في ذكراه الثالثة.. “نور وبوسي” مشوار عُمر وحب حتى آخر مشهد

أماني ربيع

أماني ربيع

“الشبه مش تقاطيع وملامح.. إنما تعبير وروح وإحساس.. وأنت ساكن جوه روحي.. بشوف الدنيا بعينيك.. ببتسم بشفايفك.. بتكلم بطريقتك.. بمشي بخطواتك”

 بوسى- حبيبى دائما

3 سنوات مرت على رحيل النجم نور الشريف مثل هذا اليوم، ورغم معرفتنا بمرضه إلا أن الرحيل جاء مفاجئا لنجم تربع في قلوب الملايين بأعمال جريئة وأداء فريد، سواء في السينما أو الدراما التلفزيونية، ورغم مشواره السينمائي الحافل، إلا أنه لا أحد يذكر نور الشريف دون أن يقرنه باسم رفيقة عمره “بوسي” وقصتهما الرومانسية الاستتثنائية رغم المطبات التي صادفتها أحيانا، والتي نسترجعها اليوم وكأننا نضع وردة حمراء ندية تبعث الحب إلى روح فنان جميل أمتعنا..

في السراء والضراء كما يقولها الغرب في عهود الزواج، و”ع الحلوة والمرة” كما نقولها نحن بالبلدي، كلمات تلخص مشوار الحب والفن الذي جمع الراحل نور الشريف بالجميلة بوسي.

“أول عنية ما جت في عنيه”، قصتهم أشبه بسيناريو سينمائي البنت الحلوة صافيناز مصطفى قدري التي خطفت قلب شاب صغير لا يزال في بداياته الفنية رأس ماله موهبته واسمه محمد جابر.

أول لُقا

اللقاء الأول كان أمام ستوديو برنامج “جنة الأطفال” بالتليفزيون المصري عام 1967، رأى نور بوسي لأول مرة صغيرة وجميلة عمرها 14 سنة خطفت قلبه من النظرة الأولى رغم سنها الصغيرة لكن قلبه قال له:”هي دي اللي بحبها وهتجوزها”، وينتهي اللقاء بدون أن يتبادلا كلمة واحدة.

دارت الأيام، ويجلس بعض الفنانين والفنانات في انتظار بروفات إحدى حلقات مسلسل “عادات وتقاليد”، بين الجالسين الفتى نور الشريف والفتاة الجميلة بوسي، يتطلع إليها بعينين فيها الكثير من الثقة والحب، تبادله النظرات على استحياء، لتشتعل الشرارة.

يتجدد اللقاء في بروفات الدراما الاجتماعية “عادات وتقاليد” الذي تنتبه فيه الساحرة الصغيرة بوسي لنظرات الشاب الولهان نور وتبادله المشاعر على استحياء من بعيد لبعيد.

بداية نار الحب جاءت حين وقف الشاب العشريني أمام المراهقة التي لا زالت في الصف الثالث الإعدادي وجهاً لوجه أمام الكاميرا في حلقة “طعم الحياة” من مسلسل “القاهرة والناس” للمخرج محمد فاضل.

انتهز نور الفرصة ليخرج من مرحلة النظرات إلى المصارحة وهو ما قام به بالفعل ليجد استجابة من الحبيبة الجميلة التي غرقت في حبه بعد أن تعرفت إليه عن قرب.

صغيرة على الحب

كانت أسرة بوسي تراها “صغيرة على الحب” ورفضت هذا العشق، تقول بوسي في أحد حوارتها: “أحببته بكل أحاسيسي ومشاعري وأنا في الصف الثالث الإعدادي، وعمري لا يتخطى 15 عاما، وكنت لا أستطيع أن أبوح بحبي لأنني كنت صغيرة”.

الطريق إلى مشهد الزواج لم يكن سهلا، لكن بوسي رغم صغر سنها تمسكت بحبيبها الذي لا يزال في بداياته الفنية ولم ترتسم ملامح مستقبله بعد، وما بين شد وجذب تعلق قصة الحب 4 سنوات كاملة في حوارات وخناقات ومحاولات انتحار لينتصر الحب في النهاية وتوافق الأسرة على زواج نور وبوسي ليتم الزفاف عام 1972 ويتحول الثنائي إلى حدوتة جميلة.

تقول بوسي: “أهم أيام حياتي هو 22 أغسطس 1972، حين جلست أمام المأذون وسألني هل تقبلين محمد جابر، زوجا؟، كنت عايزة أقول موافقة جدا لكني اكتفيت بهز رأسي في خجل”.

لم تنجرف بوسي وراء النجومية بل تورات عن الأنظار لفترة التزمت فيها بتربية ابنتيها، معتبرة أن الأمومة تستحق التنازل عن بعض النجومية.

حبيبي دائما

في عام 1980 تجمعهما الكاميرا مجددا في أحد أشهر كلاسيكيات الرومانسية في السينما المصرية “حبيبي دائما”، وكانت هذه الفترة فترة توهج النجومية لدى نور وبوسي.

في أحد المشاهد الذي يبدو وكأنه لحظة واقعية تجمع الحبيبين تجلس بوسي -فريدة- أمام حبيبها تعانق ملامحه بعينيها في عشق وتقول: “أقولك حاجة غريبة؟ تصور إن فيه ممرضة في المستشفى اكتشفت إننا نشبه بعض”.

يرد نور -إبراهيم- معقول! بقى أنا حلو و مسمسم كده؟

فتقوله فريدة: الشبه مش تقاطيع وملامح.. إنما تعبير وروح وإحساس.. وأنت ساكن جوه روحي.. بشوف الدنيا بعينيك.. ببتسم بشفايفك.. بتكلم بطريقتك.. بمشي بخطواتك.

يبتسم إبراهيم: وبعدين.. هتخليني أتغر.

فترد فريدة: اتغر أوي يا حبيبي عشان نبقى زي بعض.. أنا كمان مغرورة أوي.

لكن إبراهيم مبيحبش المغرورين، إلا أن فريدة تغلبه بمنطق المحبين لما ترد وتقول: “أنا مغرورة بيك.. مش عليك”.

لم يكن “حبيبي دائما” العمل الوحيد الذي جمع بينهما، فقد اشترك الثنائي في 10 أعمال فنية منها: “الضحايا، بدون زواج أفضل، كروانة، قطة على نار، لعبة الانتقام، ليالي لن تعود، آخر الرجال المحترمين، حبيبي دائما” وكان أخر تعاون في فيلم العاشقان.

الطلاق

وبالرغم من مشوار الحب الطويل استطاعت الشروخ أن تطال البرواز الجميل ونجحت الخلافات في أن تجد طريقا لهدم زواج عمره 34 عاما، عندما ترددت شائعات عن علاقة جمعت نور بفنانة شابة اسمها ساندي، ورغم نفي نور للأمر إلا أن بوسي فاجأت الجميع بالرحيل عن منزل الزوجية لتنتهي القصة الجميلة في جلسة ثانية أمام المأذون، ويحل خبر انفصال ثنائي برائحة الزمن الجميل في 26 فبراير 2006 كالصدمة على محبيهما.

الطلاق لم يلغ الود بين نور وبوسي وتحول الحب إلى صداقة واحترام، وكان نور يقول دائما: “بوسي هي حب حياتي لم تكن مجرد زوجة أو حبيبة بل صديقة عمري وأجمل ما في حياتي”. 

وفي أكثر من مناسبة كان نور يؤكد أن “الطلاق من بوسي مجرد فترة استراحة، ولا يعلم الغيب إلا الله”.

قصة لا تنتهي

ويبدو أن الحب الكبير لم يتأثر بالغياب والانفصال فكانت الروح دائما ما تتلاقى، وكان نور يغضب من شائعات ارتباطه أو ارتباط بوسي بشخص آخر، مؤكدا أنه لن يتزوج غير بوسي وسيظل مخلصا لحبها حتى النهاية.

وبالفعل لم يكن الانفصال سوى فصلا من قصة حب نور وبوسي التي شهدت بداية جديدة في جلسة ثالثة أمام المأذون تدشن عودة العاشقان في ديسمبر 2014.

وتنتشر صورة على مواقع التواصل لبوسي ونور شابت فيها الملامح، لكن يظل الحب كما هو لم يتغير وضحكة الحب جوة العين نفس حضن �حبيبي دائما� بنفس الشغف والحنية رغم مرور الوقت وكبر السن لأن الانفصال لم يستطع أن يغير ما في القلب.

بوسي لم تترك رفيق عمرها في محنة مرضه ظلت في ظهره سنده وقوته والكف الذي يطبطب على وجعه.

المشهد الأخير كان بحاجة لتصفيق طويل يليق بمشوار نجم بحجم موهبة نور الشريف عندما وقف في مهرجان الإسكندرية بعد رجوعه من أزمة مرضه، حيث كرمه محبوه وزملاوه من المخرجين والممثلين واستقبلهم هو بدموع من القلب لخصت مشوارا طويلا من الفن والتعب والحب.

ولأن الحكاية بدأت باثنين لم يكن يليق أن تنتهي بواحد فقط، وحتى لو كانت العودة مجرد باب للوداع، كان يجب أن يظلا سويا لتكتمل الحدوتة في أحضان الحبايب وكما ماتت فريدة في أحضان إبراهيم، تنتهي حياة نور بين يدي بوسي..

تحتضنه حبيبة العمر ودمعة ساخنة تحرق قلبها قبل عينيها وتتذكر:

– احنا فين؟ احنا تُهنا .. 
*يا ريت نفضل كده تايهين 
– تايهين!
* بحلم بجزيرة في وسط البحر بعيد عن الناس.. احنا بس اللي فيها، ما فيهاش حساب للوقت ولا للسنين، نصحى مع الشمس ونام في حضن القمر
– انتى بتحلمي بالجنة
* في إيه أجمل من الأحلام؟
– إننا نحققها 
* أنا بحلم بالجنة وأنت بتحلم بالمستحيل 
– الحب ما فيهوش مستحيل.. بيتنا هيكون جنة الجزيرة اللي بتحلمي بيها
*فين المطبخ؟
– عايزة تفهميني إنك ست بيت وبتعرفي تطبخي؟
* مش بتقول الحب مافيهوش مستحيل 
– هنا الصالون 
* احنا مش اتفقنا نبعد عن الناس!
– اللي عرفوا الحب مش هنخاف منهم 
* واللي ماعرفهوش؟
– يجوا يتعلموه مننا.
تنظر إليه نظرة أخيرة وتقول: “نور أنت حبيبي دائما”.

ربما يعجبك أيضا