طبول الحرب تقرع في إدلب

محمود سعيد

رؤية – محمود سعيد

تشكل محافظة إدلب المعقل الأقوى للفصائل السورية المعارضة لنظام بشار الأسد، وقد اجتمع فيها اليوم ما يزيد عن 150 ألف مقاتل، وبالتالي فاقتحامها لن يكون سهلا على قوات الأسد والمليشيات الشيعية متعددة الجنسيات، والتي زجت بمقاتلي “المصالحات” لاحتلال إدلب.

وكانت “الجبهة الوطنية للتحرير” (التابعة للجيش السوري الحر) بالتعاون مع “هيئة تحرير الشام” قد شنت حملات اعتقالات واسعة قبل أسابيع، طالت خلايا ورؤوس المصالحات المتعاملين مع نظام الأسد، خوفًا من مصير مشابه لمحافظة درعا جنوبي سوريا.

بات نظام الأسد يحاصر محافظة إدلب من ثلاث جهات، والسؤال الذي يطرح نفسه هل ستشتعل جبهات ريف حلب الشمالي والجنوبي وريف الساحل وسهل الغاب، وبحسب صحيفة “يني شفق” التركية فإن الجيش التركي وصلت حشوده على الحدود السورية – التركية إلى 30 ألفا داخل مناطق درع الفرات وعفرين، وأن قادة الجيش التركي أبلغوا قوات الجيش السوري الحر العاملة على طول خط عفرين، أعزاز، جرابلس، الباب، تشوبانبي (ريف حلب الشمالي) بالاستعداد للقتال ونقل 50 ألفا منهم باتجاه إدلب.

وبحسب الصحيفة، فإن تركيا تعتزم ألا تقف موقف المتفرج أمام “قتل نظام الأسد المدنيين في إدلب من أجل مصالحه”.

فصائل الجيش السوري الحر، تؤكد أنه إذا كان النظام يهدد بدخول إدلب، فإنهم يهددون بدخول حلب وحماة والساحل السوري.

تركيا لم تكتف بالحديث بأنها لن تسحب نقاطها العسكرية من داخل الأراضي السورية، بل أرسلت تعزيزات ضخمة لتلك النقاط وحشد قواتها على الحدود.

الوضع الميداني
وقد صعدت روسيا ونظام الأسد والمليشيات الإيرانية من قصفهم الجوي والبري على ريفي حماة وإدلب بشمال سوريا.

الروس صعدوا غاراتهم مع تصعيد النظام للقصف الجوي والبري، ليتسبب القصف بمزيد من الخسائر في صفوف المدنيين، وتركيز القصف جرى في الأيام الأخيرة على ريف إدلب الجنوبي وريف حماة الشمالي، بعد أن كان القصف يتركز على جسر الشغور ومثلث غرب إدلب – سهل الغاب – جبال اللاذقية.

وتستمر قوات الأسد والمليشيات الإيرانية باستقدام التعزيزات العسكرية إلى محيط محافظة إدلب، لبدء عملية عسكرية في الأيام المقبلة، وتتركز التعزيزات بشكل أساسي في الريف الغربي لإدلب وحماة، وخاصة في معسكر جورين القاعدة الأبرز لقوات الأسد في المنطقة.

من جانبه واصل الجيش التركي إرسال تعزيزات عسكرية جديدة إلى وحداته المتمركزة على الحدود التركية مع سوريا جنوبي البلاد. أن القافلة العسكرية ضمَّت شاحنات محملة بالدبابات والمدافع والعربات المصفحة.

وقالت “الأناضول”: إن قافلة تضم شاحنات تحمل آليات عسكرية، ووحدات قوات خاصة.

الموقف التركي

الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، قال إنه في حال جرى “تجاهل قتل عشرات الآلاف من الأبرياء من أجل مصالح نظام الأسد، لن نكون شركاء ومتفرجين في هكذا لعبة”.

وتابع: “إدلب هي المنطقة الأخيرة المتبقية من مناطق خفض التوتر، والمعارضة تشعر بتعرضها للخداع عقب التطورات التي حدثت بعد تأسيس تلك المناطق، وشدد على أن تركيا التي أخلصت في هذا المسار ترى أن الأمور تنزلق نحو نقطة خطيرة للغاية”.

ونوه بأن تركيا مصممة على حماية وجودها في المنطقة لحين ضمان وحدة سوريا السياسية والجغرافية والاجتماعية بالمعنى الحقيقي.

وانتقد أردوغان ازدواجية المعايير تجاه العنف في سوريا قائلا: “نتأخر في اتخاذ رد فعل إزاء ضحايا الأسلحة التقليدية أو القتلة، ولكن نسارع في المقابل بإعلان موقفنا ضد الأسلحة الكيميائية، فما الفرق إذا كان المُستخدم سلاحا كيميائيا أو تقليديا بينما الموت هو النتيجة في كلتا الحالتين”.

العرب

فيما دعا وزير الدولة للشؤون الخارجية بالإمارات، أنور قرقاش، إلى تجنيب مدينة إدلب السورية “مواجهة دامية” تعرض المدنيين للخطر.

وشدد قرقاش -عبر “تويتر”- على أن “تجنيب إدلب مواجهة دامية تعرّض المدنيين للخطر يمثل أولوية لنا (الإمارات) وللمجتمع الدولي”.

وأضاف “أما تقلص نفوذ ووجود الدور العربي تجاه الأزمة السورية فبحاجة إلى مراجعة جادة وشاملة ودروس لا بد من استيعابها بمرارة وعقلانية”.

تركيا تهدد أوروبا باللاجئين

كشف (بولنت يلدريم) رئيس هيئة الإغاثة الإنسانية التركية (İHH) عن استعداد بلاده لفتح الطريق أمام اللاجئين للتوجه إلى أوروبا في حال لم تتدخل دول الاتحاد الأوروبي لمنع استمرار القصف على محافظة إدلب.

وحذر المسؤول التركي من أية عمليات عسكرية على المحافظة، إذ ستسبب موجة لجوء لنحو مليون شخص إلى تركيا.وحمّل (يلدريم) كلاً من نظام الأسد وروسيا مسؤولية الهجمات على إدلب، معتبراً إياها مخالفة للقوانين الدولية.

فيما أعلن وزير الداخلية التركي (سليمان صويلو) أن بلاده لا تتحمل مسؤولية أي موجة هجرة تبدأ من محافظة “إدلب” السورية جراء الهجمات عليها، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن بلاده لن تتخلى عن إنسانيتها.

وقال (صويلو) في تصريح للصحفيين خلال زيارته (الأحد) مخيما للاجئين السوريين في هاتاي جنوبي تركيا، إن “ما يهم تركيا في مسألة إدلب هو إنسانيتها التي تتحدى بها الجميع ولن تتخلى عنها أبدا”.

وأكد الوزير أن ممثلي جميع الدول التي تصف نفسها بالكبرى، يحنون رؤوسهم دائما عند الحديث عن المسألة السورية بالاجتماعات الدولية.

واستطرد قائلا: “لأن هناك تناقضا كبير ا واختلافا بين ما يخرج من أفواههم وما يفعلونه، والجميع يعلم أنهم ينظرون إلى المسألة كمسرحية”.

الصدام المحتمل

من جانبها ألمحت “القناة المركزية لقاعدة حميميم العسكرية” في فيسبوك إلى إمكانية استهداف قوات الأسد والمليشيات الإيرانية للقوات التركية المتمركزة في نقاط المراقبة شمالي سوريا، والتي توصلت إليها “الدول الضامنة” في مباحثات أستانة.

وقالت “قناة حميميم”: إن “البروتوكول المتفق عليه مع أنقرة فيما يخص نقاط المراقبة شمال سوريا ينص على تحديد حجم التواجد التركي في تلك النقاط” وأضافت “إن تجاوز ذلك الحجم سيعطي نظام الأسد الحق في التعامل معه كوجود أجنبي غير مشروع على الأراضي السورية”.

النفير العام

فيما أعلنت “الجبهة الوطنية للتحرير” النفير العام ورفع الجاهزية الكاملة، لمواجهة تهديدات قوات الأسد، والتصدي لـ“الخطر” المحيط بمحافظة إدلب شمالي سوريا.

وقالت “الجبهة”، في بيان لها، “نَحمل ما يصدر عن النظام المجرم وأعوانه من تهديدات وتلميحات باقتراب معركة إدلب على محمل الجد (…) وندعو جميع الفصائل والتشكيلات في المنطقة أن يفعلوا كذلك”.

أما القيادي في الجيش السوري الحر مصطفى سيجري، فقال: إن استمرار القصف على إدلب وما حولها والاستهداف المباشر للمدارس والمشافي والنقاط الطبية، وقتل الأطفال والنساء والشيوخ بالصواريخ والبراميل المتفجرة سيدفع بأكثر من 4 ملايين إنسان إلى تجاوز الحدود مع تركيا والهجرة المباشرة إلى أوروبا هربا من الموت على يد الأسد وروسيا وإيران.

وأضاف “على روسيا أن تدرك أن إعادة الشعب السوري إلى سلطة الأسد أمر غير ممكن، وإن كان بوتين يملك قليلا من عقل فعليه الإصغاء جيدا للنصائح”، وتابع: “أكثر ما يمكن أن نقدمه له وقف كامل لإطلاق النار شرط البدء بعملية سياسية جادة، وإلا ستبدأ مرحلة جديدة تجعله يترحم على أفغانستان”، وختم بالقول: “إن قرار الفصائل العسكرية جميعا القتال والمواجهة والصمود وبدعم كامل وغير محدود من الحلفاء”.

من جهته، أكد قائد عملية الشاه-فرات الجنرال المتقاعد إحسان بوزكورت أن الأسد لن يتمكن من تكرار العمل الوحشي الذي نفذه في درعا والغوطة في إدلب، مشددا على ضرورة أخذ مساعي السلام البناءة التي تقودها تركيا بعين الاعتبار، وإلا فإنه من الممكن أن يدفع الجميع الثمن غاليا.
   

ربما يعجبك أيضا