واشنطن تصر على إيقاف مبيعات النفط الإيراني .. وسط حديث عن إعفاءات للمشترين

يوسف بنده

رؤية

استقرت أسعار النفط، أمس الجمعة، بعد أن قفزت في وقت سابق من هذا الأسبوع إلى أعلى مستوياتها في 4 سنوات، وأنهت عقود برنت والخام الأمريكي الأسبوع على مكاسب قبل شهر من سريان عقوبات أمريكية على صادرات إيران النفطية.

وأنهت عقود خام القياس الأمريكي غرب تكساس الوسيط جلسة التداول مرتفعة سنتا واحدا لتبلغ عند التسوية 74.34 دولار للبرميل.

وتراجعت عقود خام القياس العالمي مزيج برنت للتسليم في ديسمبر/ كانون الأول 42 سنتا لتبلغ عند التسوية 84.16 دولار للبرميل. وسجل برنت يوم الأربعاء أعلى مستوى منذ أواخر 2014 عند 86.74 دولار.

وبحسب “رويترز”، ينهي الخام الأمريكي الأسبوع مرتفعا حوالي 1.3 بالمئة بينما صعد برنت نحو 1.4 بالمئة.

ومما قيًد مكاسب الأسعار هذا الأسبوع، تصريحات السعودية وروسيا بأنهما ستزيدان الإنتاج للتعويض عن جزء على الأقل من النقص في الإمدادات من إيران، ثالث أكبر منتج في منظمة أوبك، بسبب العقوبات التي سيبدأ سريانها في الـ4 من نوفمبر/ تشرين الثاني.

وتريد واشنطن من الحكومات والشركات حول العالم أن تتوقف عن شراء النفط الإيراني من أجل الضغط على طهران لإعادة التفاوض على الاتفاق نووي.

وذكرت وكالة أنباء “بلومبرج” أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أصر على أن المملكة تفي بوعودها لتعويض إمدادات الخام الإيراني المفقودة. وقال: إن السعودية تضخ الآن حوالي 10.7 مليون برميل يوميا ويمكنها ضخ 1.3 مليون برميل يوميا إضافية “إذا احتاجت السوق ذلك”.

ويتوقع محللون كثيرون أن تهبط صادرات إيران من النفط الخام حوالي مليون برميل يوميا.

وكانت الولايات المتحدة الأمريكية قد أعادت فرض حظر واسع النطاق ضد إيران اعتبارا من يوم 7 أغسطس/ آب 2018، والتي كانت معلقة في السابق نتيجة للتوصل إلى خطة العمل الشاملة المشتركة بشأن البرنامج النووي الإيراني بين إيران والسداسية الدولية، والتي انسحبت منها الولايات المتحدة في مايو/ أيار الماضي.

والحزمة الثانية من هذا الحظر ستكون سارية المفعول اعتبارا من نوفمبر المقبل، وتشمل قطاع الطاقة بالإضافة إلى عمليات التبادل المتعلقة بالمواد الهيدروكربونية الخام والتي لها علاقة ببنك إيران المركزي.

السعودية تعوض

وقد أكد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أن الدول النفطية من أعضاء منظمة أوبك وغير الأعضاء فيها تصدر برميلين إضافيين من النفط مقابل برميل واحد مفقود من طرف إيران.

وقال محمد بن سلمان -في تصريح لوكالة “بلومبرج”- ردا على سؤال بشأن طلب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تخفيض أسعار النفط: “في الحقيقة فإن الطلب الذي قدمته أمريكا للسعودية والدول الأخرى الأعضاء في أوبك هو التأكد من أنه إذا كان هناك نقص في المعروض من قبل إيران فإننا سنوفر ذلك وقد حصل ذلك”.

وأوضح: “بسبب أن إيران مؤخرا خفضت صادراتها بحوالي 700 ألف برميل إن لم أكن مخطئا، وقد قامت السعودية وشركاؤها من كبرى الدول الأعضاء وغير الأعضاء في أوبك بزيادة صادراتها بحوالي 1.5 مليون برميل يوميا”.

وتابع قائلا: “لذلك نحن نصدر ما يقدر ببرميلين إضافيين مقابل أي برميل مفقود من طرف إيران مؤخرا، لذا نحن قمنا بعملنا وأكثر، نحن نعتقد بأن الأسعار المرتفعة لدينا في الشهر الماضي ليست بسبب إيران فهي على الأغلب بسبب الأمور التي تحدث في كندا والمكسيك وليبيا وفنزويلا وغيرها من الدول التي أدت إلى ارتفاع السعر قليلا ولكن بسبب إيران بالطبع لا”.

وأكد أن “سعر النفط يعتمد على العرض والطلب”، مضيفا أن “ما التزمنا به في السعودية هو التأكد من عدم وجود نقص في المعروض. لذلك نحن نعمل مع حلفائنا في أوبك والدول غير الأعضاء في أوبك للتأكد وجود معروض مستدام لدينا من النفط”.

روسيا مطمئنة

قال وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك، إنه لا يوجد احتمال لأزمة نفط عالمية جديدة بسبب الموقف مع إيران، وأنه من المستبعد أن تتكرر أزمة عام 1973.

وحسب وكالة “سبوتنيك” الروسية، قال نوفاك -في رد على سؤال حول إمكانية تكرار أزمة مشابهة لأزمة عام  1973 بسبب موقف الولايات المتحدة من إيران- “أرى أنه لا يوجد أي احتمال، الموقف مختلف تماما في الوقت الحاضر”.

وأضاف: “بالإضافة إلى ذلك، هناك آليات لموازنة العرض والطلب، ربما يستغرق هذا بعض الوقت، لكن الوضع الآن أكثر استقرارا”.

وأوضح أنه يتم إنتاج 100 مليون برميل من النفط يومياً في العالم، وبسبب إيران، قد يخسر السوق 2.7 مليون برميل يومياً – وهذا هو الحجم الحالي للإنتاج في هذا البلد.

إعفاءات

وقد قال مسؤول في الحكومة الأمريكية، أمس الجمعة، إن إدارة الرئيس دونالد ترامب تدرس منح إعفاءات من العقوبات التي ستفرضها الشهر المقبل للدول التي تخفض وارداتها من النفط الإيراني.

وحسب رويترز، قال المسؤول، إن الإدارة الأمريكية ”في خضم عملية داخلية“ لدراسة منح إعفاءات للتخفيضات الكبيرة.

وكانت تلك أول مرة يقول فيها مسؤول أمريكي: إن الإدارة بصدد دراسة منح إعفاءات. وقال وزير الخارجية مايك بومبيو في الهند الشهر الماضي إن الإدارة ستدرس منح إعفاءات وإن بعض مشتري النفط الإيراني سيستغرقون ”بعض الوقت ” لوقف تعاملهم مع إيران.

وقال مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون يوم الخميس إن هدف الإدارة هو عدم منح إعفاءات ”وتراجع صادرات النفط والغاز والمكثفات الإيرانية إلى صفر“. وأضاف إن الإدارة لن تحقق ذلك بالضرورة. وقال المسؤول إن الإدارة ” مستعدة للعمل مع الدول التي تخفض وارداتها على أساس كل حالة على حدة“.

وقد توقفت شركة “لوك أويل” (واحدة من أكبر شركات النفط والغاز في العالم) عن شراء النفط الخام من إيران.

وأفادت وكالة أذرتاج نقلا عن وسائل الإعلام الخارجية أن رئيس شركة “لوك أويل” واحد علي أكبروف قال إن هذا في أعقاب إعادة فرض عقوبات أميركية على طهران.

عائدات إيران

وقد أعلن مساعد رئیس الجمهوریة رئیس منظمة التخطیط والمیزانیة، محمد باقر نوبخت، عن نمو عائدات ایران النفطیة بنسبة 61 بالمائة خلال النصف الأول من العام الایرانی الجاری (بدأ فی 21 آذار/ مارس)، مؤکداً بأن زیادة أسعار النفط جعلت الحظر النفطی الأمیرکی ضد ایران عدیم الأثر.

وفی تصریح أدلى به للصحفیین، الخمیس الماضي، على هامش زیارته التفقدیة لمعرض الإمکانیات الصناعیة لمحافظة قزوین فی مدینة (کاسبین) الصناعیة، قال نوبخت: ان حجم عائدات البلاد الذی تحقق خلال الفترة المذکورة یفوق الرقم المتوقع فی المیزانیة بنسبة 16 بالمائة. وأضاف: لقد توقعنا بیع ملیونین و410 آلاف برمیل من النفط الخام یومیاً فی العام الجاری، إلا أن الرقم بلغ ملیونین و557 ألف برمیل.

وتابع مساعد رئیس الجمهوریة: ان ترامب تصور بأنه من خلال فرض الحظر النفطی على ایران وخفض صادراتها ستقل عائدات البلاد النفطیة، إلا أن هذا الأمر لم یحدث بسبب زیادة أسعار النفط. وأشار نوبخت الى أوضاع البلاد المناسبة من حیث العائدات واحتیاطیات العملة الصعبة. وأضاف: لقد نظمنا میزانیة البلاد للعام الجاری على أساس سعر البرمیل الواحد 55 دولاراً، إلا أن بیعنا للنفط بلغ 70 دولاراً للبرمیل.

وقد قلل رئيس البنك المركزي الإيراني، عبدالناصر همتي، من أهمية الدفعة الجديدة من الحظر الأميركي المقررة في 6 نوفمبر/ تشرين الثاني، مشيرا إلى أن مساعي بلاده في الحد من تأثير هذا الحظر قد أعطت نتائجها.

وقال همتي: “لن يكون هناك حدث مهم في نوفمبر، حيث قاموا بكل ما يستطيعون القيام به قبل الموعد ومع حلول نوفمبر لن يكون هناك أي شيء”.

وتابع، “أمريكا ما أرادت أن تقوم به قد قامت به فعلا، فهم عملوا ليلا ونهارا لتعطيل عمل البنك المركزي الإيراني، وإيقاف بيع النفط الإيراني”.

وأضاف: “هم لن ينجحوا بتعطيل المبادلات المالية مع إيران أو إيقاف بيع النفط الإيراني، وأستطيع أن أقول إنه لا توجد هناك أرضية ليقوموا بهذا الأمر، في المقابل مساعي إيران لحل هذه المشكلات قد وصلت لنتيجة”.

النفط الإيراني أولًا

وقد قلّص المشترون في الهند مشتریاتهم من الخام الأمریکي واتجهوا للنفط الإیراني قبیل إعادة فرض الحظر الأمریکي على طهران الشهر المقبل.

وأفادت رویترز، أن بیانات اظهرت أن شحنات النفط الأمریکیة المتجهة إلى الهند هبطت إلى 84 ألف برمیل یومیاً الشهر الماضی بانخفاض نسبته 75% ، عن مستوى قیاسی بلغ 347 ألف برمیل یومیاً في یونیو. وشکلت الهند 12% من صادرات الخام الأمریکي في یونیو.

وقال تاجر في الولایات المتحدة: إن المشترین في الهند زادوا الشهر الماضي مشتریاتهم من الخام الإیراني إلى 502 ألف برمیل یومیاً بارتفاع قدره 111 ألف برمیل یومیاً عن أغسطس قبل فرض العقوبات. مضیفاً: إن هذه الإضافة حلت محل الخام الأمریکي.

وقد أبلغت الحكومة الهندية الولايات المتحدة بأنها معفية من الحظر المفروض علي إيران وروسيا وفقا لقانون العقوبات الأمريكية “كاتسا”.

فقد ذكرت صحيفة ‘هندوستان تايمز’ الهندية أن وقف استيراد الهند للنفط الإيراني سيزيد تكاليف استيراده لتبلغ نحو ستة مليارات دولار وهذا سيلحق أضرارا بالاقتصاد الهندي ومن هذا المنطلق يمكن تبرير إعفاء الهند من الحظر الأمريكي على إيران.

ونقلت الصحيفة عن مسؤول هندي كبير شارك في المفاوضات مع الأمريكان، إن الهند وباعتبارها شريك استراتيجي لأمريكا تعول على إعفائها من العقوبات الأمريكية المفروضة على القطاع النفطي الإيراني وكذلك شراء منظومة صواريخ ‘إس- 400’ الروسية.

الصادرات الأمريكية

وفي المجمل، هبطت الصادرات الأمریکیة 917 ألف برمیل یومیاً إلى 71ر1 ملایین برمیل یومیاً فی الأسبوع الأخیر من سبتمبر، وفقاً لإدارة معلومات الطاقة، حیث بات الخام الأمریکي أقل جاذبیة بعد ارتفاع الدولار، وتقلص فارق السعر بین مزیج (برنت) وخام (غرب تکساس الوسیط). کما أظهرت البیانات أن الصادرات الأمریکیة لدول آسیا هبطت بمقدار 73 ألف برمیل یومیاً إلى 427 ألف برمیل یومیاً الأسبوع الماضي، بینما تراجعت الشحنات الأمریکیة المتجهة إلى أوروبا بمقدار 102 ألف برمیل یومیاً، مسجلة 543 ألف برمیل یومیاً.

ووفقاً للبیانات، فقد زادت صادرات الخام الإیرانیة إلى الصین من 29 ألف برمیل یومیاً إلى 620 ألف برمیل یومیاً، حیث قلصت بکین مشتریاتها من الخام الأمریکی فی ظل الخلاف التجاری المستمر مع الولایات المتحدة.

تشكيك أوروبي

وقد رفض عدد من الشركات النفطية الأوروبية وزبائن النفط الإيراني الرئيسيين في أوروبا مقترح بروكسيل لإنشاء آلية لمقايضة السلع الأوروبية بالنفط الإيراني، للالتفاف على العقوبات الأمريكية وإنقاذ الاتفاق النووي.

وأفادت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية بأن شركتي توتال وإيني وشركة “سيبسا” للبترول الإسبانية أعلنت أنها لن تقبل بالمشاركة في الآلية الأوروبية للتعاون التجاري مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية والالتفاف على العقوبات الأمريكية بسبب المخاطر المترتبة على تلك الخطوة وتفادي العقوبات المالية الأمريكية التي ستفرض عليها في حال استمرار تعاملها مع إيران.

وكانت وكالة “بلومبرج” للأنباء قد أكدت على لسان خبراء اقتصاديين دوليين، أن مقترح أوروبا لإنشاء آلية بديلة تتيح لإيران بيع نفطها وللشركات الدولية التبادل التجاري معها، لن ينجح.

وأوضحت أن هذه الآلية لن تحل مشكلة العقوبات المشددة الأمريكية على الشركات التي تتعامل مع إيران، وأن هذه الشركات ستواجه عقوبات أمريكية ثانوية. وأضاف الخبراء الدوليون أن الشركات لن تجازف بمصالحها في التعامل مع الولايات المتحدة، وأنها لن تقبل مخاطر التعامل مع إيران.

ربما يعجبك أيضا