التنمر الإلكتروني وانتهاك الخصوصية.. بلطجة من نوع آخر

مها عطاف

رؤية – مها عطاف

انتشر مقطع فيديو بسرعة البرق، خلال ساعات قليلة، على مواقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” و”تويتر”، رصد تلميذًا مصريًا، في المرحلة الأولى بالدراسة، وهو يبكي بشدة ويترجى معلمته ليذهب إلى النوم، وذلك تزامنًا مع بداية الدراسة، وتلقى هذا الفيديو الآلاف من التعليقات بين السخرية والضحك والاستياء، وممن قاموا بتصوير هذا الطفل، دون الحصول على إذنه أو إذن ولي أمره، واعتبروا ما حدث انتهاك لخصوصية الغير، بينما لم يدرك كثير من النشطاء أن ما حدث مع هذا الطفل، هو شكل من أشكال التنمر الإلكتروني!

“الطفولة والأمومة” يطالب بالتحقيق في الواقعة

علق المجلس القومي للطفولة والأمومة، في بيان له، على الفيديو المتداول، أنه يعد نوعًا من أنواع التنمر الإلكتروني، وطالب المجلس بوقف عرض هذا الفيديو في وسائل الإعلام المختلفة ووسائل التواصل الاجتماعي، موضحًا أنه يمثل انتهاكًا لحقوق الطفل الواردة بالمواثيق الدولية والقوانين الوطنية، والذي يحظر تصوير أو نشر أي مواد إعلامية تحتوي على مشاهد مسيئة للأطفال أو التشهير بهم.

التنمر الإلكتروني.. بلطجة من نوع آخر

لم يقتصر التنمر الإلكتروني على الأطفال فقط، خاصة أن الأرقام تشير إلى أن حالات التنمر الإلكتروني والمضايقة عبر الإنترنت تمثل مشكلة كبيرة للشباب على شبكات التواصل الاجتماعي، ويشير تقرير من مركز أبحاث التنمر عبر الإنترنت عام 2016 إلى أن 33.8٪ من الطلاب بين 12 و17 عامًا كانوا ضحايا التنمر عبر الإنترنت في حياتهم، في المقابل أشار 11.5٪ من الطلاب بين 12 و17 عامًا إلى أنهم شاركوا في التنمر عبر الإنترنت.

وهناك أسباب كثيرة قد تدفع أحدهم لمضايقة الآخرين، ليس بالضرورة لتحقيق نفع شخصي ففي معظم الأحيان تكون الأسباب نفسية بحتة، وبعض الممارسات الخاطئة في النشأة والتربية أو ربما المجتمع الذي تربى فيه الشخص قد يؤدي إلى مشاكل في الشخصية تنعكس على تصرفاته تجاه الآخرين سلبًا.

التنمر الإلكتروني قد يسبب الانتحار!

في الآونة الأخيرة شاهدنا كثيرا من الحالات التي مورس فيها التنمر الإلكتروني والذي أدى بدوره إلى ما هو أكبر من الفعل ذاته.

كانت الحالة الأكثر ألمًا، لفتاة قام شاب بابتزازها بنشر صور لها في أوضاع غير ملائمة، فما كان من الفتاة سوى الانتحار!

وتؤكد هذه الواقعة ما توصل إليه الباحثين حول زيادة نسب معدلات وحالات الإكتئاب عند الشباب نتيجة التنمر الإلكتروني، فمن المحتمل أن يكون المراهقون المائلون للاكتئاب أهدافًا للتنمر أكثر من أقرانهم، ومع ذلك وجدت كثير من الدراسات التي أُجريت أن التنمر الإلكتروني سبق اكتئاب المراهقين، مشيرة إلى علاقة سببية، كما توصل البحث إلى أنه كلما زاد عدد حالات تعرض المراهق للتنمر الإلكتروني، ازدادت أعراض اكتئابه حدة.

انتهاك الخصوصية في التصوير والنشر

ولم يأتي التنمر الإلكتروني من فراغ، فلابد أن يكون وراءه انتهاكًا صريحًا للخصوصية عن طريق التصوير والنشر، وقد زادت مثل هذه الممارسات في الآونة الأخيرة، فتصاعدت ظاهرة انتهاك الخصوصية بكاميرات المحمول، حيث يتم تصوير ضحايا الحوادث والسيدات والفتيات خلال الأعراس والمناسبات وأثناء التسوق ثم بث هذه المقاطع عبر مواقع التواصل الاجتماعي والتهكم عليها، وأصبح هذا الأمر يتعدى خصوصية المكان والإنسان حيث يتم تصوير عمل بعض الأشخاص، وهذا يعد انتهاكاً لحقوق وإنسانية الغير.

تجريم وعقوبات

إذا كنت من المهووسين بتصوير الآخرين، ونشر الصور والفيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي ومشاركتها مع أصدقائك، فمن الأفضل أن تتوقف عن ذلك الفعل فورًا، لأنه يعتبر انتهاكًا للخصوصية، مما يعني أنك معرض لعقوبة قد تصل إلى الحبس والغرامة، وهو الأمر الذي لا يأبه له الكثيرون، حيث خصص قانون العقوبات المصري، بالحبس مدة لا تزيد عن سنة كل من اعتدى على حرمة الحياة الخاصة للمواطن، وذلك بأن ارتكب أحد الأفعال الآتية في غير الأحوال المصرح بها قانونا أو بغير رضا المجني عليه، التقط أو نقل بجهاز من الأجهزة أيا كان نوعه صورة شخص في مكان خاص، ولا يقتصر التجريم على الشخص القائم بالتقاط الصورة فقط وفقا للنص السابق، ولكن التجريم يمتد ليشمل كل من سهل أو أذاع أو شارك في نشر الصورة.

ربما يعجبك أيضا