شبح “مجازر 1988” يطارد نظام الملالي

محمود سعيد

رؤية – محمود سعيد

يخشى النظام الإيراني اليوم من انتفاضة تأكل الأخضر واليابس، فالنظام خسر دعم الشعوب الإيرانية كالبلوش والأكراد والآذريين والعرب والتركمان نتيجة سياسته الإقصائية والاستعلائية والتخريبية، ومن ناحية أخرى خسر بشكل كبير دعم القومية الفارسية وهو يخشى اليوم من أن استذكار مجازره في 1988م قد تكون سببا مع الأزمة الاقتصادية في نهايته الحتمية والتي باتت مسألة وقت ليس أكثر.

خامنئي نفسه يدرك أن هذا الجرح الغائر في قلب المجتمع الإيراني لم يندمل بعد، وأنه شخصيا متورط في هذه الجرائم، هذه الجريمة بدأت في 19 يوليو 1988، واستمرت لخمسة أشهر لاحقة حيث تم إعدام الآلاف من السجناء السياسيين في جميع أنحاء إيران وكان أغلب السجناء من مؤيدي وأنصار حركة مجاهدي خلق المعارضة بالإضافة لبعض التيارت والأحزاب الأخرى، وأدت هذه الإعدامات إلى اندلاع أعمال عنف سجلها التاريخ الإيراني.

السلطات في إيران بررت عمليات الإعدام، بأنها كانت بسبب هجوم عام 1988 على الحدود الغربية لإيران من قبل حركة مجاهدي خلق المدعومة من القوات العراقية.

قادة المجزرة  

وقالت المقاومة الإيرانية: إن إبراهيم رئيسي هو أحد الأعضاء الأربعة في “لجنة الموت” التي عينها الخميني للمجزرة التي شهدت إعدام 30 ألف سجين سياسي عام 1988، كما أن “هذا الملا المجرم كان قبل هذا التاريخ وما بعده قد أصدر أحكامًا بالإعدام لآلاف من السجناء السياسيين”، وبحسبها، فإن عددا من أعضاء حكومة روحاني ومقربين منه كانوا ضمن منفذي مجزرة عام 1988، ومنهم مصطفى بورمحمدي وزير العدل في حكومة روحاني، الذي كان أحد أعضاء “لجنة الموت”، وتابعت الأمانة أن الرئيس حسن روحاني، “لعب دورًا طيلة 38 سنة من عمر النظام في كل قرارات نظام الملالي”.

الضحايا

إن العدد الدقيق للسجناء الذين تم إعدامهم لا زال مجهولا، حيث سجلت منظمة العفو الدولية أسماء أكثر من 4482 سجينا اختفوا خلال ذلك الوقت، لكن جماعات المعارضة الإيرانية تشير إلى أن عدد السجناء الذين أعدموا كان أعلى من ذلك بكثير، وربما يكون قد أعدم ما بين 8.000 إلى 30.000 سجين سياسي.

معظم الذين تم اعدامهم إما كانوا في المدرسة الثانوية وإما من طلبة الجامعات أو من الخريجين الجدد، وأكثر من 10% منهم كانوا من النساء.

شهود عيان

وقد تحدثت الناشطة الإيرانية البارزة مددزاده عن هذه الجرائم بالقول: “أمثل صوت النساء المقاومات في السجون، صوت صديقتي العزيزة والمقاومة والبطلة مريم أكبري منفرد، كانت تقول لي دوما اني أعتقد بحقيقة وهي النقاء والاخلاص وبراءة الشهداء في عام 1988، عندما اعتقلوها كانت بنتها الصغيرة سارة 4 آعوام ولكنها أبت أن تركع أمام المجرمين في أظلم الأيام واللحظات المضنية”.

وتابعت “والآن وبالاعتماد على ثورة مريم رجوي في الحرب مع الجلاد نرفع راية الخلاص وأقسم أننا بالجهود والجهاد سنسعى من أجل تحرير شعبنا وايران”.

المجتمع الدولي

فيما قال جيفري روبرتسون -رئيس محكمة الأمم المتحدة الخاصة بسيراليون- “كان هناك الملايين من المسجونين في إيران لأنهم لم يكونوا على وفاق مع النظام، وهناك الكثيرمن المعتقلين عذبوا وقتلوا ليلا ووضعت أجسادهم في ثلاجات وألقوا في ترع قذرة واعطيت في اليوم التالي لعوائلهم حقيبة، الآلاف قتلوا لأنهم لم يكونوا راضين بطريقة أفكار النظام وكانوا ضحايا وهم مؤمنين وعوائلهم لا يعرفون أين أجساد أحبائهم، ولا أبشع من قتل السجناء وكان لا يجب ألا يعذب هؤلاء السجناء لكن هذا السياق تواصل، و في سربرنيتشا أيضا قتل مسلمون على يد جنود صرب لكن هذه الجريمة أقل جرما من الجرائم التي وقعت عام 1988 على يد أعضاء مازالوا في الحكم بإيران، ولذا على الحكومة الإيرانية أن تشخص المقابر وأن تسمح بالحداد لمجموعات كبيرة قتلوا، وخلاصة تقريري أن هذه جريمة ضد الإنسانية وهي من أكثر الإبادات الجماعية بشعة في آسيا، خصوصا أن وزير العدل في إيران كان عضوا في لجنة الموت عام 1988″.

في حين قالت، جيلا سانه المحامية الدولية البارزة فقالت: إن “مجازر 1988 لم تكن ضد مجموعة من الناس بل كانت ضد الإنسانية، وأعلى قادة النظام الإيراني كانوا على اطلاع كامل بما يجري في إيران أثناء مجزرة “1988.

وتابعت جيلا سانه: “هذه كانت مجرزة مخططة لها من قبل الحكومة فبالتالي تعتبر مجزرة ضد الانسانية، ويجب أن يكون هناك تحقيق دولي حول ما يجري في سوريا اليوم، وقد تكون عملية تحقيق العدالة طويل المدى ولكن في الاخير ستحقق العدل”.

اعترافات منتظري

وقد ذكرت وسائل إعلام ناطقة بالفارسية نقلا عن أحمد منتظري نجل المرجع الراحل آية الله منتظري أن وزارة الأمن والاستخبارات طلبت من الموقع الرسمي لهذا المرجع الشيعي المعارض حذف ملف صوتي يعود لعام 1988 يدين مسؤولين في النظام الإيراني لتنفيذ إعدامات جماعية بحق الآلاف من المعارضين خلال شهرين من الزمن في عام 1988.

وقال أحمد منتظري: إن وزارة الأمن اتصلت به هاتفيا، وطلبت منه أن يحذف الملف الذي انفجر كقنبلة إعلامية ضد النظام الإيراني، خاصة وأن المتحدث في الملف الصوتي هو من أبرز مؤسسي النظام الإيراني، وكان من المتوقع أن يصبح مرشدا أعلى للنظام لولا احتجاجاته الشجاعة ضد الإعدامات والقمع والتنكيل.

وكان الموقع الرسمي للمرجع الإيراني الراحل آية الله منتظري، قد نشر وثيقة صوتية منذ صيف 1988 أبدى فيها احتجاجه على الإعدامات التي طالت الآلاف من سجناء المعارضة خلال شهر واحد، صادف شهر رمضان.

ويصف منتظري، الذي كان حينها يشغل منصب نائب “الولي الفقيه”، الإعدامات بـ”أبشع جريمة ترتكبها الجمهورية الإيرانية” منذ تأسيسها في عام 1979.

وفي توضيح رافق الوثيقة المسجلة صوتياً، أكد موقع منتظري “بما أنه من حق الناس أن تعرف، ننشر هذا الملف كما سبق أن نشرنا وثائق حول إعدامات صيف 1988، فبعد أن نفذت السلطات الإعدامات، وعرف منتظري بها، بعث رسالتين للخميني (المرشد المؤسس للنظام) بهدف إيقافها”، ولكن دون جدوى.

نجل الخميني

اللافت في التسجيل هو تأكيد آية الله منتظري أن أحمد خميني، نجل المرشد السابق، كان يدعم حملة الإعدامات الواسعة تلك بحق المعارضين السياسيين والعقائديين، حيث قال: “وزارة الأمن كان لها موقف بهذا الخصوص، واستثمرت ذلك، وكان السيد أحمد (خميني) قبلها بثلاثة إلى أربعة أعوام يقول إنه كل من يقرأ صحف ومجلات وبيانات (مجاهدي خلق) ينبغي إعدامه. إنهم كانوا يفكرون بهذه الطريقة، والآن يستغلون الفرصة فيقولون إن مجاهدي خلق هجموا علينا وأقنعوا (الخميني) بأي طريقة كانت. وفي النهاية أخذوا رسالة (لتطبيق الإعدامات) من المرشد السابق وسلموها إلى الأشخاص المعنيين (لتنفيذها) ومن يعرف إلى أين تسير الأمور وما الذي يحدث في المستقبل”.

ربما يعجبك أيضا