أوروبا مليئة بجواسيس إيران

جاسم محمد
رؤية ـ جاسم محمد

كشف تقرير صادر عن وزارة الداخلية الألمانية يوم 17 يونيو 2017، عن نشاط كبير للمخابرات الإيرانية فى ألمانيا، واستند التقرير إلى تقديرات صادرة عن وكالة الاستخبارات الوطنية الألمانية BND وضعت النشاط المخابراتي الإيراني في ألمانيا كثاني أكبر وأنشط نشاط مخابراتي في البلاد بعد روسيا. وجاء في تقرير الداخلية الألمانية أن إيران تنفذ عملياتها الاستخبارية التجسسية على الأراضي الألمانية من خلال شبكات عملاء سريين.
المعلومات  المسربة من داخل إيران ومؤسساتها الرسمية  كشفت تفاصيل عمل وزارة المخابرات وقوات الحرس الثوري ووزارة الخارجية عن هيكل الجهاز الإيراني المكلف بالعمليات الإرهابية الخارجية الإيرانية ومسؤوليه وخاصة في أوروبا التي تحتل محطات فيينا وبون وباريس خلال شهر أوغست 2018 وهي التي تولت التخطيط لعملية تفجير المؤتمر العام للمعارضة الإيرانية في الخارج المنعقد في باريس نهاية يونيو 2018.
تحقيقات أجهزة الاستخبارات الأوروبية : برلين وباريس وبروكسل، أثبتت بإن “أسدي ” هو المسؤول عن محطة وزارة المخابرات الإيرانية في فيينا وأنه شغل هذا المنصب منذ يونيو حزيران 2014 ويقوم بتنسيق أنشطة جميع محطات المخابرات الإيرانية في أوروبا حيث إنه يشغل المنصب الأكثر أهمية لوزارة المخابرات الإيرانية في أوروبا.
وأكد وزير خارجية المعارضة الإيرانية، ورئيس لجنة العلاقات الخارجية في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، محمد محدثين، أن المسؤول عن الجهاز الإيراني المكلف بالعمليات الإرهابية الخارجية هو القنصل الثالث في سفارة النظام الإيراني في فيينا أسد الله أسدي، وقد اعتقل في  الأول من يوليو  2018 في مدينة “أشافنبورغ” الألمانية بناء على مذكرة اعتقال أوروبية.
كشف تقرير استخباراتي ألماني أن إيران سعت للحصول على مكونات لبرنامجها الصاروخي من ألمانيا بشكل غير مشروع، ضمن محاولات مستمرة لتعزيز قدراتها الصاروخية في وقت يغلي فيه الشعب من الفقر والأزمة الاقتصادية.  وذكر التقرير، الذي يغطي عام 2017، أنه فيما يتعلق بالجهود الإيرانية (..) غير القانونية للحصول على تكنولوجيا الصواريخ ، “في الغالبية العظمى من عدد الحالات ، لم يحدث أي تسليم لبضائع معينة”.  ووفقا لتقرير شمال الراين- وستفاليا الالمانية، يوجد 105 أعضاء في ميليشيا حزب الله  في ألمانيا، حيث يقومون بجمع الأموال وتجنيد أعضاء جدد، فيما سجل تقرير المخابرات “زيادة” في مؤيدي حزب الله في الولاية مقارنة بالأعوام السابقة.
قالت وكالة الاستخبارات الداخلية الألمانية في تقريرها السنوي إن إيران زادت قدراتها الهجومية الإلكترونية وإنها تمثل خطرا على الشركات والمؤسسات البحثية الألمانية. وتحدث التقرير، الذي أعلنه وزير الداخلية هورست زيهوفر ووكالة  الاستخبارات الداخلية، عن هجمات إلكترونية متزايدة مصدرها إيران منذ عام 2014  وقال إنه تم رصد الكثير من مثل هذه الهجمات على أهداف ألمانية في عام 2017 . وقال تقرير الاستخبارات الجديد إن هجمات إلكترونية يعتقد انها لصالح ايران،استهدفت بشكل أساسي الحكومة الألمانية والمعارضين ومنظمات لحقوق الإنسان ومراكز أبحاث وصناعات الطيران والدفاع والبتروكيماويات.
النمسا هي المحطة المركزية للمخابرات الإيرانية في أوروبا

أما تقرير للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية ومقره باريس، فقد اشار يوم 19 يونيو 2018 إلى أن محطة المخابرات في سفارة النظام الإيراني في النمسا هي المحطة المركزية لوزارة المخابرات الإيرانية في أوروبا. موضحًا أنه قبل عام 1999 كانت سفارة النظام الإيراني في بون هي المحطة المركزية لوزارة المخابرات في أوروبا، لكن النظام اضطر إلى وقف نشاطاتها كمقر مركزي لمخابراته بأ وروبا لسنوات عديدة ثم اختار النمسا مقرا بديلا في أوروبا.
وفي هذا السياق، اكدت صحيفة “دي برسه” النمساوية عام 2013 أن فيينا أصبحت مليئة بجواسيس إيران وبعض هؤلاء إيرانيون والآخرون مواطنون من دول أخرى. وكانت مكتبة الأبحاث في الكونغرس الأمريكي قد أعلنت في وقت سابق أن عدد الجواسيس الإيرانيين فقط في النمسا تجاوز الـ 100عميل. بدون شك عدد عملاء إيران قد زاد كثيرا مابعد ذلك، نتيجة مشاكلها السياسية والأمنية مع المجتمع الدولي.
قامت المحكمة العليا في برلين خلال شهر يناير 2018 بسجن المواطن الباكستاني حيدر مصطفى النقفي لمدة اربع سنوات وثلاث أشهر بعد ثبوت قيامه بالتجسس لصالح إيران وتكليفه بمراقبة أشخاص ألمان، وأجانب تابعين لحلف شمال الأطلسي. عمليات التجسس الإيرانية دفعت وزارة خارجية ألمانيا إلى استدعاء السفير الإيراني في برلين، وأبلغته رفض الانشطة التجسسية ضد أشخاص مؤيدين لإسرائيل في ألمانيا.
“منظمة الاستخبارات الخارجية والحركات”

واتضح أن محطات المخابرات في السفارات الإيرانية في الدول الأجنبية تتبع إلى “منظمة الاستخبارات الخارجية والحركات” في وزارة المخابرات الإيرانية. ويقع فرع هذه المنظمة في وزارة الخارجية بطهران ويشار إليها باسم “المديرية العامة المعروفة باسم””الإدارة العامة لدراسة التقارير” ومحطات المخابرات في سفارات النظام في الخارج على اتصال مع هذه الإدارة العامة.
ويعرف مكتب التقارير هذا أيضًا باسم (الرمز 210) ورمز نظام الفجر “نظام اتصالات الكمبيوتر” هو 170 ورمز التراسل هو 210. ولهذه الإدارة مكتبان وقسم يسمى التحقيق مع الإيرانيين خارج البلاد وكل من هذين المكتبين مسؤول عن عدد من البلدان. ويتم إرسال نسخ من جميع التقارير السياسية التي تعدها وزارة الخارجية إلى الإدارة العامة بوزارة المخابرات حيث تركزهذه المديرية على خطط وزارة المخابرات ضد منظمة مجاهدي خلق بالتعاون مع المديرية العامة المسماة “الالتقاط” في وزارة المخابرات.
النتائج

تنشط إيران استخباريا، خاصة في أوروبا ودول الغرب أيضا، محاولة منها للخروج أو لتخفيف نظام المراقبة والعقوبات. وفي الأنظمة الشمولية لدول المنطقة، أصبح واضحا، أنها تستخدم سفاراتها وبعثاتها الدبلوماسية في الخارج، غطاء لأنشطة أجهزة استخباراتها، بتأمين محطات التجسس. وتستفيد إيران كثيرا من حق الحصانة الدبلوماسية في طبيعة عملها الاستخباري. لكن في ذات الوقت إيران تنشط استخباريا من خلال واجهات عديدة تعمل في الخارج (يمكن تسميتها أغطية غير شرعية)، أبرزها الشركات التجارية، الاستيراد والتصدير وشركات الصيرفة والسياحة، من أجل عقد الصفقات، للحصول على قطع الغيار المحظورة ضد برامجها النووي وبرنامج الصواريخ البالستية، مقابل تحقيق صفقات سرية لتصدير النفط.
 

ملف تورط إيران بعمليات تجسس في الخارج أيضا، كشف اعتمادها على أفراد من غير جنسيتها خاصة من دول آسيا، للقيام بأعمال تجسسية لصالحها، بينها استهداف الجماعات المعارضة الإيرانية في الخارج، والبعض الآخر استهداف شخصيات بعينها، وتنفيذ اغتيالات. وتعتمد إيران أيضا بشكل كبير على حزب الله اللبناني، في أوروبا، من أجل جمع الأموال والمعلومات.
تواجه إيران في الوقت الحاضر، أزمة بتمويل سفاراتها والعاملين فيها بسبب الأزمة المالية التي تعيشها. وهذ ما يرجح أن تقوم إيران بكل ما بوسعها للحصول على العملة الصعبة، لتأمين احتياجاتها. عادة الدول والأنظمة الشمولية تطلب من أجهزة استخباراتها وضع “هدف” الحصول على العملة الصعبة، جزء جديد من خريطة أهداف محطاتها الاستخبارية، باعتبارها مرتبطة بالأمن القومي.
الخلاصة

ما ينبغي على دول أوروبا والغرب هو تحديد عدد طاقم السفارات الإيرانية في الخارح، وهذا يعني أن أهداف الاستخبارات الإيرانية في الوقت الحاضر سيكون مركز على الجانب الاقتصادي، أكثر من الجوانب السياسية. ولغرض تحديد نشاطات الاستخبارات الخارجية الإيرانية في الخارج، يتطلب من دول أوروبا والغرب، فرض قيود مشددة على كادر سفارات إيران في الخارج، وعلى تحركاتهم عندما تكون مرتبطة بأنشطة غير شرعية تتنافى مع القواعد الدبلومسية الطبيعية.
 

ربما يعجبك أيضا