“أردوغان “يلغي اتفاقه مع “ماكنزي” لتفويت الفرصة على الخصوم

يوسف بنده

رؤية

يحكم القرار الأردوغاني في معالجة الأزمات “المزاج” الذي يغذيه “الغرور”  فالرئيس التركي لا يقبل ولا يتحمل الانتقاد ولا ينصت لتوجيهات الآخرين أو آرائهم فمن يدلي بدلوه أمام “السلطان”، الأمر الذي جعل التعامل في قضايا مصيرية كاقتصاد البلاد يخضع للمزاج والشخصنة ومواجهة الخصوم بدلًا من أن يخضع لصوت العقل والمنطق.

كان وزير المالية التركي براءت ألبيرق (صهر أردوغان) قد أعلن الشهر الفائت أن أنقرة عازمة على العمل مع شركة ماكنزي الأمريكية للخدمات الاستشارية في إطار جهود الدولة لتنفيذ برنامج اقتصادي متوسط الأمد من شأنه النهوض بعملتها واقتصادها المنهار ولم تلق فكرة الاستنجاد بشركة أمريكية للاستشارات من أجل معالجة الأزمة الاقتصادية في تركيا قبول المعارضة فخرج زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض”كمال قليجدار أوغلو” منتقدًا الفكرة .

واتهم قليجدار أردوغان الأسبوع الماضي بالتحيز لشركات أميركية في وقت تعرضت فيه العلاقات مع واشنطن لأزمات بسبب قضية احتجاز القس الأمريكي أندرو برانسون وقضايا أخرى.

ذهب معارضون إلى أن الهدف من اللجوء للتعامل مع شركة ماكنزي في الأساس لم يكن يهدف لمساعدة البلاد في الخروج من أزمتها الاقتصادية بقدر ما هو محاولة حثيثة من أردوغان بالحصول على أرض ومزيد من المصداقية لدى الغرب وأن خطوة كهذه من شأنها أن تؤثر في قرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من داخل بلاده عوضًا عن تقديم التنازلات لحل الخلاف وخاصة إطلاق سراح القس الأمريكي المحتجز في أنقرة .

في ذات السياق، رأى البعض أن تعيين ماكنزي “مناورة” تعكس رضوخ أردوغان لشروط صندوق النقد الدولي  في مقابل مساعدة تركيا على الخروج من أزمتها، لاسيما أن الرئيس التركي لا يرضى ولا يقبل الظهور في صورة الخاضع لشروط المؤسسات المالية الدولية فما كان عليه سوى اللجوء للطرق الملتوية من تحت الطاولة حتى لا يفقد “هيبته” المصطنعة .

قال أردوغان لأعضاء في حزب العدالة هذا الشخص مشيرًا إلى “قليجدار أوغلو” يحاول إحراجنا بإثارة تساؤلات عن شركة استشارية تلقت أجرها بالكامل للمساعدة في إدارة اقتصادنا.

وتابع “ولتفويت تلك الفرصة عليه قلت لكل وزرائي ألا يتلقوا أي استشارة منهم (ماكنزي) بعد الآن”.

وقال أردوغان، أمام اجتماع لحزب العدالة والتنمية الحاكم الذي يتزعمه، إن بلاده منفتحة على كل أشكال الاستثمار والدعم ما دامت تلك الصفقات لا تمس بسيادتها، لكنها لم تطلب أموالا من أي دولة.

لم يعر الرئيس التركي أي أهمية للأزمة الطاحنة التي تتجرعها بلاده والتفت إلى ذاته فقط وسرعان ما أصدر قراره بإلغاء التعامل مع الشركة التي وافق على التعامل معها سابقًا.

تذبذب ومزاجية مفرطة تحكم القرارات بهدف تفويت الفرصة على الخصوم وعدم السماح للشامتين بالتصحيح على مسار الرئيس وقراراته  فأردوغان لن يسمح بالتعديل عليه أو إحراجه وكل ما يهمه صورته وليذهب مستقبل البلاد الاقتصادي إلى الجحيم.

ولا تزال أنقرة تعاني من أزمة اقتصادية حادة فهي في أجواء قلقة لا تسمح بالتردد والتذبذب في القرارات المصيرية التي من شأنها أن تؤثر بصورة سلبية على العملة المنهارة سلفًا وتزيد من ارتفاع نسبة التضخم.

ربما يعجبك أيضا