الضفة الغربية تتحول إلى سوق لإنتاج الحشيش.. كيف ولماذا؟!

محمود

رؤية – محمد عبد الكريم
 
القدس المحتلة – يعكس تسجيل الإدارة العامة لمكافحة المخدرات في الشرطة الفلسطينية لـ 235 قضية بين حيازة وتعاطي وزراعة مخدرات، خلال 40 يومًا فقط، عمق كارثة مستجدة على المجتمع الفلسطيني متمثلة في وباء الحشيش أو المخدرات، فلماذا الآن هذه الظاهرة وما أسبابها.
 
وفي الأسبوع الأخير ضبطت الشرطة الفلسطينية في الخليل جنوب الضفة الغربية مشتلا للحشيش يحوي على 11 ألف شتلة مكتملة النمو، إضافة إلى ضبط 4 مشاتل في محافظة جنين، خلال أسبوع واحد فقط.
 
وأنجزت إدارة مكافحة المخدرات خلال عام 2017، 1624 قضية بين حيازة وتعاطٍ وزراعة، وتم توقيف 1921 شخصا على ذمة هذه القضايا منهم 26 أنثى، فيما أنجزت عام 2016، 1437 قضية وتم توقيف 1754 شخصًا منهم 22 أنثى.
 
ما هي علاقة مصر بالأمر؟
 
فبعد نجاح مصر في إغلاق وتأمين حدودها مع قطاع غزة، وتوقف عمليات تهريب الحشيشة التي كانت تزرع في سيناء إلى إسرائيل وفلسطين، تحولت الضفة الغربية إلى أكبر سوق لإنتاج وتصنيع الحشيشة لتغطية احتياجات السوق الفلسطينية والإسرائيلية على حد سواء، حيث تحول الإجراءات المشددة وقساوة الأحكام التي تتخذها السلطات الإسرائيلية بحق من يتورطوا في زراعة المخدرات دون انتشار زراعة المخدرات في مناطق الخط الأخضر.
 
الفراغ الأمني بالضفة الغربية المحتلة
 
استعاض كبار التجار الإسرائيليين عن ذلك بزراعتها في أراضي الضفة في المناطق الأكثر أمناً لهم والقريبة من الخط الأخضر في شمال وجنوب الضفة الغربية، مستفيدين من سهولة نقلها إلى إسرائيل وإلى فلسطين بسبب غياب الحدود الضابطة، كذلك مستفيدين من ضعف إجراءات الملاحقة القضائية الفلسطينية للفاعلين رغم إقرار قانون متشدد لمكافحة المخدرات إلا أن النتائج جاءت معاكسة وتزداد المخدرات انتشاراً.
 
إن غالبية الأشخاص الذي يلقى القبض عليهم في عمليات مداهمة المنابت هم في الغالب أقرب إلى المستخدمين ولا يشكلون رأس صناعة وتجارة المخدرات، وهذا يفسر استمرار زراعة مستنبتات الحشيش رغم الكشف اليومي عنها دون أي تراجع في حجم زراعتها.
 
ويقول نائب مدير إدارة مكافحة المخدرات العقيد عبد الله عليوي، إن أسباب انتشار المخدرات تعود إلى عدة أسباب، أهمها انعدام السيطرة الأمنية الفلسطينية على الحدود والمعابر بسبب الاحتلال، مضيفا: نتيجة وجودنا تحت الاحتلال كل المواد المخدرة التي يتم استنباتها وزراعتها وصناعتها في مناطق السلطة هناك أطراف إسرائيلية تقف وراءها، حيث عملت على ترحيل جريمة المخدرات من إسرائيل للضفة الغربية.
 
ويؤكد عليوي أن دولة الاحتلال مسؤولة في هذا الإطار مسؤولية أخلاقية وقانونية وإنسانية، كونها لا تلاحق الممولين لعمليات زراعة واستنبات المواد المخدرة خاصة خلال السنوات الأخيرة.
 
وأضاف “هناك نشاط محموم لهؤلاء التجار كونهم يتمتعون بقدرات عالية في التشبيك والعمل بالمناطق المصنفة “ب”، و”ج” التي يعتقدون أنها ملاذ آمن لعدم قدرة الأمن الفلسطيني على التحرك فيها وملاحقة هؤلاء الناس، وبالتالي نلاحظ أغلب التغطيات في المناطق تلك خاصة موضوع الاستنبات، إسرائيل وراء ذلك، لكن الحاضن لهذه العمليات هو مواطنون فلسطينيون”.
 
“من خلال التحقيقات التي جرت مع معتقلين سابقين، تبين أن الدافع المادي فقط وراء زراعة المخدرات، ويتم إيهامهم بعدم بيعها بسوق الضفة”، يشير عليوي.
 
وفيما يتعلق بموضوع التعاطي، يوضح عليوي أن تعاطي المخدرات قبل سبع سنوات كان شبه معدوم في مناطق الريف الفلسطيني، إلا أنها تشهد في هذا الوقت ارتفاعا متناميا، مشيرا إلى أن التعاطي بات متقاربا في كافة التجمعات السكانية المدن والمخيمات والريف والتجمعات البدوية.

ويشير إلى أن مناطق تجارة وترويج المخدرات تنشط في المناطق المصنفة “ب”، “ج” وفق اتفاقية أوسلو، والواقع أغلبها في مناطق الريف الفلسطيني، مشيرا إلى أن التجار والمروجين يعتقدون أنهم في ملاذ آمن في تلك المناطق لاستنبات وزراعة وممارسة جريمة المخدرات، لاعتقادهم أن المؤسسة الامنية الفلسطينية غير قادرة على الوصول لتلك المناطق، إلا أن ظنونهم خابت بفضل الجهود الأمنية المبذولة.
 
ضعف التشريعات والقوانين
 

وتتسم الإجراءات القانونية لملاحقة مالكي صناعة المخدرات بالضعف لأسباب عدة أبرزها: التنافس الشديد بين الأجهزة في الكشف عن هذه المنابت، وسرعة الإعلان عن ضبط هذه المستنبتات قبل قيام الجهات المختصة بدورها الفعلي في التحقيق مما يضعف عمليات التحري وذلك طمعاً في حصول المكتشفين على ترقيات.
إضافة إلى الحماية التي توفرها أوسلو للمتورطين من حملة الهوية الإسرائيلية وعدم القدرة على ملاحقتهم أمام المحاكم الفلسطينية ورفض النيابة الإسرائيلية الاعتماد على الملفات التحقيقية التحقيقية الفلسطينية فسلطة الشرطة في القانون الفلسطيني بينما الشرطة الإسرائيلية هي سلطة استدلال وتحقيق توثق كل خطواتها وبالتالي لا تصلح إجراءات الشرطة الفلسطينية للاعتماد عليها في تحقيقات الشرطة الفلسطينية عدا عن أن أجهزة أخرى تنافس الشرطة في عملها ولا خبرة لها في ضبط المخدرات وغالبا ما تكتفي بالحد الأدنى من تغطية النيابة لإجراءاتها.

 

الشركاء الفلسطينيون في عملية صنع وإنتاج المخدرات بغض النظر عن ماهيتهم، لا يتعدى دور غالبيتهم دور الوسطاء والوكلاء في الإنتاج والتوزيع، ويحمل غالبيتهم بطاقات إسرائيلية تحميهم لو ألقي القبض عليهم من قبل الشرطة الفلسطينية بموجب اتفاق أوسلو.
وبهذا بقيت صناعة المخدرات مزدهرة بل وتزداد ازدهاراً في بيئة زراعية خصبة وقانونية وسياسية ضعيفة، والخسارة التي يتلقاها المنتجون الحقيقيون نتيجة الملاحقة الفلسطينية واكتشاف المستنبتتات واعتقال المزارعين لا تتعدى بغالبها ثمن البذور وتكاليف الزراعة، فضررهم من اكتشاف المستنبتاب غير مؤلم، ويحاولون تدارك ذلك من خلال البحث عبر الوكلاء عن مستخدمين جدد، وابتكار وسائل زراعة جديدة سواء في البراري أو في داخل المباني كما يتضح من المستنبتات التي يتم الكشف عن بعضها.

 
ويقول العقيد لؤي أرزيقات الناطق باسم الشرطة الفلسطينية:” نحن أمام هجمة اسرائيلية واضحة من خلال تجار من الإسرائيليين ومن عرب الداخل يقومون بعملية التمويل المشبوهة وعرض إغراءات على أصحاب الأراضي لزراعة هذه المادة المحظورة من الحشيش والمارغوانا، ويتم الكشف عن هذه الأماكن والمستنبتات بالتعاون بين الشرطة وكافة الأجهزة الأمنية وفي الدرجة الأولى تعاون المواطن الفلسطيني الذي يقوم بالإخبار عنها للجهات المختصة والتي تقوم بدورها بمتابعة الأمر والقاء القبض على كل أطراف القضية، حيث يتبين أن الممولين لهذه المستنبتات هم من الإسرائيليين وبعض تجار مرضى النفوس من الداخل.
 
ويضيف:” هناك قانون جديد تم إقراره وتوقيعه من الرئيس سيحد من هذه الظاهرة الخطيرة وستكون العقوبة رادعة ، فهؤلاء هدفهم تخريب المجتمع الفلسطيني، وهدم جيل بأكمله”.
 
وكشفت دراسة أعدت العام الماضي 2017،  أن 1.8% (بمجموع 26500) من الذكور فوق سن الـ15 يتعاطون المخدرات بشكل خطر في فلسطين.
 
وأضافت الدراسة التي أعدها معهد الصحة العامة بالتعاون مع وزارة الصحة أن 16453 مواطناً يتعاطون المخدرات في الضفة الغربية، حيث يعد الحشيش والماريجوانا أكثر نوعين مستخدمين في التعاطي عندهم، فيما سجل 10047 متعاطياً في قطاع غزة، وقد كان الترامادول والليريكا من أكثر الانواع المستخدمة في التعاطي.
 
وأشارت الدراسة إلى أن حوالي 80% من الأشخاص الذين يتعاطون المخدرات بشكل خطر في شمال وجنوب الضفة الغربية وغزة لديهم علاقات جنسية مع أكثر من شريك واحد، أما وسط الضفة الغربية فحوالي 50% منهم لديهم علاقات جنسية مع خمسة أشخاص.
 
وبينت أن هناك 1118 شخصا من أصل 26500 يتعاطون المخدرات بالحقن، 61% منهم من شمال الضفة الغربية و20% منهم من وسط الضفة الغربية بدأوا بالتعاطي تحت سن ال 18 سنة.
 
وأشارت الدراسة إلى أن 94% من الأشخاص الذين يتعاطون المخدرات بشكل خطر يدخنون السجائر أو الأرجيلة، و52% منهم في الضفة و3% منهم في غزة شربوا الكحول على الأقل مرة واحدة.
 
حوالي 50% من اللذين يتعاطون المخدرات بشكل خطر يستخدمون أكثر من نوع مخدرات، ومعظمهم لا يلجأوا للعلاج من المخدرات التي لا تؤخذ بالحقن.

ربما يعجبك أيضا