إيران: “مكافحة تمويل الإرهاب” يصل “صيانة الدستور” والمحافظون يعارضون

يوسف بنده

رؤية

وافق البرلمان الإيراني الأحد الماضي7 أكتوبر/ تشرين الأول، على مشروع قانون مكافحة تمويل الإرهاب (CFT). فقد حضر 271 نائبًا في البرلمان، وافق منهم على مشروع القانون 143 نائبًا، وعارض المشروع 120 نائبًا، بينما امتنع 5 نواب عن التصويت.

والقانون هو واحد من أربعة مشاريع قوانين تقدمت بها الحكومة الإيرانية لتلبية شروط “مجموعة العمل المالي”، الهيئة الحكومية الدولية لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، التي أمهلت إيران حتى أواخر الشهر الحالي لتشديد قوانينها ضد تبييض الأموال وتمويل الإرهاب.

مشروع القانون هذا، الذي سبق أن عارضه المرشد الأعلى في الجمهورية الإسلامية آية الله خامنئي، تمت مناقشته مرة أخرى في البرلمان وحصل على المصادقة من قبل غالبية الأعضاء في الوقت الذي كانت فيه جماعات معارضة لمشروع القانون تتظاهر ضده خارج مبنى البرلمان.

من المثير للاهتمام أن الذين كانوا قلقين من القانون كانوا يتساءلون حول كيفية الاستمرار في دعم حزب الله وحركة حماس وميلشيات ومنظمات أخرى إذا تمت المصادقة على هذا القانون وتطبيقه. التناقض هو في ملاحظة أن هؤلاء يعرفون أن هذه الجماعات مرتبطة مع الإرهاب العالمي، وهو اعتراف يتوافق مع ما يعتقده غالبية الشعب الإيراني.

ولكن يبدو أن اقتراب موعد العقوبات التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتي ستبدأ في 4 نوفمبر/ تشرين الثاني، والتي يتوقع أن تؤثر بشكل كبير على صناعة النفط في إيران، جعل الطريقة الوحيدة الباقية ليقنع النظام الإيراني أصدقاءه في الاتحاد الأوروبي بمساعدته هي في أن يقوم بإجراء إصلاحات على النظام البنكي والانضمام إلى اتفاقية مكافحة تمويل الإرهاب. هذا الانضمام يعطي إيران عاماً للرد على الاتهامات الموجهة ضدها دون وضعها على اللائحة السوداء لمجموعة العمل المالي الدولية، والتي كانت قد أعطت مهلة لإيران تنتهي في 14 أكتوبر/ تشرين الأول.

عيون على صيانة الدستور

ويبدو أن المحافظين المعارضين للإلتحاق بالإتفاقية، مازالوا يراهنون على مجلس صيانة الدستور لتعطيل الموافقة على الإتفاقية أو الاعتراض عليها.

فقد طالب علي شيرازي، نائب المرشد الإيراني علي خامنئي، في فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، برفض معاهدة مكافحة تمويل الإرهاب (CFT) في مجلس صيانة الدستور، بعد موافقة البرلمان عليها، أول من أمس، الأحد.

وانتقد شيرازي اللوائح الأربعة في (FATF)، والتي وافق عليها البرلمان. وأضاف: “من غير المقبول أن نتخلى عن دعم لبنان وسوريا والعراق”.

ويعتبر فيلق القدس من بين خمس وحدات عسكرية خاصة في الحرس الثوري الإيراني، لكنه مسؤول عن عمليات خارج حدود إيران، من بينها العراق وسوريا ولبنان.

ويؤكد بعض النواب في البرلمان الإيراني أنهم تلقوا رسائل تهديد قبل وبعد الموافقة على معاهدة مكافحة الإرهاب في البرلمان.

وقد انضم الرئيس الإيرانى السابق المتشدد أحمدى نجاد، إلى معارضى انضمام إيران إلى الاتفاقية الدولية لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب FATF، والتى صادق البرلمان أمس، الأحد، على إحدى لوائحها الأربع وتنتظر موافقة مجلس صيانة الدستور.
 
وكتب نجاد تغريدة، قائلا: “لا ينبغى التوقيع على أى معاهدة دولية دون تصويت وتأييد الشعب”.
 
رسائل تهديد

وقد وعد خليل موحدي، العضو السابق في مجلس مدينة مشهد، الذي اتهمه محمد نوروزيان، المعاون السياسي-الاجتماعي لمحافظية خراسان الرضوي، بإرسال “رسائل تهديد” إلى نواب البرلمان، بأنه سيعقد مؤتمرًا صحافيًا حول هذا الموضوع قريبًا.

وقال موحدي، أمس الإثنين 8 أكتوبر (تشرين الأول)، لموقع “قدس أونلاين” الإخباري، إنه “سوف يعقد مؤتمرًا صحافيًا، في وقت قريب، حول هذا الموضوع، دون تأكيد أو نفي الأخبار المتداولة”.

ومن حسابه على “إنستغرام”، أعلن موحدي مسؤوليته، بشكل ضمني، عن إرسال الرسائل. وكتب أن إرسال هذه “الرسائل التنويرية” إلى “النواب الأميين الذي دخل بعضهم البرلمان عن طريق القائمة البريطانية”، من “دواعي فخري”، وما كان ذلك “موضوعًا خفيًا”.

إلى ذلك، كان محمد نوروزيان، قد أشار، أول من أمس، الأحد، إلى أن المسؤول الرئيسي عن إرسال “رسائل التهديد” لنواب البرلمان، لا يحتاج الكشف عنه، فهو العضو الأسبق في مجلس بلدية مدينة مشهد، خليل موحدي.

وقال نوروزيان إن المرسلين “زعموا أن الرسائل القصيرة ما كانت تهديدية، وإنما أرسلت فقط لأغراض إعلامية، ومن باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، للنواب”.

ووفقًا لما قاله نوروزيان، فإن عدم تدخل السلطة القضائية في هذا الموضوع يعني أن “إرسال هذه الرسائل القصيرة لا يعتبر جريمة”.

وأضاف معاون محافظ خراسان الرضوي، أنه في يوليو (تموز) الماضي، “تم كشف هوية امرأة  كانت ترسل رسائل، من مدينة مشهد، إلى النواب، وتم استدعاؤها وسماع أقوالها”.

يذكر أن إرسال هذه الرسائل كان متزامنًا مع مناقشة البرلمانيين لمشروع قانون انضمام إيران إلى اتفاقية “FATF”، وأن الرسائل تضمنت، بشكل عام، رد فعل وموقفًا تجاه الانضمام إلى الاتفاقية، والتحذير من تداعيات الموافقة على البنود المرتبطة بها. وكان بعض البرلمانيين قد نشروا، قبل ذلك، صور الرسائل المرسلة إليهم.

وكان نائب قائم شهر في البرلمان، علي إدياني زاده، قد قال، في الأسبوع الماضي، إن الرسائل النصية القصيرة كانت “مهينة” له، وهو ما استدعى تعليق رئيس البرلمان، علي لاريجاني، الذي قال إن الهيئة الرئاسية للبرلمان ستبحث هذا الموضوع، خاصة من ناحية “كيفية حصول هؤلاء على أرقام النواب”. وأضاف: “سنقوم باتخاذ الترتيبات اللازمة لذلك”.

من ناحية أخرى، صرحت النائبة عن طهران، سهيلاء جلودار زاده، لوكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية “إرنا”، بأن “الرسائل أرسلت بصورة جماعية إلى زملائنا الإصلاحيين في البرلمان”، وأن “بعض هذه الرسائل القصيرة أرسلت من أرقام شخصية، وتضمنت كلمات مهينة، وأحيانًا كانت ممزوجة بالتهديدات”.

كما كتبت بروانه سلاحشوري، نائبة طهران بالبرلمان، في حسابها على “تويتر”، أن الرسائل النصية القصيرة المحتوية على “كلمات نابية ولعنة وتهديدات بالقتل”، بدأت بعد تمرير مشروع قانون مكافحة الإرهاب.

ربما يعجبك أيضا