اليوروبول… نقص في الموارد وتحديات أمنية كبيرة

دعاء عبدالنبي

رؤية ـ جاسم محمد

تسعى المفوضية الأوروبية، إلى تعزيز التعاون الاستخباري ما بين المفوضية الأوروبية والدول الأعضاء داخل هذا الاتحاد، إلى جانب إيجاد تعاون استخباري دولي بضمنه مع دول منطقة الشرق الأوسط لمواجهة التحديات الأمنية. وفي أعقاب فشل دول الاتحاد الأوروبي من إيجاد منظومة استخبارية أو جهاز استخبارات أوروبية موحد، وجد هذا الاتحاد نفسه امام خيار إنشاء “اليوروبول” ـ المركز الأوروبي لمكافحة الإرهاب الذي يتخذ من “لاهاي” الهولندية مقرا له.

“اليوروبول”

هي وكالة تطبيق القانون الأوروبية، وظيفتها حفظ الأمن في أوروبا عن طريق تقديم الدعم للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في مجالات مكافحة الجرائم الدولية الكبيرة والإرهاب تمتلك الوكالة أكثر من 900 موظف في مقرها الرئيسي الكائن في لاهاي في هولندا، وهي تعمل بشكل وثيق مع أجهزة أمن دول الاتحاد الأوروبي ودول من خارج الاتحاد منها أستراليا وكندا والولايات المتحدة الأمريكية والنرويج.

وهي تقدم خدمات إلى الوكالات الاستخباراتية لتجنب وقوع الجرائم وللتحقيق فيها في حال وقوعها ولتعقب وإلقاء القبض على مرتكبيها.
ويأتي موظفو “اليوروبول” من فروع أمنية مختلفة بما في ذلك أجهزة الشرطة العادية وشرطة الحدود وشرطة الجمارك وغيرها، وبدأت الوكالة القيام بمهامها في يوليو عام 1999.

وأكد مدير منظمة الشرطة الأوروبية “يوم 14 يناير 2015 تحذيراته لمديري أجهزة مخابرات وزعماء بعض الأحزاب السياسية عقب اعتداء باريس، قائلا: “إن وكالات الأمن الأوروبية تواجه فجوة في القدرات يمكن أن تترك بلادها في خطر..(..)”. وأكد وينرايت، مدير المنظمة، آنذاك بوجود 5000 مقاتل من أوروبا في سوريا والعراق، وأن عودة 30% من هذه الجماعات إلى أوروبا من شأنها تستغل حرية الحركة داخل دول الشنغن لتنفيذ عمليات ارهابية. 

التعاون الأمني بين وكالة الشرطة الأوروبية “يوروبول” ودول عربية وإسلامية (الجزائر ومصر والأردن ولبنان والمغرب وتونس وتركيا) خلال شهر يونيو 2018 لتعزيز التعاون في مجال تبادل المعلومات والبيانات الشخصية للأفراد. وفي هذا الأطار، أكدت “كاثرين دي بولي مديرة اليوروبول في يونيو 2018 ، أن دعم الدول الأعضاء في مكافحة الإرهاب سيظل أولوية أولى، وأضافت أنه لابد من تبادل المعلومات والبيانات على أعلى مستوى لمكافحة الإرهاب.

واتفقت الدول الأعضاء في وقت سابق، على لوائح جديدة في مجال تبادل المعلومات، والتي تسمح لليوروبول أن يلعب دورا أكبر في تحليل المعلومات وتبادلها لتقديم المعلومة إلى الأطراف المهتمة بها ومنها على سبيل المثال تقديم المعلومات المطلوبة لمواجهة الجريمة عبر الحدود وأمور أخرى. 

وتركز “كاثرين بولي” مديرة اليوروبول الجديدة، على العمل الميداني بحيث يكون عناصر الإنتربول منتشرين على أرض الواقع لتقديم المساعدة للناس وللمحققين في التحقيقات التي تجرى في ملفات مختلفة. وتسمح اللوائح الجديدة في مجال التعاون الاستخباري أن يلعب اليوروبول دورا أكبر في تحليل المعلومات وتبادلها لتقديم المعلومة إلى الأطراف المهتمة بها ومنها على سبيل المثال تقديم المعلومات المطلوبة لمواجهة الجريمة عبر الحدود وأمور أخرى.

النتائج

إن التحديات الأمنية التي تواجهها دول الاتحاد الأوروبي، الأعضاء، بدون شك هي اكبر بكثير من قدرات وامكانيات المفوضية الأوروبية، وتتركز هذه بنقص في الموارد المالية، التمويل، وكذلك بنقص عدد العاملين في اليوروبول ، المركز الأوروبي ـ لاهاي.

وربما حجم التهديدات ونقص الموارد، لا يمكن اليوروبول ـ المركز الأوروبي، من تغذية أجهزة استخبارات الدول الأعضاء بالمعلومات، التي تتركز حول تهديدات الجماعات المتطرفة العابرة للحدود الخارجية او فضاء الشنغن والحدود الداخلية، رغم أن حماية الحدود الداخلية والخارجية هي من مسؤولية وكالة “فرونتكس” التي تقوم برصد الأشخاص القادمين إلى دول الاتحاد وتدقيق وثائقهم.

لكن بالتأكيد هناك فرق ما بين عمليات نشر “حرس الحدود” المهام التي تقوم بها فرونتكس التي تتخذ من بولونيا مقرا لها وما بين المركز الأوروبي في لاهاي، الأخير يعنى برصد التهديدات الإرهابية خارجيا وداخليا، وجمع المعلومات الاستخبارية والبيانات، وكذلك التعاون الاستخباري، والذي تعول عليه المفوضية الأوروبية كثيرا.

اليوروبول ـ المركز الأوروبي لمكافحة الإرهاب، في لاهاي، عملياتيا، لم ينجح بالكشف عن خلايا إرهابية اوالقيام بعمليات إستباقية او وقائية لاحباط عمليات إرهابية محتملة، وفق التقارير المعلنة. ما ظهر عن المركز الأوروبي لمكافحة الإرهاب ـ اليوروبول، هو، تحذيرات من وقوع عمليات إرهابية بين فترة واخرى وإصدار التقارير حول المقاتلين الاجانب، والتهديدات القائمة.

وبعد مراجعة حملات المداهمات والعمليات الاستباقية داخل دول الاتحاد، تبين أن اجهزة الاستخبارات الأوروبية، خاصة الفرنسية والألمانية والبلجيكية، لم تعول على المركز الأوروبي، بقدر ما تعتمد على جهودها في مكافحة الإرهاب.

وهذا يؤيد فكرة بأن المركز الأوروبي ـ لاهاي، ما زال ليس في المستوى المطلوب، في مواجهة التهديدات. المركز الأوروبي، أيضا لا يمكن أن يكون بديلا لجهاز استخبارات، دول الاتحاد، بعد فشلها في الوصول إلى اتفاق لتشكيل جهاز استخبارات أوروبي، والذي يبدو لحد الآن، بعيد المنال إلى دول الاتحاد، على المدى القريب والمتوسط.

التوصيات

التعاون الاستخباري، اليوم أصبح أكثر حاجة ما قبل عام 2014، وما بعد تدفق موجات من مقاتلي تنظيم داعش إلى أوروبا، وتصاعد وتيرة التطرف وأنصار الجماعات المتطرفة داخل أوروبا. وهذا ما يتطلب من الاستخبارات الأوروبية، على مستوى “اليوروبول” أو الدول الأعضاء، ألا تتعامل مع دول المنطقة، بطريقة فوقية، بعد أن أثبتت حكومات ودول بعض دول المنطقة، الشرق الأوسط، بالتعامل مع جاليات مختلفة الأجناس والأديان والأعراق، واعتمادها سياسات ناعمة، في منع التطرف ومكافحة الإرهاب.

وينبغي على “اليوروبول” ألا يطلق تحذيرات من وقوع عمليات إرهابية محتملة، دون أن يعطي، مؤشرات لذلك، لكي لا تكون مجرد مهمة روتينية، لإسقاط المسؤولية عنه في حالة وقوع أعمال إرهابية.

بات ضرورياً ضخ موارد مالية جديدة إضافية إلى أجهزة الشرطة والاستخبارات لدول أوروبا مع التركيز بصفة خاصة على المخابرات وتعيينات إضافية والإنفاق على وسائل المراقبة الفنية والإلكترونية.

ربما يعجبك أيضا