بعد تهديده بمصير “رفسنجاني” .. “روحاني” يدعو للوحدة ويذهب إلى البرلمان

يوسف بنده

رؤية
 
في 16 آب/ أغسطس انتشرت صورة لتظاهرة لطلاب حوزة في قم، رفعت فيها لافتة تحذر روحاني من أنه سيلقى نفس مصير الرئيس السابق أكبر هاشمي رفسنجاني الذي عُثر عليه ميتًا في بركة سباحة العام الماضي.
 
فقد رفعت مجموعة من رجال الدين في الحوزة الشيعية، والتي تعرف بـ”المدرسة الفيضية” بمدينة قم الإيرانية، لافتة مثيرة خلال وقفة احتجاجية ضد سياسات الحكومة تهدد بقتل روحاني، الأمر الذي أثار جدلا واسعا في إيران.
 
وفتحت اللافتة المثيرة التي رفعها رجال دين إيرانيون، ملف وفاة الزعيم الإيراني رفسنجاني من جديد الذي توفي في ظروف غامضة عام 2017، حيث استخرجت جثمان رفسنجاني ميتًا من مسبح فرح في طهران.
 
و”مسبح فرح” تابع لمجموعة رياضية وسياحية كانت تابعة لزوجة شاه إيران فرح بهلوي وبعد إسقاط النظام الملكي في إيران، أصبحت هذه المجموعة الرياضية وقصورها الفاخرة تستخدم من قبل كبار رجالات النظام في إيران.
 
وكتب على اللافتة المثيرة شعار موجه للرئيس روحاني ويهدده بالقتل على طريقة قتل رفسنجاني خنقا داخل المسبح، وحسب ترجمتها فإن ما كتب على اللافتة: “أنت الذي المفاوضات هي شعارك.. سيكون مسبح فرح في انتظارك”.
 
وهنا يشير الشعار إلى الرئيس روحاني الذي يدعو دائما إلى المفاوضات مع أمريكا وأوروبا وأنها هي الطريق الوحيد والأسلم لحل أزمات البلاد.
 
وقالت صحيفة “جمهوري إسلامي” الرسمية المقربة من روحاني: إن “اللافتة التي رفعت في الحوزة الشيعية في قم بهدف الاحتجاجات على سياسات الحكومة كانت تحمل تهديدا واضحا للرئيس وجلبت الانتباه للعديد من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي”.
 
وأضافت، أن بعض مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي قالوا: إن شعار “أنت الذي المفاوضات هي شعارك، سيكون مسبح فرح في انتظارك” إضافة إلى تهديد الرئيس، هو نوع من الاعتراف الضمني بوجود أياد نافذة متورطة في قضية وفاة رفسنجاني.
 
وبعد مرور شهرين من وفاة رفسنجاني شككت ابنته فاطمة في أسباب وظروف وفاة والدها، ورجحت قضية اغتياله داخل المسبح، قائلة: إن “هناك الكثير من الغموض بالنسبة لنا يدور حول وفاة والدنا، وأن الزمان كفيل بأن يكشف كل شيء”.
 
وسعى روحاني إلى التقليل من أهمية الاختلافات قائلًا: “لا أحد يمكنه أن يمشي في البحر ولا يتوقع أن تتبلل قدماه”.
 
وتم تحميل المتشددين مسؤولية إثارة الاحتجاجات على الوضع الاقتصادي التي تحولت أحيانا ضد النظام الإسلامي بأكمله.
 
الحرس ينفي
 
وقد نفى الحرس الثوري الإيراني، الإثنين الماضي، أي دور له في رفع لافتات تهدد الرئيس حسن روحاني بالموت من خلال تجمع لمجموعة من رجال الدين في مدينة قم وسط البلاد جرى تنظيمه يوم الجمعة الماضي.
 
وقال الحرس الثوري، في بيان صحفي، إن “الحرس الثوري لا صلة له بالاحتجاجات التي شهدتها مدرسة الفيضية الدينية بمدينة قم ورفعت شعارات تهدد الرئيس حسن روحاني بالموت”.
 
وأضاف البيان، إن “الحرس الثوري يدين هذا السلوك”، مشددًا على دعم الحرس للحكومة لحل مشاكل البلاد.
 
وفي سياق متصل، وصف المرجع الديني الموالي للنظام “ناصر مكارم الشيرازي”، الإثنين الماضي، ما حدث في مدرسة الفيضية بمدينة قم بأنه “كارثة حقيقية”.
 
وقال الشيرازي -في بيان نشره موقعه الرسمي- إن “ما حدث في حوزة قم قبل أيام كارثة حقيقية، وإن عددًا من طلاب الحوزة كانوا قد رفعوا لافتات هددوا فيها الرئيس حسن روحاني بالقتل لتمسكه بخيار التفاوض مع الغرب”.
 
وطالب الشيرازي القائمين على تنظيم هذه الاحتجاجات بتقديم إجابات واضحة عما حصل، داعيًا جهاز الأمن إلى التحقيق في تلك الشعارات والجهات التي تقف خلفها.
 
لا وقت للخلافات
 
وقد دعا الرئيس الإيراني حسن روحاني، السبت، إلى التكاتف في وجه الانتقادات من جميع الأطراف لتعاطيه مع أزمة اقتصادية وتوترات مع الولايات المتحدة.
 
وقال روحاني -في خطاب متلفز عند ضريح آية الله روح الله الخميني- “ليس الوقت الآن لأن نلقي العبء على كاهل آخرين. يجب أن نمد يد العون لبعضنا البعض”.
 
وأضاف، إن حل “مشاكل البلاد والتصدي لمؤامرات الأجانب مسؤولية كل واحد منا”.
 
ومع ارتفاع أسعار المواد الغذائية وانهيار العملة وإعادة فرض عقوبات أمريكية بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي مع إيران عام 2015، يشعر كثير من الإيرانيين بالاستياء.
 
وغالبية قاعدته الانتخابية بين الإصلاحيين في المدن فقدوا ثقتهم به فيما مناطق الطبقات العاملة تشهد منذ أشهر إضرابات واحتجاجات متقطعة تخللتها في بعض الأحيان أعمال عنف.
 
وبعض أشد الانتقادات جاءت من المؤسسة الدينية المتشددة التي طالما عارضت جهود روحاني لإعادة بناء علاقات مع الغرب.
 
ولا يزال روحاني يحظى بدعم المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي الذي قال إنه يتعين أن يبقى في منصبه لمنع المزيد من الفوضى. لكن خامنئي ألقى باللوم أيضا على سوء إدارة الحكومة أكثر من عداء جهات أجنبية، في الأزمة الحالية.
 
وقال: “إننا مدركون لمعاناة الشعب وكل جهودنا منصبة على اتخاذ خطوات لتخفيف تلك المشكلات”.
 
استجواب الرئيس
 
كان ثمانون نائباً قدّموا طلباً في الأول من آب/ أغسطس للهیئة الرئاسیة لمجلس الشوری الإسلامي تضمّن أسئلة موجهة إلی الرئیس روحاني بشأن قضایا وهي عدم كفاءة الحكومة في مراقبة تهریب السلع والعملة الصعبة وتواصُل الحظر المصرفي المفروض علی البلاد وعدم كفاءة الحكومة في تخفیض نسبة البطالة فضلاً عن الركود الاقتصادي الشدید الذي استمر لسنوات إضافة الی السرعة المدهشة لتزاید سعر العملة الصعبة الأجنبیة وتراجع العملة المحلیة أمامها.
 
وكان 33 نائباً قدموا طلب استجواب هذا الوزیر إلی الهیئة الرئاسیة لمجلس الشوری الإسلامي یوم الأحد التاسع عشر من آب/ أغسطس لأغراض مماثلة.
 
وجاء هذا بعد أن أعلن “لاريجاني يوم الأربعاء الأول من أغسطس/ آب، أنه قد أمهل الرئيس روحاني مهلة أقصاها شهر واحد للحضور إلى قاعة البرلمان للإجابة على تساؤلات النواب، استنادا إلى المادة 213 من النظام الداخلي لمجلس الشورى.
 
ويذكر أن الرئيس الإيراني كان قد بعث برسالة إلى “لاريجاني تضمنت، حسبما أفاد موقع الرئاسة الإيرانية، “أن توجيه الأسئلة إلى رئيس الجمهورية من قبل عدد من نواب البرلمان الإيراني، أمر لم يطرح في الزمان المناسب لأوضاع البلاد، ولا في إطار الدستور الايراني، ولكن سأتوجه إلى المجلس في الفرصة المقررة لتجنب أي خلاف بين السلطات واحتراماً لمجلس الشورى”.
 
وكانت تقارير إيرانية نشرت، الشهر الماضي، أن رئيس البرلمان علي لاريجاني تمكن من عرقلة استجواب الرئيس روحاني لبضع مرات، متذرعًا بوجود قوانين مهمة يتطلب من البرلمان دراستها والإسراع في تشريعها.
 
ويعد لاريجاني من أكبر حلفاء الرئيس روحاني، في حين يتهمه التيار المتشدد بأنه السبب وراء تمرير الاتفاق النووي عام 2015، بعد التصويت عليه في البرلمان خلال مدة لا تتجاوز 15 دقيقة.
 
وقد أعلن المتحدث باسم الهیئة الرئاسیة للبرلمان الإيراني، بهروز نعمتي، الیوم السبت: أنّ الرئیس الإیراني حسن روحاني سیحضر في اجتماع مجلس الشوری الإسلامي یوم الثلاثاء 28 آب/ أغسطس للرد علی أجوبة النواب.
 
في تصریح لوكالة إرنا الإيرانية، قال نعمتي إنه وفقا لرسالة مساعد رئیس الجمهوریة للشؤون البرلمانیة فإن الرئیس روحاني أعلن استعداده للحضور في هذا الاجتماع العلني یوم الثلاثاء القادم.
 
كما أعلن المتحدث باسم الهیئة الرئاسیة لمجلس الشوری الإسلامي بهروز نعمتي عن بدء جلسة استجواب وزیر الشؤون الاقتصادیة والمالیة مسعود كرباسیان صباح غد الأحد في قاعة المجلس.
 
جدير بالذكر، ويعتبر هذا الاستدعاء، الثاني في تاريخ الجمهورية الإسلامية الإيرانية، والأول للرئيس حسن روحاني، الذي يتعرض لضغوط من خصوم محافظين لتغيير الحكومة بعد تدهور العلاقات مع الولايات المتحدة وتفاقم الأزمة الاقتصادية.
 
وسبق أن مَثل الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد أمام مجلس الشورى في الرابع عشر من مارس/ آذار 2012، وأجاب على أسئلة النواب في سابقة هي الأولى البرلمان للمرة الأولى منذ الثورة الإسلامية عام 1979، وقد وقع يومها حوالي 79 نائبا لطرح 10 أسئلة ذات طابع سياسي واقتصادي.
 
جدير بالذكر أيضًا، أن الولايات المتحدة انسحبت في أيار/ مايو من الاتفاق الموقع عام 2015 بين طهران والدول الست الكبرى وأعادت فرض عقوبات اقتصادية مشددة على إيران والشركات التي تتعامل معها.
 

بالمقابل اتخذ الاتحاد الأوروبي الذي يتبنى موقفا معارضا للموقف الأميركي حيال إيران، تدابير للسماح لإيران بالاستفادة من الفوائد الاقتصادية لرفع العقوبات، غير أن مجموعات كبرى انسحبت من هذا البلد خشية أن تطالها العقوبات الأميركية.

ربما يعجبك أيضا