ألمانيا.. تحديات داخلية وخارجية تواجه الحكومة الائتلافية

جاسم محمد

رؤية ـ جاسم محمد
 
لم تتردد “أنجيلا ميركل” أن تندد  بـ”عمليات المطاردة الجماعية” التي يقوم بها متعاطفون مع اليمين المتطرف ضد الأجانب في ألمانيا، خلال شهر أغسطس 2018 في مدينة “كمينتس” الألمانية، وأكد المتحدث باسم المستشارة الألمانية “شتيفان سايبرت” ألا مكان لهذه الأحداث في دولة القانون التي نعيش فيها، مؤكدا إدانتها بأكبر قدر من الحزم.
 
ووصل الخلاف إلى إعلان زيهوفر نيته الاستقالة من منصب وزير الداخلية، ثم علق القرار لإجراء محادثات أخيرة مع أنجيلا ميركل، وقام زيهوفر بالتهديد بفرض إجراءات جديدة على الحدود، وهو ما تعارضه المستشارة، واقترح حزب المستشارة إنشاء مناطق خاصة على الحدود الألمانية مع النمسا بحيث يتم احتجاز المهاجرين المسجلين في بلدان أوروبية أخرى قبل إعادتهم إليها، وهو الحل جعل الخلاف ينتهى مبدئيا بعد أن وافق عليه الطرفان، وأعلن زيهوفر بقاءه في منصبه، وقال -بعد ساعات قضاها في المحادثات مع المستشارة- لقد اتفقنا.
 
وفي حديث إلى أستاذ العلوم السياسية في جامعة ماينز الألمانية الدكتور “علاء الحمارنة”، قال: إن قدرة ميركل على التحرك والمناورة وفرض السياسيات ضعفت، وبشكل حقيقي، مردفًا إن مستقبلها السياسي أصبح “مشككًا فيه” بأقل تقدير.
 
وأظهر استطلاع للرأي أجراه معهد “يوغوف” في يونيو 2018، ان المستشارة تتمتع بتأييد أقوى بين ناخبي حزب الخضر بنسبة 66% يليها ناخبوا حزب اليسار 48% ثم الحزب الديموقراطي الاشتراكي المشارك في الائتلاف الحاكم 45% والحزب الديموقراطي الحر 45% وحزب البديل الشعبوي 6%.
 
خلافات ألمانيا مع دول أوروبا الشرقية
 
شبّ خلاف بين المستشارة الألمانية “أنجيلا ميركل”، ورئيس الوزراء المجري “فيكتور أوربان” في يوليو 2018 بشأن المسؤوليات التي تقع على عاتق أوروبا تجاه اللاجئين الباحثين عن ملاذ آمن في أوروبا، وذلك خلال لقائهما في برلين، وأكدت على أن جوهر أوروبا هو الإنسانية، وإذا ما أردنا الحفاظ على هذا الجوهر والاضطلاع بدور فيما يتعلق بهذه القيم فيجب على أوروبا ألا تدير ظهرها للعوز والمعاناة.
 
أعلن “أندريه بابيش” -رئيس وزراء جمهورية التشيك في يونيو 2018- أن مطلب حلفاء المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل المحافظين في ولاية بافاريا بفرض عمليات تفتيش على الحدود داخل الاتحاد الأوروبي للحد من وصول المهاجرين إلى ألمانيا غير مقبول بالنسبة لجمهورية التشيك المجاورة، ويقول “بابيش”: إن الاتحاد الذي يضم 28 دولة أمامه الكثير الذي يتعين القيام به، فيما يتعلق بمسألة المهاجرين لكن يتعين ألا ينسى مبادئه الأساسية ومنها حرية الحركة. وجمهورية التشيك عضو في منطقة شينجن للحدود المفتوحة بين دول الاتحاد.
 
أكدت المستشارة الألمانية “أنجيلا ميركل” في فبراير 2018، أنها تريد فتح فصل جديد منتظر منذ سنوات، في العلاقات بين بلادها وبولندا، وكانت ألمانيا قد وجهت انتقادات حول مسألة رفض الموافقة على حصص اللاجئين، وكانت قد حذرت بولندا  في يناير2018 ، من أنها لن تتراجع عن رفض استقبال لاجئين في إطار الآليات الأوروبية للتعويضات، وحول توزيع تدفق المهاجرين.
 
الخلاصة
 
ما زالت ميركل تعاني الكثير من الأزمات داخل الائتلاف الحاكم، رغم ما قدمته من تنازلات لحليفها البافاري زيهوفر، وزير الداخلية، ومن المتوقع أن تشهد ميركل مزيدا من التحديات في استمرار الائتلاف الحاكم، بسبب خلافاتها الاساسية مع وزير داخليتها زيهوفر هورست.
ميركل لم تستطع بعد أن تلعب دور المنقذ الى هذا الاتحاد، كونها لم تعد ميركل ما قبل تشكيل الائتلاف الحاكم في نوفمبر 2017، بعد ان قدمت جميع ما لديها من تنازلات مقابل الاحتفاظ بمنصب المستشارية، وهذا ما أثر كثيرا في شعبيتها، والدور الذي من الممكن أن تلعبه في المشهد السياسي الداخلي والدولي.
 
عدة عوامل تهدد هذا ميركل والاتحاد الأوروبي معا، باعتبار المحور الذي يراهن عليه الاتحاد إلى جانب فرنسا، الانقسام داخل الاتحاد أصبح  يضرب بكل الاتجاهات، أبرزها الخلاف مع الكتلة الشرقية “فيسجراد” التي تتمترس نحو غلق الحدود والدولة القومية، والتي تتناقض أصلا مع مبادئ الاتحاد الأوروبي.

ربما يعجبك أيضا