومات الصحيفة، يريد أردوغان أيضا خلال زيارته الأولى لألمانيا عقب اعادة انتخابه رئيسا للتركيا، التحدث خلال فعالية إلى الجالية التركية.
 
ومن المحتمل أن يقوم أردوغان بالزيارة نهاية سبتمبر المقبل، لكن وبحسب معلومات الصحيفة، لا تزال هناك مفاوضات حول تحديد موعد للزيارة.
 
وكانت العلاقات التركية- الألمانية توترت العام الماضي بسبب القبض على عدد من الألمان في تركيا لأسباب سياسية. ومنذ الإفراج عن الصحفي الألماني-التركي دينيس يوجيل في فبراير الماضي بدأت حدة التوتر في العلاقات تتراجع نسبيا.
 
وخففت وزارة الخارجية الألمانية نسبيا من تحذيرات السفر إلى تركيا التي تُعدّ مقصدا مُحببا لقضاء العطلات لدى الألمان بعد إلغاء حالة الطوارئ هناك، وذلك على الرغم من عدم رضا ألمانيا التام عن ذلك وتخوّفها من قانون مكافحة الإرهاب الجديد.
 
وألغت الخارجية الألمانية سلسلة كبيرة من توجيهات تحذيرية كانت تتعلق بحالة الطوارئ في تركيا.
 
غير أن الوزارة أشارت إلى أنه ما يزال هناك “خطر كبير بالقبض على الأشخاص” داخل تركيا.
 
وقال تقرير لصحيفة “فرانكفورتر ألجماينه” الألمانية إن الحكومة الألمانية تخلت كذلك عن فرض عقوبات أخرى على تركيا، حيث كانت تعتزم عدم منح غطاء مالي لضمان الصادرات إلى تركيا.
 
وكان وزير الخارجية الألماني هايكو ماس قد وصف إنهاء حالة الطوارئ مؤخرا في تركيا بأنها “إشارة مهمة”، إلا أنه حذر في الوقت ذاته من حدوث تمديد لها عبر الأبواب الخلفية.
 
وقال ماس “الدستور الجديد يمنح الحكومة التركية سلطات كبيرة”.
 
وقد أوقفت الحكومة الألمانية الجديدة صادرات الأسلحة لتركيا بالكامل تقريبا خلال الأشهر الأولى من توليها المهام رسميا.

ربما يعجبك أيضا