أوروبا تتخلى عن إيران.. وطأة العقوبات الأمريكية لن يتحملها أحد!

حسام عيد – محلل اقتصادي

في الوقت الذي تبحث فيه إيران عن منفذ للالتفاف على العقوبات الأمريكية، يبدو أن آمالها قد خابت من رد الفعل الأوروبي في هذا الشأن.

وقد أعلن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أن الدول الأوروبية لم تظهر بعد مدى استعدادها لدفع ثمن تحديها لواشنطن لإنقاذ الاتفاق النووي.

يأتي ذلك فيما تواصل الشركات الأوروبية سحب استثماراتها ومشاريعها من إيران.

العقوبات الأمريكية.. فاعلية أكثر من المتوقع

“العقوبات التي أعادت الولايات المتحدة فرضها على إيران أكثر فاعلية مما كان متوقعًا”، هكذا كان رأي مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون في تعليقه على الحزمة الأولى من العقوبات الأمريكية على إيران.

بولتون قال خلال مقابلة مع “رويترز”، إن إعادة فرض العقوبات لها تأثير كبير بالفعل على اقتصاد إيران وعلى الرأي العام داخل إيران.

ويعاني الاقتصاد الإيراني من ارتفاع معدل البطالة والتضخم إضافة إلى خسارة الريال نصف قيمته منذ أبريل. وزادت إعادة فرض العقوبات الأمر سوءا.

وتسعى قوى أوروبية لضمان حصول إيران على منافع اقتصادية كافية لإقناعها بالبقاء في الاتفاق. وثبت مدى صعوبة ذلك بسبب قلق شركات أوروبية كثيرة من العقوبات الأمريكية واسعة النطاق.

وقال بولتون “نتوقع أن يرى الأوروبيون، كما ترى الشركات في كل أنحاء أوروبا، أن الاختيار بين إجراء معاملات مع إيران وإجراء معاملات مع الولايات المتحدة واضح جدا لهم”.

وأضاف “لذا سنرى إلى ماذا ستؤول الأمور في نوفمبر. لكن الرئيس (ترامب) جعل الأمر واضحا جدا … أنه يريد ممارسة أقصى ضغط على إيران… وهذا هو ما يحدث”.

أوروبا.. خطوة للوراء

خطوة للوراء تتراجع أوروبا في مواجهة العقوبات الأمريكية على إيران، هكذا انتقد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف تردد أوروبا في التخفيف من وطأة العقوبات.

وأضاف وزير الخارجية الإيراني بأن الأوروبيين أعلنوا عن موقفهم فقط لمواجهة عقوبات واشنطن على طهران دون اتخاذ أي إجراءات عملية.

وطالب ظريف الدول الأوروبية دفع ثمن أمنها عبر الاستثمار مع إيران خلال الأشهر المقبلة.

تراجع أوروبا عن موقفها جاء بعد أن هددت الولايات المتحدة بفرض عقوبات على الشركات التي لن تلتزم بالعقوبات الأمريكية على طهران.

انسحاب توتال

وعلى الرغم من التعهد الأوروبي بالاستمرار في منح طهران الامتيازات الاقتصادية التي حصلت عليها جراء الاتفاق النووي، لكن العديد من شركاتها سارعت بالانسحاب من السوق الإيرانية بعد بدء تطبيق الحزمة الأولى من العقوبات الأمريكية على إيران في السابع من أغسطس الجاري.

بدورها، وجهت شركة توتال عملاق النفط والغاز الفرنسية ضربة جديدة لقطاع النفط الإيراني، بانسحابها رسميًا من مشروعها في إيران.

المشروع الذي وقعته في يوليو 2017 بقيمة تبلغ نحو 5 مليارات دولار لتطوير حقل باريس للغاز الطبيعي قبالة السواحل الجنوبية لإيران.

انسحاب توتال من المرحلة الحادية عشرة من المشروع يأتي في ضوء التهديدات الأمريكية بفرض عقوبات على الشركات الأجنبية في إيران.

وسبق أن أعلنت توتال أنه سيكون من المستحيل البقاء في إيران ما لم تحصل على استثناء خاص من واشنطن وهو ما لم يحدث.

ومن جانبه، تحدث وزير النفط الإيراني بيجن زنكنه، الذي أعلن انسحاب توتال رسميا من بلاده، عن مساع إلى التعاقد مع شركة أخرى.

انسحاب توتال يضاف إلى سلسلة استثمارات أجنبية أعلنت انسحابها من إيران كشركة دايملر الألمانية التي ألغت مشروع لإنتاج شاحنات مرسيدس بينز في إيران، وشركة بوينج الأمريكية لصناعة الطائرات التي ألغت طلبية بقيمة 20 مليار دولار، كذلك إعلان صندوق الاستثمار البريطاني رغبته في التخلي عن مشروعه لبناء محطة تعمل بالطاقة الشمسية بقيمة نصف مليار يورو.

تأزم أحوال قطاع النفط الإيراني

القطاع النفطي الإيراني في اسوأ أحواله حتى قبل التطبيق الشامل للعقوبات الأمريكية على إيران، تصريحات لوزير النفط الإيراني بيجن زنكنه بعد إعلان شركة توتال الفرنسية سحب عقودها من المنشآت النفطية في إيران بسبب العقوبات.

زنكنه قال إن منشآت النفط والغاز متداعية وبحاجة لأعمال تجديد لكن الحكومة غير قادرة على تحمل نفقاتها بسبب الوضع الاقتصادي الذي تمر به البلاد.

من أبرز المشاكل التي تحدث عنها وزير النفط الإيراني تعرض أنابيب نقل النفط لثقوب بشكل مستمر بما يصل إلى 10 حوادث يومية، إلى جانب عمر المنشآت النفطية الذي يصل إلى 80 عاما دون تطوير أو صيانة.

وكانت إيران تعد البلد الثالث في العالم من حيث تصدير النفط ويدر عليها هذا القطاع وحده النسبة الأكبر من الموازنة العامة، لكن مع استمرار العقوبات قد تخسر إيران مليارات الدولارات ما يزيد العبء الاقتصادي عليها.

حظر جوي بريطاني وفرنسي

من جانبها، أوقفت الخطوط الجوية البريطانية تسيير رحلاتها بين لندن وطهران، في ظل تصاعد الضغوط الأمريكية على الشركات الأوروبية العاملة في إيران، وبعد فترة وجيزة، أعلنت الخطوط الجوية الفرنسية قرارا مماثلا.

وقالت الشركة البريطانية إنها ستعلق خدماتها في مكاتبها بالعاصمة الإيرانية طهران، لأن عملية التشغيل هناك “لم تعد مجدية” من الناحية التجارية.

وأكدت الخطوط الجوية البريطانية أن الرحلة الأخيرة التي ستغادر من لندن إلى طهران ستكون في 22 سبتمبر، في حين ستكون آخر رحلة قادمة من طهران إلى لندن في 23 سبتمبر المقبل.

فيما أعلنت إدارة شركة “إير فرانس”، أنها ستوقف رحلاتها إلى طهران اعتباراً من 18 سبتمبر المقبل، بسبب ضعف المردود التجاري نتيجة العقوبات الأمريكية.

حذف حسابات إلكترونية تروج لإيران

وبدورها، حذفت شركات “فيسبوك” و”تويتر” و”جوجل” بصورة جماعية مئات الحسابات المرتبطة بإيرانيين تروج لأجندة جيوسياسية لإيران في أنحاء العالم.

وروجت الحملة، المرتبطة بإيران، لروايات تتماشى مع مصالح طهران من خلال شبكة من المواقع الإخبارية الزائفة وشخصيات اجتماعية محتالة كانت منتشرة عبر مواقع “فيسبوك” و”إنستجرام” و”تويتر” و”جوجل بلس” و”يوتيوب”.

وقالت شركة “فاير آي” للأمن الإلكتروني، والتي كانت أول من اكتشف هذا التصرف، إن الحملة استهدفت مستخدمين من الولايات المتحدة وبريطانيا وأميركا اللاتينية والشرق الأوسط خلال هذا الشهر.

وقالت الشركة إن النشاط الإيراني اشتمل على “موضوعات مناهضة للسعودية” والترويج لسياسات تفضلها إيران مثل الاتفاق النووي.

 

ربما يعجبك أيضا