العميل بابل.. من أروقة السياسة إلى شاشات العرض

مها عطاف

رؤية – مها عطاف

أعاد الفيديو الترويجي لفيلم “الملاك”، -الذي عرضته شبكة “نتفليكس” في 15 من أغسطس الجاري-، والذي يروي قصة أشرف مروان، برؤية إسرائيلية، الجدل الذي لا ينتهي حول ما كان صهر الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر، وسكرتير الرئيس الأسبق أنور السادات، بطلًا مصريًا أم جاسوسًا إسرائيليًا، رغم موته في لندن قبل 11 عامًا، يبقى أشرف مروان، اللغز المحير.

العميل بابل بصمة سوداء في تاريخ الموساد

فيلم الملاك مأخوذ عن رواية الكاتب الإسرائيلي “أورى بار جوزيف”، أستاذ العلوم السياسية الخبير في شؤون الاستخبارات، وحملت عنوان “الملاك: الجاسوس المصري الذي أنقذ إسرائيل”، وتزعم أن “الملاك” هو الاسم الحركي أو الكودي الذي أطلقته الاستخبارات الإسرائيلية على مروان، بالإضافة إلى اسمي “بابل” أو “الصهر”.

وتتجاهل الرواية الإسرائيلية -في إطار بحثها عن بطولة تاريخية مفقودة- كل الإشارات والتصريحات المصرية حول كون مروان عمل لصالح القاهرة لا تل أبيب، وكان جزءًا من خطة الخداع الاستراتيجي قبل وأثناء حرب أكتوبر، وتدعي أنه ذهب بنفسه عام ١٩٦٩ إلى السفارة الإسرائيلية في لندن ليطلب العمل لصالح الموساد، وتتجاهل الرواية أيضًا تأكيدات الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك حول كون “مروان” رجلًا لعب دورًا وطنيًا لصالح مصر، ولم يتجسس عليها لصالح أي جهة.

وتتنافى هذه الرواية مع نتائج لجنة “أجرانات” التي تشكلت في إسرائيل للتحقيق مع القادة الذين تسببوا في الهزيمة عام ١٩٧٣، من بينهم شهادة “إيلي زعيرا”، رئيس المخابرات العسكرية “أمان”، التي أكدت أن المخابرات المصرية زرعت بابل كعميل مزدوج ليعمل لصالح مصر للمساعدة في تضليل الإسرائيليين حول موعد الهجوم، كما نشرت صحيفة الجارديان البريطانية، نقلًا عن مذكرات “زعيرا” قوله: “مروان يمثل بصمة سوداء في تاريخ التجنيد والموساد. لقد جعل من هذا الصرح أضحوكة”.

أشرف مروان.. العميل المزدوج

جاءت ردود أفعال مصرية وعربية غاضبة، إذ اعتبروا الفيلم دعاية لصالح إسرائيل، وأحداثه لا تمس الحقيقة بصلة، وتعد تزويرًا للتاريخ، وتؤكد إفلاس الموساد، الذي يحاول من خلال تلك الأعمال الفنية تلميع صورته، وكانت مصر قد ردت على تلك المزاعم بالتأكيد على أن مروان كان عميلا مزدوجا عمل على خداع إسرائيل، لنقل المعلومات من الجانبين، أو أنه سرب المعلومات لإسرائيل بعلم السلطة العليا من مصر، وتمكن فى النهاية من تسريب معلومات تخدم الجانب المصري وبلعت إسرائيل الطعم.

من أروقة السياسة إلى شاشات العرض

ما يزيد الغموض فيلم “الملاك” التي ستطلقه شركة نتفليكس في 14 سبتمبر المقبل، وتقول الشركة: إن الفيلم يدور حول حياة مروان، ويتبنى العمل السينمائي وجهة النظر الإسرائيلية التي تروج لاعتباره جاسوسًا عمل لصالح “الموساد”، وتدعي قصة الفيلم، أن مروان قدم للمخابرات الإسرائيلية معلومات قيمة عن مصر في الفترة من 1969 وحتى 1975، وأبرزها تسريب موعد بدء الهجوم المصري السوري في حرب أكتوبر 73.

ويلعب دور مروان الممثل الهولندي من أصل تونسي مروان كنزاري، وتلعب ميساء عبدالهادي، وهي من عرب إسرائيل، دور زوجته منى عبدالناصر ابنة الرئيس الراحل، بينما يلعب دور عبدالناصر الممثل الأمريكي من أصل فلسطيني وليد زعيتر، فيما يلعب دور السادات الممثل الإسرائيلي من أصل عراقي ساسون غاباي، والفيلم من إخراج الإسرائيلي أرييل فرومن مخرج فيلم The Iceman، وكتب سيناريو الفيلم ديفيد آراتا كاتب سيناريو فيلم Children of Men، ولم يشارك أي ممثل مصري في هذا الفيلم.

الملاك المصري.. أشرف مروان

ولد أشرف أبو الوفا مروان، في 2 فبراير عام 1944، لأب كان يعمل ضابطًا بالجيش، وحصل على بكالوريوس العلوم عام 1965، ثم الدكتوراه في نفس التخصص من جامعة لندن عام 1974،  وتزوج من “منى” ابنة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في عام 1966، ثم عمل مساعدا للرئيس، بعدها تم تعيينه في عهد الرئيس أنور السادات، سكرتيرًا خاصًا لشؤون المعلومات في 1971، وفي عام 1975 عين رئيسا للهيئة العربية للتصنيع، وفي 1987 عين سفيرا لمصر في لندن ثم اتجه للعيش هناك، وقرر كتابة مذكراته في لندن، التي كانت ستتناول حياته بالكامل، مع توضيح علاقته بالمخابرات المصرية والإسرائيلية، لكنه توفي عام 2007 قبل نشرها، وكان هناك جدل على موته ما إذا كان قتل بفعل فاعل أم مات منتحرًا، واختفت المذكرات في ذلك اليوم.
https://www.youtube.com/watch?v=z0q2WbXQWbw
https://www.youtube.com/watch?v=IOxhffzvopk

ربما يعجبك أيضا