كيف يعمل اليمين المتطرف ضد الدولة في ألمانيا؟

جاسم محمد

رؤية – جاسم محمد

تتزايد الضغوط على هانز-غيورغ ماسن، رئيس مكتب حماية الدستور الألماني، ليس فقط بسبب تصريحاته بشأن أحداث كيمنتس وإنما أيضا بسبب برنامج أذاعته القناة الأولى قد يتسبب في إقالته التي بات الحزب الاشتراكي يشدد عليها.

أحداث كيمنيتس في شرق ألمانيا خلال شهر أغسطس وسبتمبر 2018 دفعت بسياسيين إلى التحذير من مشاهد مصطنعة “لحرب أهلية” يسعى اليمين المتطرف إلى خلقها في شوارع المدن الألمانية. في اعقاب مقتل مواطنا ألمانيا طعنا في كيمنتس يوم 26 أغسطس 2018 خلال شجار مع مهاجرين.

وتشتبه السلطات في تورط ثلاثة أفراد من طالبي اللجوء في الجريمة، ويقبع اثنان منهم حاليا في السجن على ذمة التحقيق، وتبحث السلطات عن الثالث حتى الآن. وفي أعقاب هذه الجريمة اندلعت احتجاجات وأعمال عنف معادية للأجانب في المدينة من جانب عناصر يمينية متطرفة.

وقال وزير الداخلية الاتحادي في ألمانيا هورست زيهوفر – في مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية “د ب أ” عن حزب البديل من أجل ألمانيا- “إنهم يقفون ضد هذه الدولة، رغم أنهم يرددون ألف مرة أنهم ديمقراطيون”.

شكوك حول ماسن مدير الاستخبارات الداخلية

وتأتي انتقادات زيهوفر للحزب اليميني الشعبوي بعد محاولة الحزب إثارة جدل حاد في البرلمان الألماني مؤخرًا حول ميزانية الرئيس الاتحادي فرانك-فالتر شتاينماير، وقال زيهوفر عن ذلك: “هذا أمر هادم للدولة”. أعرب وزير الداخلية الألماني عن “دعمه الكامل” لرئيس هيئة حماية الدستور عقب تصريحاته المثيرة للجدل بخصوص أحداث كيمنتس. موقف طرح أكثر من علامة استفهام لدى الاشتراكيين بل ذهب بعضهم إلى حد التشكيك في مستقبل الائتلاف الحاكم.

وجه رئيس مكتب حماية الدستور الألماني الاستخبارات الداخلية، ماسن، اتهامات لحساب على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” يحمل اسم “أنتيفا تسكنبيس”.

وذكر في تقريره من أربع صفحات أنه من المرجح أن هذا الحساب وضع عن عمد عنوان “مطاردات في كيمنتس” على الفيديو، الذي من المفترض أنه يثبت وجود “مطاردات” في المدينة ضد أجانب، “لإحداث تأثير معين”.

قبل بضعة أسابيع، وفي التقديم الرسمي للتقرير السنوي لمكتب حماية الدستور حول الوضع الأمني الداخلي بألمانيا لعام 2017، حصل حزب “البديل من أجل ألمانيا” على معلومات واردة في هذا التقرير من قبل رئيس الجهاز الاستخباراتي شخصيا، هانس-غيورغ ماسن، وذلك حسبما أكد النائب عن الحزب الشعبوي، شتيفان براندنار،  لبرنامج “كونتراست” الذي تبثه القناة الأولى الألمانية  (ARD).

وكانت تقارير إعلامية أخرى قد أوردت في السابق أن ماسن سبق له أن التقى أيضا بزعيمة “البديل” السابقة فراوكه بيتري وعدد آخر من نواب الحزب. ويواجه هانس-غيورغ ماسن منذ مدة اتهامات من قبل حزبي اليسار والخضر (معارضة بـ”صلته المثيرة للجدل” بالحزب الشعبوي).

وبرر رئيس الاستخبارات الداخلية الألمانية هانز-غيورغ ماسن، تصريحاته حول الاعتداءات ضد الأجانب في كيمنتس بالخوف من حملات التضليل، فيما عبر وزير الداخلية هورست زيهوفر عن قلقه إزاء العناصر اليمينية المتطرفة في تلك المدينة.

انتقد رئيس هيئة حماية الدستور في ألمانيا “الاستخبارات الداخلية” هانز-غيورغ ماسن، وسائل الإعلام الألمانية، وذلك خلال مثوله مساء يوم  12 سبتمبر 2018 أمام لجنة الشؤون الداخلية التابعة للبرلمان لتوضيح موقف بشأن تصريحاته المثيرة للجدل بشأن وقائع معادية للأجانب في مدينة كمنيتس، شرقي البلاد. وعارض ماسن بذلك تصريحات للمستشارة والمتحدث الحكومي شتيفن زايبرت. وفي معرض رده على سؤال حول ما إذا كان ماسن قد أضر عموما بهيئة حماية الدستور بتصريحاته، قال شوستر: “هناك واحد فقط لديه مشكلة الآن وكلنا يعرف ذلك، وهو السيد جيورج-هانز ماسن نفسه”، وطالب شوستر ممثلي الكتل البرلمانية الأخرى بالتعامل النزيه مع ماسن حتى وإن كانت نتيجة تحليلهم للأحداث تتجه نحو “الاستقالة أو الإقالة”.

النتائج

مدير الاستخبارات الداخلية الألمانية، ماسن ما زال متهما، بتعاطفه مع اليمين المتطرف، كيف يشكك ، مسن في شواهد وأدلة  تثبت، بأن الأجانب في مدينة كمينتس أصبحوا مطاردين من قبل “النازية”. بإعتباره هو المعني عن الامن الداخلي للولايات الألمانية، تكذيب ماسن، وللشواهد وتقليل خطر وفوضى اليمين الشعبوي، بحد ذاته، مؤشر خطير في مهنية رئيس الاستخبارات الداخلية.

هذا التهاون والتعاطف مع اليمين المتطرف، سبقه، اتهام قيادي اشتراكي في ألمانيا رئيس الاستخبارات الداخلية  يوم 09 سبتمبر 2018 بتقديم “مشورة ودية” لحزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني الشعبوي المعارض ليفلت من مراقبة الاستخبارات.

واستند رالف شتغنر، نائب رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي في اتهامه إلى تقارير بأن رئيس الاستخبارات الداخلية هانس غيورغ ماسن التقى عدة مرات الرئيسة السابقة لحزب “البديل” فراوكه بتري حيث تناول الاثنان الطريقة التي يمكن لـ”البديل” من خلالها أن يفلت من مراقبة الاستخبارات الداخلية.

يعتبر صعود حزب البديل من أجل ألمانيا إلى البرلمان الألماني، في الانتخابات الألمانية العامة الأخيرة في سبتمبر 2018، “خرق” للدستور الألماني.

لقد نجح اليمين المتطرف “النازية” في ألمانية، تجنب الدستور الألماني، بالنأي بنفسه”حزب البديل من أجل ألمانيا” عن التطرف اليمين من أجل الحصول على “الشرعية” والعمل السياسي. مايقوم به حزب البديل، هو أخطر من التظاهرات والاغتيالات التي تسود مدن ألمانيا خاصة الشرقة ومن فبركة الاخبار الكاذبة وصناعة الكراهية. حزب البديل الآن “يعمل” ضد الدولة، وليس ضد الحكومة تحت شعار “نحن الشعب” أو “أوروبيون وطنيون” جميعها تعود بألمانيا إلى “النازية” ما قبل الحرب العالمية الثانية.

ومن المتوقع أن يتصاعد دور اليمين الشعبوي على مستوى الشارع، ما أظهرته تظاهرات كمينتس من فوضى ومن أشخاص يؤدون “تحية هتلر” النازية أمام أعين أجهزة الاستخبارات والشرطة، يعتبر خرقا للدستور الألماني وبادرة لم تشهدها ألمانيا بهذا الحجم.

البديل من أجل ألمانيا بات يهدد الأحزاب السياسية الأخرى، وخاصة الأحزاب اليمين المتوسط مثل الحزب البافاري الألماني وحزب المسيحي الديمقراطي بزعامة ميركل، كون أصوات الناخبين بدأت تذهب إلى حزب البديل من أجل ألمانيا، رغم “يمينية” تلك الأحزاب باعتبار “حزب البديل” أكثر وضوحا في أهدافه ضد الهجرة واللجوء.

باتت ألمانيا تعيش مرحلة جديدة، تتسم بتغيير خارطة موازين القوى السياسية الألمانية الداخلية، وتراجع الأحزاب التقليدية مثل الحزب الاشتراكي الديمقراطي والحزب المسيحي الديمقراطي وأحزاب اخرى، هذا من شأنه يضعف الدولة ويضعف الحكومة ودورها في المسرح السياسي الداخلي والأوروبي والدولي.

وما ينبغي على ألمانيا، أن تفعله، هو تفويض أجهزة استخباراتها، بمراقبة عمل حزب البديل “السري” غير المعلن، بإثارة العنصرية وتحشيد التظاهرات من أجل إضعاف الحكومة والدولة.
 
 

ربما يعجبك أيضا