“آباء قتلة”.. “قلة الوعي والظروف الاقتصادية” أزمات تهدد الأسر المصرية

إبراهيم جابر

رؤية – إبراهيم جابر:
القاهرة – انتشرت في الآونة الأخيرة جرائم مقتل الأطفال وتعذيبهم على يد آبائهم في مصر، وسط حالة من الاستنكار الرسمي والشعبي لتدهور الأوضاع داخل الأسرة المصرية، وأرجع خبراء تلك الجرائم إلى “غياب الوعي والظروف الاقتصادية وضعف الوازع الديني”، مشددين على ضرورة تفعيل دور المؤسسات الاجتماعية، وتغليظ العقوبات.

“الآباء المجرمون”

وشهدت الأيام الأخيرة عدة جرائم اتهم فيها الآباء بقتل أبنائهم، لعل أبرزها واقعة مقتل الطفلين “ريان 5 سنوات ومحمد 3 سنوات”، في أول أيام عيد الأضحى بعد تعرضهما لاسفكسيا الغرق عقب إلقاءهما في النيل من أعلى كوبري فارسكور في محافظة دمياط المصرية، والتي وجهت وزارة الداخلية الاتهام فيه للأب، بعد اعترافه بالإقدام على الواقعة، معللا ارتكابه الجريمة لسوء علاقته بزوجته، وعدم تحمله ازعاج الطفلين، حسب وصفه.

وفي منطقة دار السلام في محافظة القاهرة، أعلنت وزارة الداخلية المصرية، أمس الأول القبض على “أحمد  م” 67 عامًا، موظف بالمعاش بسبب قتل ابنته وإصابة زوجته، بسبب رفض الأخيرة إقراضه مبلغ 200 جنيه، مما أثار حفيظته فأحضر سلاحا أبيض “سكين”، وتعدى عليها بالضرب، محدثاً إصابتها “بجرح بالفخذ الأيمن من الخلف”، ولدى تدخل نجلتهما للفض بينهما قام بالتعدي عليها محدثًا إصابة أودت بحياتها.

وأقدمت “الشيماء .ص” 24 عاما من محافظة المنيا، على إلقاء طفليها محمد 5 سنوات وهاني 6 أشهر، في ترعة البحر اليوسفي، مشيرة إلى أنها أقدمت على الواقعة بسبب رفض زوجها “رجب ض” ذهابها لزيارة أهلها، وأسفرت الواقعة عن مقتل الطفل محمد ونجاح الأهالي في إنقاذ الطفل الرضيع من الغرق.

“عقوبات مشددة”

ومع تكرار حوادث خطف وقتل الأطفال، يعتزم مجلس النواب مناقشة عدد من التشريعات لوضع عقوبات رادعة، حيث أعلنت النائبة إيناس عبدالحليم، أنها أعدت تشريعا جديدا بتعديل قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 والمعدل بالقانون 126 لسنة 2008، بشأن تجريم إهمال الأسرة لأطفالهم وعدم رعايتهم بشكل يودي بحياتهم، أو يعرضهم لأخطار الحوادث والموت.

وأكدت أن مشروع القانون الجديد يتضمن تغليظ عقوبة الوالدين لتصل إلى السجن 10 سنوات في حالة إذا ما أدى الإهمال إلى الوفاة، مشيرة إلى أن هذه النوعية من الجرائم زادت مؤخرًا بسبب عدم وجود تشريع رادع للوالدين يُجرم الإهمال في حق الأطفال.

وأضافت النائبة في بيان صحفي أن قانون الطفل الحالي لم يضع عقوبة إهمال الأسرة في حق أطفالها، واكتفى في مادته الـ8 بمعاقبة كل من يرتكب انتهاك في حق الطفل بالحبس من 6 أشهر وحتى 3 سنوات، وفي حالة وفاة الطفل بسبب الإهمال الأسري يحرر محضرا إداريا ويُحفظ لمراعاة مشاعر الأب والأم اللذين فقدا طفلهما.

“قلة الوعي والظروف الاقتصادية”

وذكر أستاذ علم النفس التربوي بجامعة المنوفية حمدي الفرماوي، أن تكرار جرائم قتل الأطفال على يد أبائهم وأمهاتهم، يرجع إلى إصابة هؤلاء المجرمين بهلاوس شديدة نتيجة ضغوط حياتيه وشرب المخدرات جعلتهم يتخيلون أشياء غريبة، ويرتكبون تلك الجرائم البشعة.

وأشار الفرماوي إلى أن غياب كبير العائلة سواء من الرجال والسيدات كانت من ضمن الأسباب لما كان لهما من دور بارز في مواجهة المشاكل مع الزوجين وتنبيههما بشأن ما سيواجهونه في حياتهم الزوجية، متابعا: “هناك أسباب كثيرة أخرى، منها (المستوى الاقتصادي وسطوة المال وغلبة المادية على البعد الروحي في الإنسان وفقد القدرة على الحب والانتماء”، مطالبا بضرورة التوسع في إنشاء مكاتب استشارات أسرية.

وأوضح أستاذ الطب النفسي الدكتور محمد المهدي، أن العنف الأسري اللامعقول الذي يشهده المجتمع في الآونة الأخيرة، تؤكد بأن ثمة زلزال يهدد الكيان الأسري في مصر، منوها إلى أن الأزمة ترجع إلى حالة إحباط أو غضب شديد يفجر في داخله وكم من العنف والقسوة يكفي لإزهاق روح أعز الناس عليه (أو عليها) بطرق بشعة.

وشدد على أن تعاطي المخدرات بنوعيها التقليدية والتخليقية واضطرابات النوم، بسبب ساعات العمل الطويلة للأب، والأدوار المتعددة المرهقة للام والاضطرابات النفسية التي تصيب أفراد الأسرة مع ضعف الوعي بها وبإمكانية علاجها حتى تتفاقم وتصل إلى درجة تؤدي إلى اضطرابات في الإدراك والتفكير والانفعالات تسهل عملية القتل.

وأكمل: “ضعف القدرات التربوية للأسرة يضع الأب أو الأم في أزمة، إضافة إلى انتشار ثقافة العنف في المجتمع عبر وسائل الإعلام ومن خلال الأعمال الدرامية، مطالب بضرورة تفعيل برامج وسياسات الرعاية الاجتماعية للتخفيف من الأزمة الاقتصادية التي تعيشها الطبقات الفقيرة والمتوسطة، وتفعيل المؤسسات الاجتماعية التي ترعى شئون الأسرة، إضافة إلى بث الوعي الديني من في مجال العلاقات الأسرية والحقوق والواجبات بين أفراد الأسرة، وقواعد التعامل بين الآباء والأبنا”.

وأرجع مدير إدارة الوعظ بالأزهر الدكتور عبد العزيز النجار، تلك الجرائم إلى الغياب الشديد للوازع الديني، مردفا: “حكم هؤلاء الآباء على أبنائهم بالموت لرحمهم من الفقر والضيق، ما هو إلا افتراء وتجرؤ على الله لا يؤيده أى دين كان فما بالك بالإسلام والرحمة التى يدعو بها خاصة للأطفال والنساء و يجب معاقبة هؤلاء القتلة بأقصى عقوبة، ويرى الجميع هذه العقوبة بشكل سريع ومباشر.

ربما يعجبك أيضا