الروهنجيا ليسوا وحدهم.. أقلية الإيغور تتجرع الكأس نفسه

مها عطاف

رؤية – مها عطاف

أن تعيش على أرضك مضطهدًا، ومحرومًا من حريتك، بسبب معتقداتك الدينية، وإجبارك على الولاء والطاعة للحزب الحاكم، والزج بك في أكبر المعتقلات الإنسانية في العالم، فهذا ببساطة ما يعنيه بأن تكون من “مسلمي الإيغور”.

من هم الإيغور

تعود جذور مسلمي الإيغور إلى مئات السنين، قبل الاستقرار في تركستان الشرقية بغرب الصين، وهو إقليم شنغيانغ حاليا، عندما نزحوا من قبائل تعيش في منغوليا، وزحفهم نحو الشمال الغربي للصين في القرن الثامن ميلادي، وهم قبائل ناطقة باللغة التركية ويستعملون الحروف العربية في كتابتها، وهم من أصول تركية اعتنقوا الإسلام منذ القرن العاشر الميلادي، ويقدر عدد الإيغور حسب آخر إحصاء بنحو  23 مليون نسمة، ومنذ القرن الثامن عشر، وتحديدا عندما بدأت المحاولات الأولى من الصين لاحتلال تركستان الشرقية وضمها كإقليم لها، بدأت سلسلة الصدامات بين الأقلية المسلمة وحكومات الصين المتعاقبة، التي أصرت على إضفاء الطابع الصيني الخالص كديانة وثقاقة على الإقليم.

معسكرات سرية للتعذيب
“هو أحد أكبر المعتقلات الإنسانية في العالم وأفجعها”، هكذا علقت اللجنة التنفيذية للكونغرس الأمريكي على ما يتعرض له الإيغور في الصين، بعد الكشف عن عشرات المعتقلات التي تقيمها الحكومة الصينية كعقاب لآلاف المواطنين بسبب معتقداتهم وديانتهم، وكذلك أعربت الأمم المتحدة عن انزعاجها الشهر الماضي، من تحويل منطقة الإيغور ذاتية الحكم إلى ما يشبه معسكر تدريب وأحاطته بالسرية باعتباره “منطقة بلا حقوق” باسم مكافحة التطرف الديني والحفاظ على استقرار المجتمع، ودعت لإطلاق سراح أولئك المحتجزين.

ودعا 13 مشرعا أمريكيًا إدارة الرئيس دونالد ترامب إلى فرض عقوبات على بكين “لاستمرار انتهاجها القمع بحق الأقليات المسلمة في تركستان الشرقية”، وحث المشرعون في رسالة إلى وزير الخارجية مايك بومبيو والخزانة ستيف منوشين على معاقبة شركات ومسؤولين في الصين، ودفع بكين لإنهاء أزمة حقوق الإنسان المستمرة في شينغيانغ.

قيود صارمة

كانت السلطات الصينية، أمرت أقلية الإيغور بتسليم جميع المصاحف وسجاجيد الصلاة أو غيرها من المتعلقات الدينية، وإلا سيواجهون “عقوبة”، في سبتمبر عام 2017، وشملت الإجراءات منع إطلاق اللحى وارتداء النقاب في الأماكن العامة ومعاقبة من يرفض مشاهدة التلفزيون الرسمي، وتنص الإجراءات الصينية على أن الموظفين في الأماكن العامة، من بينها المحطات والمطارات، سيكون لزاما عليهم منع النساء اللائي يغطين أجسامهن كاملة، بما في ذلك وجوههن، من الدخول، وإبلاغ الشرطة عنهن.

الصين تبرر

وذكرت الخارجية الصينية أن ما سمتها بالإجراءات الوقائية التي اتخذتها في إقليم شينغيانغ جعلت سكانه يشعرون بالأمان والاستقرار، وتقول السلطات الصينية: إن إقليم شينغيانغ يواجه تهديدا خطيرا بسبب ما تسميه التشدد الإسلامي، ومن الانفصاليين الذين تقول إنهم يتآمرون لتنفيذ هجمات وتأجيج التوتر بين عرقية الإيغور -التي تعتبر المنطقة موطنها الأصلي- وعرقية “هان” الصينية المسيطرة.

على الرغم من أن الدستور الصيني يكفل حرية المعتقد بما في ذلك الإسلام، ولكن في ظل تشدد السلطات على إخضاع الدين للقومية الصينية، مستهدفة الإيغور على وجه الخصوص، فهل نشهد تكرر مأساة الروهنجيا في ميانمار مرة أخرى، مع مسلمي الإيغور، ليكون الانتماء لدين أو عرق سببًا في الاضطهاد والقتل والتشريد!

ربما يعجبك أيضا