بعد مرور ربع قرن، تظل أوسلو مرتبطة في الذاكرة الجمعية بالاتفاقية الرسمية الأولى بين السلطة الوطنية الفلسطينية وبين إسرائيل، ففي 13 سبتمبر 1993 وقع الطرفان اتفاقا للتفاهمات في واشنطن سُمي باتفاق “سلام” بعد مفاوضات سرية جرت في معهد فافو.
في حفل رسمي بحديقة البيت الأبيض في واشنطن العاصمة وقع محمود عباس أبو مازن أمين سر منظمة التحرير الممثل عن السلطة الوطنية الفلسطينية وشيمون بيريز وزير خارجية إسرائيل ووارن كريستوفر وزير الخارجية الأمريكية وأندري كوزيريف وزير الخارجية الروسية.
إبان ذكرى مرور 25 عاما على اتفاق أوسلو أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية إنها ستغلق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، على خلفية دفع السلطة محكمة العدل الدولية إلى التحقيق في الانتهاكات الإسرائيلية للقوانين والأعراف الإنسانية الدولية في معاملة الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، كما أن الإدارة الأمريكية تتهم السلطة الفلسطينية بأنها ترفض دعم خطوات للبدء في مفاوضات مباشرة مع إسرائيل وترفض خطة السلام الأمريكية التي تروج لها إدارة ترامب تحت مسمى “صفقة القرن” دون أن تُعلن تفاصيلها بشكل واضح.
لا شك أن إسرائيل قتلت اتفاق أوسلو على مراحل، واستمرت على نهجها في ابتلاع الأرض الفلسطينية، لتقتل فرصة ميلاد عملية سلام، ولم يكن اتفاق أوسلو سوى لقطات مصورة، ووجوه مبتسمة أمام كاميرات، وجوائز نوبل للسلام، ولم تصبح يوما كـ”صلح الحديبية” مثلما وصفه أبو عمار، وبالنسبة لإسرائيل فهي صك لاعتراف السلطة الفلسطينية بوجودها، قبل أن تخبو السلطة نفسها، بيدها وبيد حماس وإسرائيل، وتظل أوسلو عاصمة هادئة جميلة حاضنة لاتفاق يمكن أن يكون جزءا من التراث الإنساني المعروض في متاحفها.
في مقاله على موقع جريدة معاريف الإسرائيلية، تناول الصحفي أودي سيجال الحديث عن ذكرى اتفاق أوسلو، ووصفه بأنه “جثة السلام اليساري التي يحفظها اليمين في فورمالين، ليحافظ على فشل اليسار، دون تقديم بديل حقيقي لإدارة الصراع أو إنهائه”.
على الجانب الفلسطيني؛ لم يتبق من اتفاق أوسلو سوى أطلال السلطة الوطنية الفلسطينية، التي أصبحت الآن على مشارف السقوط الأخير، لأسباب عدة، في مقدمتها عدم تصحيح المسار، والاهتراء البادي نتيجة عجز قياداتها، وكذلك لاستمرار مسلسل الشقاق بين فتح وحماس، وهو بمثابة النجاح الأكبر لإسرائيل، وأدى الفشل الذريع لحماس وفتح معا إلى تمزق الصف الفلسطيني، بانصراف القيادات للصراعات الداخلية، والتفريط في القضية الرئيسة، ناهيك عن تمزق الأرض ذاتها بين الطرفين، أبي مازن الذي وقع على الاتفاق، وحماس التي عارضته.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=336340