البطل أحمد عبدالعزيز.. شجاعة رسمت للفدائيين طريق التضحيات

عاطف عبداللطيف

رؤية – عاطف عبد اللطيف

ولد القائمقام والبطل المصري أحمد عبدالعزيز -والذي أطلق اسمه على أحد أهم الشوارع بمحافظة الجيزة- في 29 يوليو 1907 بمدينة الخرطوم بالسودان، حيث كان والده الأميرلاي (محمد عبدالعزيز) قائدًا للكتيبة الثامنة في مهمة عسكرية بالسودان وقتها.

عرفت عنه وطنيته الجارفة منذ نعومه أظفاره، واشترك في الثانية عشرة من عمره في ثورة 1919 وكان لا يزال طالبًا بالمرحلة الثانوية.

وفي عام 1923 دخل السجن بتهمة قتل ضابط إنجليزي، ثم أفرج عنه وتم إبعاده إلى مدينة المنصورة.

التحق أحمد عبدالعزيز بالمدرسة الحربية، وكان ضابطًا مرموقًا بسلاح الفرسان، كما التحق أيضًا بسلاح الطيران، وكان واحدًا من ألمع الطيارين المصريين.

وحينما صدر قرار تقسيم فلسطين عام 1947 كان البطل (أحمد عبدالعزيز)، أول ضابط مصري يطلب بنفسه إحالته للاستيداع، ليكون فرقة من المتطوعين الفدائيين لإنقاذ فلسطين من أيدي الصهاينة.

برغم صغر حجم قواته، وانخفاض مستواها من حيث التسليح والتدريب مقارنةً باليهود، إلا أن البطل اقتحم بهم أرض فلسطين، ودارت بين الجانبين معارك حامية بدايةً من دخول البطل والفدائيين المصريين مدينة العريش، مرورًا بمعركة خان يونس.

حققت قوات الفدائيين بقيادة الضابط المصري أحمد عبدالعزيز انتصارات مذهلة على الصهاينة، فقطعت الكثير من خطوط اتصالاتهم وإمداداتهم، وساهمت في الحفاظ على مساحات واسعة من أرض فلسطين، ودخلت مدينة القدس الشريفة ورفعت العلم الفلسطيني والعلم المصري جنبًا إلى جنب.

وأعادت رسم الخرائط العسكرية للمواقع في ضوء الوجود اليهودي، مما سهل من مهمة القوات النظامية العربية التي دخلت فيما بعد في حرب 1948.

كان أحمد عبدالعزيز يعارض بشدة دخول الجيش المصري الحرب، على أساس أن قتال اليهود يجب أن تقوم به كتائب الفدائيين والمتطوعين، لأن دخول الجيوش النظامية يعطي اليهود فرصة كبرى في إعلان أنفسهم كدولة ذات قوة تدفع بالجيوش العربية إلى مواجهتها.

إلا أن معارضته لم تمنعه من القتال جنبًا إلى جنب مع الجيوش النظامية، حيث تقدم بنفسه يوم 16 مايو 1948 إلى مقر القيادة المصرية وقدم للقائد العام كل ما لديه من معلومات عن العدو، فأعاد رسم الخرائط العسكرية للمواقع في ضوء الوجود اليهودي، مما سهل من مهمة القوات النظامية العربية التي دخلت فيما بعد في حرب 1948.

بعدما قبل العرب الهدنة في عام 1948، نشط اليهود في جمع الذخيرة والأموال وقاموا باحتلال قرية العسلوج التي كانت مستودع الذخيرة الذي يمون المنطقة، احتلالها كان يعني قطع مواصلات الجيش المصري في الجهة الشرقية ومع فشل محاولات الجيش المصري في استرداد هذه القرية استنجدوا بالبطل أحمد عبدالعزيز وقواته، التي تمكنت من دخول القرية والاستيلاء عليها.

وحينما حاول اليهود احتلال مرتفعات جبل المكبر المطل على القدس، وكان هذا المرتفع أحد حلقات الدفاع التي تتولاها قوات أحمد عبدالعزيز المرابطة في قرية صور باهر، وقامت هذه القوات برد اليهود على أدبارهم وكبدتهم خسائر كثيرة، واضطرتهم إلى الهرب واللجوء إلى المناطق التي يتواجد فيها مراقبو الهدنة.

استشهد عن طريق الخطأ برصاص مصري، عندما كان في طريقه بصحبة اليوزباشي صلاح سالم إلى مقر القيادة المصرية في المجدل ليلة 22 أغسطس 1948م، ووصل بالقرب من مواقع الجيش المصري في الفالوجة، أطلق أحد الحراس (واسمه العريف بكر الصعيدي) النار على سيارة الجيب التي كان يستقلها أحمد عبدالعزيز، بعد اشتباهه في أمرها، فأصابت الرصاصة صدر القائد البطل الذي ما لبث بعدها أن لفظ أنفاسه الأخيرة، وأسلم الروح شهيدًا سعيدًا.

تم نقل جثمانه إلى بيت لحم حيث دفن في مقبرة قبة راحيل شمال المدينة، حيث أقيم نصب تذكاري له، عرفانًا بما قدم على أرض فلسطين وشاهدًا على جهاده ونضاله المشرف.

ربما يعجبك أيضا